باسيل لـ «تحرير الحكومة من اعتبارات تعطيلها وفكّ أسْرها»
لبنان: «رعونة» سياسية تُسَرِّعُ الانهيار المُريع
- جنبلاط: غلطة فادحة إذا سلّمنا كل البلد للمحور السوري الإيراني ولا أستطيع بمفردي المواجهة السلمية وأن نقول كفى
- «مجموعات سيادية» ترفْع لوحة «إعلان المقاومة المدنيّة لجلاء الاحتلال الإيراني عن لبنان»
- نصرالله يتّهم أميركا عبر سفارتها بالوقوف وراء بيطار «أحد من القضاة لا يجرؤ على اتخاذ إجراء بحقه»
غداة «اليوم الأسود» الذي سجّلت معه العملة الوطنية انهياراً تاريخياً جديداً في مقابل الدولار بعدما ناطحتْ 26 ألف ليرة، لم يَبْدُ أن «هديرَ» الانهيار النقدي المُتَسارع بتداعياته الكارثية على الواقع المعيشي الذي رمى ثلثيْ الشعب اللبناني تحت خط الفقر كافٍ ليشكّل «الصعقة» المطلوبةَ لإحياء جلسات الحكومة وإنهاء ما باتت أوساطٌ واسعة الاطلاع تصفه بـ «الرعونة» المتمادية على جبهتيْ: استرهان مجلس الوزراء لـ «معركة سياسية» هدفها إقصاء المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، والإمعان في تَجاهُل الأزمة مع الخليج العربي وأسبابها والركون تكراراً إلى «انتظاراتٍ» بلا طائل لوساطاتٍ خارجية «تعجز» بيروت حتى عن رفْدها بـ «جواز مرور» هو استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي.
ولم تخرج بيروت – الناس أمس من تحت تأثير الصدمة التي شكّلتْها أقوى إشارة حتى الآن إلى اقتراب الليرة من فقدان آخِر المكابح المانعة لـ «انسحاقها الحرّ» نحو مستوياتٍ قياسية أكثر إيلاماً، وسط مؤشراتٍ إلى أن الميني غضبة شعبية التي عبّرت عن نفسها ابتداء من يوم الجمعة بقطْع طرق في أكثر من منطقة واقتحام مبنى وزارة الشؤون الاجتماعية ما هي إلا شراراتِ فوضى يمكن أن تُباغِتَ الجميعَ على وقع اتساع حلقة العالقين في «الدائرة الجهنّمية» من بؤس ومرض وعوز، فيما المأزقُ السياسي مستحْكِم وغارق في جولة جديدة من شراء وقتٍ صار «سيفاً» مصلتاً فوق رأس بلدٍ بات كله... تحت المقصلة.
وإذ سادتْ الأوساطُ الماليةُ - النقديةُ «الدهشةَ» لاستسهالِ مصرف لبنان تحميل مسؤولية الوثبة الأكبر لليرة نحو القعْر المفتوح للتطبيقات الإلكترونية متوعّداً شركتيْ «غوغل» و«فيسبوك»، لم تقلّ دهشةُ الدوائر السياسية حيال استعصاء الأزمة الحكومية وانتقالها من أفقٍ مسدودٍ إلى آخَر أكثر انسداداً على وقع ما بدا بالونات اختبار، سرعان ما تم «تنفيسها» أقله في جولتها الأولى حتى الآن، في ما خص قضية بيطار في حين تحوّلت «خطيئة قرداحي» وكأنها «على الرفّ».
وفيما كانت بيروت تترقّب عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى بيروت بعد زيارته للفاتيكان، على وقع جزْم أوساطه بأن استقالته غير مطروحة وأنه مصرّ على حمْل «كرة النار» ومعالجة أسباب الأزمة، ارتفع منسوب التوتر السياسي على جبهة فريق رئيس الجمهورية ميشال عون والثنائي الشيعي رئيس البرلمان نبيه بري – «حزب الله» الذي يحتجز جلسات الحكومة تحت عنوان «بيطار أولا»، والذي يعتبر، وتحديداً الحزب، أن رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل يحاول من خلال التحقيق في «بيروتشيما» إصابة بري ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية لحساباتٍ ترتبط باستحقاقيْ الانتخابات النيابية ثم الرئاسية ربيع وخريف 2022.
وبعد ما تم التعاطي معه على أنه «انتفاضة قضائية» بوجه محاولة مدّ اليد على عمل القضاء عبر «الإقصاء السياسي» لبيطار، وهو ما عبّرت عنه قرارات الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي ردّت كل دعاوى مخاصمة الدولة من المدعى عليهم من المحقق العدلي في «بيروتشيما» وتأكيد مرجعية هذه الهيئة في بت طلبات ردّ الأخير، فإن هذا التطور الذي أقفل عملياً باب أي مخْرج عبر القضاء لملف بيطار لم يتْرك إلا نافذة «العلاج السياسي» الذي يُراد أن يشكّل البرلمان مسرح عملياته في ظل الفيتو المشترك من عون وميقاتي على أي زجّ للحكومة في هذه القضية التي كرر الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله موقفه منها عبر اعتبار «أن أحداً من القضاة لا يجرؤ على اتخاذ إجراء بحق هذا القاضي (بيطار) الذي تقف خلفه الولايات المتحدة ممثلة بالسفارة في لبنان».
وبينما كانت مناخاتٌ تتحدّث عن «خريطة طريق» يُعمل عليها وتبدأ بعقد البرلمان جلسة يوفّر التيار الحر نصابها حضوراً وتصويتاً وتخلص إلى تكريس صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء في ملاحقة الرئيس السابق للحكومة حسان دياب والوزراء الأربعة السابقين المدعى عليهم (بينهم 3 نواب) من بيطار وتالياً تجزئة صلاحيات الأخير وحصْرها بغير المسؤولين السياسيين، وذلك من ضمن «مقايضة» تشمل «منْح» باسيل ورقة وقف اقتراع المغتربين للنواب الـ 128 كلٌّ في دائرته، جاءت مواقف الأخير وتياره لتعكس إصراراً على الفصل بين إحياء جلسات الحكومة وبين قضية المحقق العدلي وإن مع إبقاء الباب مفتوحاً مواربة أمام نقْل هذا الملف الى مجلس النواب ولكن مع رفْض التصويت لمصلحة تحديد صلاحيات بيطار.
وبعدما عبّر باسيل في حديث صحافي بوضوح عن هذا المنحى معلناً «أن ما يحصل من تعطيل للحكومة جريمة موصوفة لن نبقى ساكتين عنها فعلى الحكومة أن تجتمع وإلا ما «تكفّي أحسن»، ناصحا رئيس الحكومة بالدعوة لجلسة والمعترضين (الثنائي الشيعي) بالحضور، باعتبار أن لا حل اتُّفق عليه بعد، ومصوّباً بالمباشر على بري «ماسِك القضاء»، أكمل تصعيده عقب اجتماع التيار أمس داعياً الى «فك أسر الحكومة وتحريرها من الاعتبارات التي تعطّل عملها»، ومطالباً «بعقد جلسة لمجلس الوزراء وفق الأصول الدستورية تأخذ القرارات المطلوبة لتسيير مرافق الدولة فضلاً عن القرارات المتعلقة بالعملية الانتخابية (...) والا فإن التيار يدعو مجلس النواب إلى جلسة مساءلة للحكومة عن أسباب عدم اجتماعها».
وفي ما بدا فتحاً لـ «معركة سياسية» جديدة، دعا رئيس «التيار الحر» حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للاستقالة هو «المحاصر بسبع دعاوى قضائية في الخارج الى جانب تلك التي في الداخل، وإلا فعلى الحكومة المبادرة الى إقالته بسبب مخالفاته المثبتة والعديدة لقانون النقد والتسليف وعلى رأسها عدم الحفاظ على سلامة النقد الوطني بإقرار واعتراف منه أخيراًً».
وفي موازاة ذلك، أطلّ رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط على الواقع اللبناني، من زاويتين: الأولى الانتخابات النيابية إذ أوضح أنه «لا يمكن أن نخرج من التحالف التاريخي مع تيار المستقبل، وبالرغم من كل شيء نقول للشيخ سعد الحريري إن لبنان بلده وغيابه عن الساحة لا يفيد».
والزاوية الثانية الموضوع السيادي، معلناً «اذا سلّمنا كل البلد للمحور السوري الايراني تكون غلطة فادحة. وأنا لا أستطيع بمفردي المواجهة السلمية وأن نقول كفى».
وفي سياق غير بعيد، أحيت «مجموعات سيادية» ذكرى عيد الاستقلال من خلال وقفة عند صخور نهر الكلب، معلنة «المقاومة المدنية لجلاء الاحتلال الإيراني».
وقام المشاركون بإزاحة الستار عن لوحة كُتب عليها «في 22 نوفمبر 2021، إعلان المقاومة المدنيّة لجلاء الاحتلال الإيراني عن لبنان واستعادة سيادة واستقلال وطن الحرية والانفتاح، لبنان الرسالة والحياد».