No Script

من منظور آخر

كيف يتعاطى المجتمع القضايا النسائية؟

تصغير
تكبير

لا تستطيع وسائل الإعلام أن تكتب عن جرائم التحرش بشكل واضح وصريح، دون أن يخبئوها تحت كلمة «معجب» مثلاً، كلمة لطيفة لكن لا يمكنك أن تستخدمها في خبر الجرائم.

يجب أن تنشر الأخبار والقضايا بأسمائها وبشكل علني وواضح، وأن يكون كل صحافي مسؤولاً تجاه صياغة الأخبار التي تمس أمن المجتمع، لكن ذلك لا يحدث خاصة عندما تتعلق الأخبار والقضايا بالنساء.

السيدة ن.م موظفة في وزارة حكومية، ناشدت جمعية الحرية الكويتية وقالت: «أحد المتحرشين يلاحقني في ثلاثة أماكن متفرقة، وينتظرني يومياً عند باب المعهد الصحي الخاص بالنساء كذلك، لا أشعر بالأمان، أريد الحماية».

وتضيف: «أختي عانت منه كذلك، وقد لاحقها في أماكن أخرى عدة».

تلك المرأة تعي تماماً أنه متحرش وأفصحت عن ذلك وقالت «متحرش»، لكن لو فرضاً نشر الخبر في الصحف لفضلوا تسميته بأي شيء آخر عدا متحرش، وبالتالي فإن الخبر لا يعكس حقيقة الجريمة، تلك الطريقة تستخدم منذ زمن طويل وهي إحدى أساليب المنظومة الذكورية، وصار أمراً اعتياداً لدرجة ألّا يكون ذلك متعمداً وعن قصد.

من زاوية أخرى تقول ليلى (اسم مستعار) لإحدى أعضاء لجنة المرأة في جمعية الحرية الكويتية: «تعرضت لتحرش جسدي وبعد التأكد من وجود الدليل عن طريق كاميرات المراقبة الموجودة في المكان تقدمت ببلاغ هتك عرض».

تضيف ليلى: «رفضت الجهات الأمنية تسجيل البلاغ بحجة أن ذلك سيؤثر على سمعتي ولن يتقدم أحد للزواج بي».

وتصرّ عضو لجنة المرأة التي تواصلت مع ليلى، على أن ما يقوم به رجل الأمن ليس من مهام عمله، فهو ليس مرشداً اجتماعياً، بل واجبه حماية أفراد المجتمع وتلك المرأة إحدى أفراده.

في تلك الحالة، أفرج عن مجرم ومتحرش من الممكن أن يعرض حياة نساء أخريات إلى الخطر.

يعتبر التحرش الجنسي من المواضيع الحساسة في مجتمعاتنا، ويحاول الجميع أن يغلق الموضوع، أو يتكلم عنه بطريقة مشفرة، وذلك بسبب السمعة وعفة المرأة، وذلك ليس سوى نفاق مجتمعي، وتقليل من أهمية قضايا المرأة.

يقودنا مفهوم الستر والسمعة إلى تجنب تسمية الأشياء بشكل مباشر خاصة فيما يتعلق بالجنس وبالتالي يخلق مجتمعاً منافقاً، ويعقّد من حل المشكلة أكثر.

إن المصطلحات والتسميات التي يستخدمها أفراد المجتمع تعكس وضعاً اجتماعياً ونفسياً، مما يتطلب الوقوف عندها، للتعريف بالمشكلة وتحليلها وتفكيكها ومن ثم حلها.

عدم تسمية الأشياء بأسمائها لها أسباب اجتماعية ونفسية وثقافية، فالكثير منا مثلاً يتحاشى تسمية الدورة الشهرية، وقد يشير إليها قائلاً: «أسبوع المرور»، وتختلف من شخص إلى آخر، لكن المعنى بالأخير يؤدي إلى الدورة الشهرية، وهذا يسبب عدم الاكتراث للموضوع وبالتالي عدم حل المضاعفات التي تنتج من الدورة الشهرية على سبيل المثال.

نحن إذاً نتهرب من المواضيع التي تتعلق بجسد المرأة أو الجرائم الجنسية ضد النساء، ونغطي عليها بمفردات لا تعكس الواقع، ونرفض التعامل معها بشكل واضح على أنها أزمة تُهدّد حياة النساء.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي