No Script

قيم ومبادئ

الملأ ومصالحهم!

تصغير
تكبير

الملأ سُمّوا ملأً، لأنهم يملؤون العين بأجسامهم ولباسهم، وهم الرؤساء والأشراف وأصحاب المناصب، وهؤلاء في كل مجتمع من المجتمعات والأقل منهم من يكون رشيداً لأمته، ناصحاً لقومه، ولكن الأكثر والأعم يكون عندهم سفه وإنكار للحق وتكبر عن الانقياد للناصحين، وسلموا قلوبهم لكل شيطان مريد!

مع أن الواجب عليهم وهم أصحاب العقول وعلى غيرهم الاحترام والتعظيم للاستقامة وللسبيل التي نصبها الله لعباده ليسلكوها إلى سعادة الدنيا والآخرة، وتالياً إلى مرضاته ودار كرامته.

لا أن يتصدّوا لقطع طريقها الصادّين الناس عنها، فإن هذا من كفر نعمة الله، كما أن الواجب يحتّم عليهم أن يذكروا نعمة الله عليهم حيث كانوا قليلين فكثرهم، أي نماكم بما أنعم عليكم من الزوجات والذرية والصحة، وإنه سبحانه ما ابتلاكم بوباء أو مرض من الأمراض الهالكة لكم ولا سلّط عليكم عدواً يجتاحكم، ولا فرقكم في الأرض شذر مذر بل أنعم عليكم باجتماعكم وتآلف قلوبكم وإدرار الأرزاق وكثرة النسل.

ولكن هؤلاء الذين اتبعوا اهواءهم ولهوا بلذاتهم، لما آتاهم الحق ورأوه غير موافق لأهوائهم الرديئة ولا مصالحهم العاجلة ردوه واستكبروا عنه، والذي زاد الطين بلة إذا كان في الملأ خطابة بلاغية وبراعة بيانية، حيث اجتمعت حولهم الجماهير واعجبوا بهم إلى حد الهوس، حتى أصبح ما يقوله الملأ هو الحق مهما كان مخالفاً للحق! وأصبح ما يفعله الملأ في البلاد هو الصواب أو أصبح على الأقل مسكوتاً عنه ولو كان أبشع الأفاعيل!

والملأ والجماهير على مدار التاريخ ينسون المصالح العليا للبلاد، وهو الهدف الأصلي ويصبح التعلق بالرمز حتى يصبح الرمز هو الهدف في النهاية.

وهذا أدى بنا في النهاية إلى نتيجة حتمية لا مفر منها وهي:

الحقيقة الأولى، الخواء الذي أصاب العمل النيابي بشكل خاص، والواقع الاجتماعي والثقافي بشكل عام رغم وجود المؤسسات الدستورية العريقة والوعي؟

كلنا ننشد التنمية ومكافحة الفساد وكان هذا هو الجو العام، والضمير الشعبي لكن غابت عنا مقتضيات وأبجديات العمل اللازم لماذا؟ لأننا أدخلنا الحسبة السياسية البحتة!

الحقيقة الثانية، خلو الساحة من القادة الطبيعيين لهذه الأمة، وهذا المجتمع، وهم أصحاب الاختصاص والقدرة وليسوا أصحاب الصراخ والتهديد!

فكنا في السابق نلجأ إليهم إذا حزبنا أمر من الأمور، مثل بدايات التعليم في الكويت كيف نهض فيه رجال التنوير من العلماء والمختصين، وبمشاركة رموز الأسرة الحاكمة الكريمة، فكنا نجد عندهم الحكمة والرأي السديد.

ويا ليت عندنا اليوم رجال من الرعيل الأول، ولو كانوا بيننا اليوم لتحركوا وفق الوسائل المتاحة وبما لديهم من العلم الذي تعلموه من تجارب الحياة لصياغة المجتمع الكويتي من جديد، ووضعوا الأمور في وضعها الصحيح فسيزول كل ما هو واقع بيننا من ظلم سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي، ورد الشعب الكويتي إلى مفهوم الحريات الصحيح، فيزول ما عندهم من فساد خلقي وروحي وسلوكي، ولوجدنا لديهم الحلول الناجحة للمشكلات التي جدت لنا في الحياة وهذه مهمة الفقه الدستوري في ظل أحكام الشريعة التي نص عليها الدستور مع ضبط كل النوازل بضوابط الشريعة لكي لا تشرد بعيداً عن ثوابت المجتمع وقيمه الكبرى.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي