No Script

انهياراتُ الليرة ترفع التضخّم إلى مستويات قياسية جديدة

مصرف لبنان يتّجه لتعزيز دور «المنصة» وتنشيط الدفع الإلكتروني

مصرف لبنان يتّجه لتعزيز دور «المنصة» وتنشيط الدفع الإلكتروني
مصرف لبنان يتّجه لتعزيز دور «المنصة» وتنشيط الدفع الإلكتروني
تصغير
تكبير

- مخاوف من تعميمٍ شمولي لمعدلات الفقر التي تجاوزت 80 في المئة من إجمالي المقيمين

تترقّب أسواقُ مبادلات العملات طبيعةَ التدابير النقدية والإجرائية التي سيُقْدِم عليها البنك المركزي اللبناني بهدف لجْم التدهور المريع في سعر صرف الليرة، فيما ينحو التضخّمُ إلى تسجيل معدلات قياسية جديدة يُخشى معها تعميمٌ شمولي لمعدلات الفقر التي ارتقت فوق عتبة 80 في المئة من إجمالي المقيمين الذين يبلغ تعدادهم التقديري نحو 6 ملايين نسمة.

ومع تسجيل «هدوء نسبي» في مسلسل انهيارات العملة الوطنية عند مستوى 25 ألف ليرة لكل دولار خلال عطلة نهاية الاسبوع، بدا التهيّب طاغياً إزاء الوتيرة المتسارعة لتَفاقُم الأزمة المعيشية وتَفَشّي فوضى التسعير في أسواق الاستهلاك سنداً إلى تَرَقُّبِ ارتفاعاتٍ إضافية في سعر الدولار، حيث ظَهَرَ ميدانياً لجوء الكثير من التجار ومحلات البيع بالتجزئة الى احتساب زياداتٍ تَحَوُّطية بين 20 و 30 في المئة بذريعة الفوضى النقدية المعزَّزة بتوجه الحكومة الى زيادة سعر الدولار الجمركي وما سيُنْتِجه من زياداتٍ ستطرأ على أسعار السلع المستوردة.

وريثما يَجْري رصد نسب الغلاء الكبيرة التي لحقت بمنظومة الأسعار كافة خلال الشهر الحالي الذي شهد تقلّباتٍ قاسيةً على وقع التدهور الإضافي في سعر صرف الليرة، أَظْهَرَتْ الإحصاءاتُ الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي إرتفاعاً شهريّاً بنسبة 16.42 في المئة في مؤشِّر أسعار الإستهلاك في لبنان خلال أكتوبر 2021، مقارنةً بإرتفاع بلغ 8.16 في المئة في الشهر الذي سبقه.

ويعزى هذا الإرتفاع الملحوظ إلى رفع الدعم بشكل كلّي عن المحروقات ما تسبّب بإرتفاع هذه الأسعار بنسبة 34.9 في المئة على صعيد شهري، بالإضافة إلى تداعياته على قطاعات أخرى عدّة. وبذلك، فقد سَجَّلَ مؤشِّر تضخُّم الأسعار على صعيدٍ سنويٍّ، زيادةً نسبتها 173.57 في المئة ليرتفع المؤشر العام إلى 714.78 نقطة مئوية في أكتوبر 2021، مقارنةً بمستوى بلغ 261.28 نقطة في نهاية الشهر نفسه من 2020.

وقد بلغ متوسّط الزيادة في مؤشّر تضخّم الأسعار 138.18 في المئة خلال الأشهر العشرة الأولى من السنة الحالية مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق. وتَوَزَّعَ الإرتفاعُ في المؤشّر على جميع مكوّناته، حيث إرتفعت أسعار النقل بنسبة 508.23 في المئة (تثقيل بنسبة 13.1 في المئة)، رافقها تَطَوُّرٌ في أسعار المواد الغذائيّة والمشروبات غير الروحيّة بنسبة 303.66 في المئة (تثقيل بنسبة 20 في المئة)، فيما زادت أسعار الألبسة والأحذية بنسبةٍ بلغت 209 في المئة (تثقيل بنسبة 5.2 في المئة)، وإرتفعت أسعار الأثاث والتجهيزات المنزليّة والصيانة المنزليّة بنسبة 150 في المئة (تثقيل بنسبة 3.8 في المئة)، من دون إستثناء الزيادة غير المسبوقة في أسعار المطاعم والفنادق بنسبة 301.97 في المئة (تثقيل بنسبة 2.8 في المئة).

ومن غير المُتَوَقَّع، بحسب مصادر ناشطة في الأسواق، أن ينجح البنك المركزي في كبْح مسارات الفوضى في الأسواق النقدية ومن ثم حصد تحوّلات تلقائية تحدّ من تَفَلُّت الأسعار في الأسواق الاستهلاكية، ما دامت تدابيره مقتصرة على البُعد التقني البحت، بينما تتعاظم المحفزات ذات البعدين الداخلي والسياسي في مضاعفة حجم الإقبال على طلب الدولار من مصادر تجارية وفردية، وخصوصاً بعد رفْع الدعم التمويلي للسلع الاستراتيجية، إلا النذر القليل منها المخصّص للقمح وبعض أصناف الأدوية المستعصية والمزمنة.

وتؤكد المصادر أن حشْر دور البنك المركزي في زاوية التدخل عبر الإجراءات المحدودة في أسواق المبادلات النقدية نَتَجَ أساساً عن إلزامه من السلطة التنفيذية بإنفاق مبالغ تناهز 14 مليار دولار في العامين الأخيريْن على سياسات الدعم العقيمة، وبالتالي اقتصار قدرته على ضخ العملة الخضراء في الأسواق عبر منصته الخاصة بمقدار يقارب نحو 20 مليون دولار اسبوعياً، وبأسعار لا تبتعد كثيراً عن مداولات التطبيقات الالكترونية التي أوصلت سعر الدولار الى عتبة 26 ألف ليرة يوم الجمعة، بينما ضخ مصرف لبنان 3.5 ملايين دولار في اليوم عيْنه بسعر 21 ألف ليرة للدولار الواحد.

ورغم نفاد الاحتياطات الحرة لدى البنك المركزي، فإنه لا يزال يحوز قدرات نقدية تفوق 13 مليار دولار ضمن احتياطه من العملات الصعبة، لكنه ليس حراً في التصرف بها كونها تمثّل واقعياً توظيفات إلزامية تخص المودعين في المصارف. كما يحوز قدرات «نظرية» هي احتياطات من الذهب تربو قيمتها السوقية على 17 مليار دولار، إنما تخضع لتشريع صادر منتصف الثمانينات من القرن الماضي بمنْع التصرف بها مطلقاً.

وعقب الإفصاح الاعلامي للبنك المركزي عن أن «الأسعار الواقعية لسعر الدولار الأميركي مقارنةً بالليرة اللبنانية هي تلك المعلَنة يومياَ من مصرف لبنان بناءً على التداول الجاري في السوق والمسجل على منصة صيرفة، وهي المنصة الوحيدة التي تعلن عن أسعار وعن حجم العمليات التي أدت إلى هذه الأسعار»، يُتوقَّع أن يجري اتخاذ بعض الاجراءات المكملة بهدف تهدئة أسواق المبادلات النقدية وتحديد الحجم الفعلي للمبادلات، ما يتطلب توسيع دائرة المستفيدين من العمليات اليومية للمنصة وتنشيط عمليات الدفع عبر البطاقات المصدّرة من المصارف، حيث يرفض الكثير من التجار ومحلات التجزئة قبولها بتاتاً أو يعمدون الى فرض عمولات بين 5 و 10 في المئة من قيمة الفاتورة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي