No Script

الولايات المتحدة لم تضعف... لكنّها تُجابه بمنافسين جُدد في الشرق الأوسط

أميركا تحاول بشراسة البقاء على كرسي الزعامة العالمية
أميركا تحاول بشراسة البقاء على كرسي الزعامة العالمية
تصغير
تكبير

يكثر الحديث عن تقهقر الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط بعد انسحابها من أفغانستان، وقرارها وضع حد لتواجد قواتها القتالية في العراق.

غير أنّ هذا الاستنتاج لا يعني أبداً ضعف أميركا أو أنّها «فقدت مخالبها»، فالأمر يتعلق بخيارات الرئيس الأميركي وسياسته وكيفية تعامله مع الدول أو القارات الأخرى وطبيعة التدخل فيها من دون أن تتخلى واشنطن عن أهدافها بالبقاء على عرش تزعم العالم، مهما كثرت الصعاب والتحديات.

وثمة من يعتقد من خصوم واشنطن، أنّ الدور الأميركي عبر العصور أتى بالحروب وعمل على قلب أنظمة وشرّع التدخلات العسكرية وأطلق سلاح العقوبات، في محاولة لفرض التغييرات، بحسب المصلحة الأميركية.

وفي تقدير الخصوم، فإن أميركا تبني سياساتها على أساس علاقات المصالح فقط. وظهر ذلك جلياً إبان ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي دفع سلوكه، العديد من الدول، خصوصاً الأوروبية، لتجنب غضبه، لجهله بالسياسة ونتائج أي قرار يتخذه. غير أنّ هذه السياسة أكسبت أميركا عدداً هائلاً من الأعداء، وأبعدت الحلفاء الأوروبيين عنها، وتالياً فقد دفعت «ضريبة السياسة الهوجاء»، ليأتي الرئيس جو بايدن برؤية مختلفة عن سابقه في البيت الأبيض، ويبتعد عن خيارات «الحروب العبثية».

فاتفاق أميركا - أفغانستان حصل في عهد ترامب وأخرّه بايدن لأشهر، وتالياً فان الانسحاب كان متفقاً عليه سابقاً ولا يعد تقهقراً لأميركا بل قناعة بفشل أهدافها بعد 20 عاماً من التدخل.

أما اتفاق العراق، فأتى بعد اغتيال اللواء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، حين صوّت البرلمان العراقي، في عهد ترامب - المسؤول عن عملية الاغتيال - على قرار يلزم الحكومة بالعمل على إنهاء طلب المساعدة المقدم منها إلى التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وإنهاء أي تواجد للقوات الأجنبية على الأراضي العراقية.

ومرة أخرى، استطاع بايدن تأخير الانسحاب نحو سنة (إلى نهاية العام الجاري) من دون أن يكون انسحاباً كاملاً بل تغيير بعنوان الوجود الأميركي من «قوات قتالية» إلى «قوات تدريبية» أو «قوات استخباراتية مساندة».

أما في سورية، ستبقى القوات الأميركية من دون نية انسحاب، بل تتغاضى إدارة بايدن عن تطور العلاقات السورية - العربية، وتعطي استثناءات للحكومة المركزية، كما فعلت بخط الغاز من مصر إلى الأردن وصولاً إلى لبنان عبر الأراضي السورية، من دون اعتراض السفن النفطية الإيرانية التي تدعم سورية ولبنان.

فمن يشاهد حجم القوات الأميركية الضئيل في معبر التنف الحدودي بين سورية والعراق، يعلم أنّ واشنطن لا تحتاج إلى قوات كبيرة على الأرض لتنفيذ مهماتها وسياستها الديبلوماسية والعسكرية، بل تكتفي بقوات ضئيلة مُزودة بوسائل الاتصال بقوات الطيران وتمتلك الطائرات المسيرة والقوة النارية، لتقضي على أي تهديد كبير أو متوسط.

وتزداد القناعة لدى مهتمين بالسياسة الأميركية، بأنّ واشنطن تستطيع أن تربح أي حرب تخوضها، ولكنّها تفشل في صنع السلام وتتشتت أهدافها لأنّها لا تحاول كسب عقول الشعوب وقلوبها، بل تتعامل وفق مصالحها... لذا فهي تفشل في تحقيق إنجازات من دون أن تكون ضعيفة.

إلا أنّ النموذج الروسي والصيني المختلف عما قدمته أميركا للعالم في العقود الماضية، هو الذي يدفع للقول بـ«الضعف الأميركي» و«الخروج من المنطقة».

من الواضح أنّ أميركا تتنازع على مكانتها وتحاول بشراسة البقاء على كرسي الرئاسة العالمية، إلا أن السنوات المقبلة ستكون حاسمة في تحديد موقعها، لأن الصين وروسيا تدخلان إلى منطقة النفوذ الأميركي بقوة لإنشاء تحالفات جديدة، تشكل خوفاً على الزعامة وليس ضعفاً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي