No Script

«اثنين الغضب» أرْبك القوى الأمنية ومخاوف من احتقاناتٍ «تتغذى» سياسياً

عون في قطر ويتطلّع «لإعادة الأمور إلى نصابها» مع الخليج

تصغير
تكبير

- أمير قطر مستعد للوقوف بجانب لبنان و«مساعدته في المجالات التي يتطلبها نهوضه من الظروف الصعبة التي يعيشها»
- عون: سأغادر قصر بعبدا عند انتهاء ولايتي الرئاسية ولكن إذا قرّر مجلس النواب بقائي فسأبقى
- بري «أقفل» آخِر نافذة لمعالجة قضية بيطار عبر البرلمان: لا مقايضات مع باسيل وليحضر تكتله ويصوّت
- قطع طرق في مناطق عدة وبيروت «شُلّت» ومدارسها أقفلت و«تَوَعُّد» بـ «مَلاحق غضب» أقْربها الأربعاء

شكّل «اثنين الغضب» الذي شلّ مناطقَ لبنانيةً عدة خصوصاً العاصمة بيروت بقطْع الطرق، «بروفةً» لمشهديةٍ يمكن أن تَتَمدّد في الأيام المقبلة في ضوء الأفق المقفل لأزمةِ تعطيلِ انعقاد مجلس الوزراء وانفتاحِ الانهيار المالي على الفصول الأكثر شراسة من التداعيات الاجتماعية والمعيشية التي يُفاقِمها التهاوي التاريخي لليرة أمام الدولار وما يُصنَّف دولياً بأنه واحدٌ من أعمق الانكماشات الاقتصادية في التاريخ الحديث.

ورغم «التباسِ هوية» المجموعات التي أطلقت التحركات الاحتجاجية خصوصاً في بيروت التي أُقفلت المدارس فيها، وسط تَشابُك الدعوات بين تجمعات «أهلية» وبين «ثوار 17 أكتوبر (2019)»، فإن «هبّة» يوم أمس التي اشتملت على قطع طرق في الشمال خصوصاً طرابلس وعكار والجنوب (صيدا) والبقاع وجبل لبنان بما في ذلك طرق ساحلية رئيسية تربط العاصمةَ بالشمال والجنوب وطريق المطار القديمة (الضاحية الجنوبية لبيروت)، تحوّلت محور «تَرَصُّدٍ» في السياسة والأمن بعدما بدا من الصعب فصْلُ أبعادِها و«مَلاحقها» المتوقَّعة عن مجمل انسدادات الواقع اللبناني المربوط عبر «الأوعية المتصلة» باللوحة الاقليمية التي ستنطبع في الفترة المقبلة بـ «هبّات» مفاوضات النووي الإيراني التي تم إحياؤها في فيينا.

توجُّس أمني «موصول» بالسياسة

وعلى وقع توعُّد المجموعات التي «انتفضت» أمس، في ظل غياب تجمعات شعبية، بأن ما حصل هو «أول الغيث» وأن «أيام غضب» أخرى تمت جدْولتها بينها واحدٌ غداً احتجاجاً على الأوضاع المعيشية التي حوّلت الغالبية الساحقة من اللبنانيين «مسحوقين»، فإن أوساطاً واسعة الاطلاع أعربت عن تَوَجُّس من «استنهاض الشارع» على وقع عامليْن مربكيْن:

أولهما اشتداد المكاسرة السياسية بين أركان الحكومة وتحديداً فريق رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري ومعه «حزب الله» على خلفية إصرار الثنائي الشيعي على تنحية المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار أو بالحد الأدنى «كف يده» عن أي ملاحقة لرؤساء حكومة ووزراء.

والثاني «الإيقاظ الخطير» لجبهات «نائمة» مدجّجة بـ «ألغام» طائفية على غرار ما عبّرت عنه اندفاعة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الأحد وما حملتْه من «تفاخُر» ضمني بالوقوف وراء «تساقُط» المنظومة التي أدارت البلاد سياسياً ومالياً منذ 1990 «الواحد تلو الآخر» وما انطوى عليه ذلك من تصويب على كل من الرئيس سعد الحريري والزعيم الدرزي وليد جنبلاط.

ومن هنا، فإن احتجاجاتِ أمس استدعت التعاطي معها على المستوى الأمني بدقة وعناية بالغة، وسط معلومات لـ «الراي» عن أن الوضع في بيروت لم يكن سهلاً في إدارته العسكرية والأمنية نظراً إلى حساسية العديد من المناطق التي شهدت تحركات (لم يَخْلُ بعضها من رمي زيوت على الطرق لفرض منع المرور عليها)، وفي ظل خشيةٍ من تفاعلات على الأرض للمسار «الساخن» سياسياً الذي دشّنته مواقف باسيل أول من أمس والتي ستضع المزيد من الضغوط على القوى الأمنية في المرحلة المقبلة، في ضوء صعوبة الفصل بين التشظيات الاجتماعية للانهيار المتوحّش والارتدادات الشعبية لرفْع المتاريس السياسية.

وأد «الفرصة الأخيرة» وبري «يردّ الصاع» لباسيل

وكي «تكتمل» الصورة القاتمة للمشهد السياسي، بدا أمس أنه تم «وأد» ما جرى التعاطي معه على أنه «وساطة» لإيجاد مخرج لقضية بيطار على قاعدة «مقايضة» بين أن يوفّر تكتل باسيل الغطاء الميثاقي لجلسة نيابية تتولى إحالة المدعى عليهم من المحقق العدلي (الرئيس حسان دياب و4 وزراء سابقين بينهم 3 نواب حاليون) على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، في مقابل تساهُل بري في «مراعاة» رئيس «التيار الحر» الذي يرفض اقتراع المغتربين للنواب الـ 128 كل في دائرته ويصرّ على السير في دورة 2022 الانتخابية بأن ينتخبوا 6 نواب إضافيين على مستوى القارات، وتالياً الإفراج عن جلسات الحكومة.

فعلى وقع «الزيارة الصامتة» التي قام بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، المتريث في الدعوة لجلسة وزارية «تنفجر بالحكومة»، لرئيس البرلمان، «أقفل» الأخير «نافذة» الفرصة الأخيرة لمعالجة ملف بيطار عبر مجلس النواب، مسدّداً مواقف عالية السقف في مرمى باسيل وتكتله على خلفية تصريحات متسلسلة غمزت من قناة بري ودور البرلمان في معالجة ملفات حياتية وعرقلة التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان ناهيك عن تمسُّك باسيل بقصْر أي مشاركة في جلسة نيابية تتصل بكبير المحققين في «بيروتشيما» على الحضور من دون التصويت مع ما يريده الثنائي الشيعي.

ولم تترك «حركة أمل» (يتزعمها بري) مجالاً للشك بعودة كل محاولات الحل «الى الصفر»، إذ اعتبر مكتبها السياسي أن «كل الحديث عن مقايضاتٍ في الشأن القضائي لا أساس أو قيمة لها، وهذا ما ترفضه الحركة ورئيسها»، متهمة باسيل ضمناً الذي وصفته «بالتعطيلي» باستهداف «ما حصل مع غبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال زيارته الأخيرة لعين التينة وبعدها لقاءات رئيس مجلس النواب مع رئيسي الجمهورية والحكومة واللذين يؤكدان الحرص على تصحيح المسار القضائي عبر الالتزام بنصوص الدستور والقانون».

وفي ما يتعلق بالتدقيق الجنائي، شدّدت «على الاسراع في إنجاز الأمر وتحديد واضح لأي معرقل له حتى لا يبقى هذا الملف شمّاعة لتغطية الفشل في إدارة الملفات الاساسية للدولة»، معتبرة «أن القرارات الاخيرة الصادرة غب الطلب عن المتحكمين بملف التحقيق في انفجار المرفأ لا تستقيم مع كل المعايير القانونية والدستورية، وتشكل فضيحةً بكل معنى الكلمة في وقتٍ نرى الانفصام الفاضح لبعض القيادات التي تتحدث عن استقلالية القضاء وهي التي ساهمت وتساهم في الحمايات القضائية لقيادات حكومية وأمنية وإدارية وتنظّر علناً لمنطق الاستنسابية والتسييس»، ولافتة إلى «أن الحديث عن مسؤولية المجلس النيابي في تصحيح المسار القضائي يتطلب من مطلقيه أن يلتزموا الحضور والتصويت ما يؤمن انتظام عمل المؤسسات الدستورية وبهذا وحده تستقيم الأمور».

عون في قطر والأزمة مع الخليج حاضرة

وجاء هذا الصخب فيما كان الرئيس عون يزور قطر للمشاركة في الاحتفال بافتتاح كأس العرب الى جانب عدد ‏كبير من رؤساء الدول المدعوين ويلتقي أميرها الشيخ ‏تميم بن حمد آل ثاني.

وشكلت زيارة عون أول إطلالة لبنانية على دول الخليج العربي منذ انفجار الأزمة الأعتى معها على خلفية تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي العدائية للسعودية والإمارات، والتي تحاول بيروت استدراج وساطات عربية وغربية لاحتوائها من دون أن تقوم ولو «بخطوة البداية» التي تشكّلها «الاستقالة الممنوعة» لقرداحي بدعم من «حزب الله» وذلك رغم المطالبات المتكررة له بذلك من ميقاتي.

ولم يرشح من محادثات عون في قطر ما يؤشر إلى توقُّع اضطلاع الدوحة بمسعى مباشر لدى الرياض خصوصاً في ما يتعلق بـ «خطيئة قرداحي»، وسط اقتصار موقف الشيخ تميم بن حمد خلال استقباله عون على تأكيد أن بلاده «تقف الى جانب لبنان، ومستعدة لمساعدته في كل المجالات التي يتطلبها نهوضه من الظروف الصعبة التي يعيشها وللمساهمة في الاستثمار في لبنان بعد انجاز القوانين المناسبة لذلك»، لافتاً الى انه «سيوفد وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الى بيروت في الفترة المقبلة، لمتابعة البحث في التطورات».

وأعرب الأمير تميم، بحسب مكتب الإعلام في الرئاسة اللبنانية، عن أمله في أن «تجد الأزمة القائمة بين لبنان وعدد من دول الخليج حلولاً في القريب العاجل، ولا سيما أن لبنان كان دائماً الى جانب الدول العربية والخليجية كافة».

من جهته، رد عون شاكراً للامير تميم دعوته، ومعرباً عن أمله في أن «يتعزز التعاون بين البلدين أكثر لما فيه مصلحة الشعبين»، وعارضاً «الظروف التي يمر بها لبنان حالياً»، ومشيراً الى «أنها نتيجة تراكمات تجمعت منذ سنوات، بالاضافة الى سياسات اقتصادية خاطئة تم اعتمادها».

وتناول البحث بين عون والأمير تميم مواضيع عدة، لا سيما «إعادة تأهيل مرفأ بيروت وتأمين الطاقة الكهربائية والتعاون في مجال النفط والغاز» وسط اتفاق على أن يعقد الوزراء المعنيون في كل من لبنان وقطر، اجتماعات للبحث في المواضيع المشتركة التي تهم البلدين وفق الاتفاقات المعقودة.

عون و«تلازُم المسارات» بين «حزب الله» وبري

وإذ أكد عون بعد المحادثات الرسمية «ان العلاقات اللبنانية - الخليجية كانت دائماً ويجب ان تبقى، مبنية على الأخوة المتبادلة، ما يعني ضرورة تجاوز أي خلل يصيب هذه العلاقات، ولا سيما أن لبنان يتطلع الى أفضل العلاقات وأمتنها مع هذه الدول الشقيقة. وما حضوري اليوم الى الدوحة، إلا لتأكيد تمسكنا بهذه العلاقات ورغبتنا الصادقة بالتعاون على إبقائها على صفائها وإعادة الأمور الى نصابها لما فيه خير لبنان ودول الخليج الشقيقة»، قال في تصريحات لقناة «الجزيرة» إن «الانتخابات النيابية ستحصل، ونتّخذ كل الإجراءات لإجرائها»، مؤكداً «سأغادر قصر بعبدا عند انتهاء ولايتي الرئاسية (خريف 2022)، ولكن إذا قرر مجلس النواب بقائي فسأبقى».

وأوضح «عرضتُ الأزمة اللبنانية - الخليجية خلال لقائي مع أمير دولة قطر»، موضحاً أنه لم يطلب من أحد الاستقالة «والوزير جورج قرداحي سيتصرف على أساس الأفضل للبنان».

وقال رداً على سؤال: «لا أوافق ( حزب الله) بإقالة المحقق في قضية مرفأ بيروت»، وذلك بعدما كان أشار في تصريح صحافي آخر الى «ان الحزب ليس معنياً حتى الآن لأن المستدعين الى التحقيق لا ينتمون إلى صفوفه، وحساسيته حول الموضوع تعود الى تلازم مسارات بين الثنائي (الشيعي)».

ورداً على سؤال عن إدراج استراليا «حزب الله» على لائحة الارهاب، سأل: «هل قامت استراليا بهذه الخطوة بقرار ذاتي؟»، لافتاً الى ان «حزب الله شبه محاصَر، وهذا الحصار الخارجي له قد يولد انفجاراً داخلياً إذا زاد عن هذا الحد، والانفجار الأمني في الداخل، إذا حصل لا سمح الله، إيذان بانطلاق حرب أهلية. ونحن نتحمل راهناً النتائج السيئة للحصار، ولكن هذا الوضع على سيئاته هو أفضل بكثير من الحرب الأهلية التي أستبعد حصولها».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي