موسكو تندد باستخدام وارسو للقوة... وباريس تتهم مينسك بتدبير «مسرحية مروعة»
مواجهات بين القوات البولندية ومهاجرين ولوكاشينكو عازم على تفادي «مواجهة»
استخدمت القوات البولندية، الغاز المسيّل للدموع وخراطيم المياه، أمس، ضد مهاجرين كانوا يرشقون عناصرها بالحجارة من الجانب البيلاروسي محاولين عبور الحدود، فيما أكد رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو عزمه على تفادي «مواجهة».
ويحتشد نحو أربعة آلاف مهاجر بحسب تقديرات حرس الحدود البولندي على طول الحدود مع بيلاروسيا في ظروف بائسة وسط تدني درجات حرارة إلى ما دون الصفر.
وتتهم القوى الغربية بيلاروسيا بافتعال الأزمة بدعم من روسيا، من خلال استقدام مهاجرين إلى الحدود لإثارة خلافات داخل الاتحاد الأوروبي، وهو ما تنفيه مينسك وموسكو.
وبدأت المواجهة عند المعبر الحدودي بين بروزغي في بيلاروسيا وكوشنيتسا في بولندا الأسبوع الماضي حين تجمع عنده مئات المهاجرين سعياً للعبور إلى الاتحاد الأوروبي.
وكتبت وزارة الدفاع البولندية على «تويتر»، أمس، «مهاجرون يهاجمون جنودنا وضباطنا بالحجارة ويحاولون تدمير السياج للعبور إلى بولندا»، مرفقة التغريدة بمقطع فيديو يظهر اشتباكات عند الحدود.
وأعلنت الشرطة البولندية إصابة أحد عناصرها إصابة بالغة يرجح أن تكون كسراً في الجمجمة «نتيجة هجوم نفذه أشخاص مدفوعون من الطرف البيلاروسي»، مشيرة إلى إلقاء قنابل صوتية وعبوات غاز مسيل للدموع على القوات البولندية.
غير أن مينسك اتهمت وارسو بـ«تصعيد» أزمة المهاجرين، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية «نرى اليوم من الجانب البولندي استفزازات مباشرة ومعاملة لاإنسانية لأشخاص مستضعفين».
كذلك نددت روسيا، باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه ضد المهاجرين، واعتبر وزير الخارجية سيرغي لافروف ذلك «غير مقبول إطلاقاً».
ورغم هذه التطورات، أكد لوكاشينكو أمس، خلال اجتماع للحكومة «لا يمكننا أن ندع هذه المشكلة تؤدي إلى مواجهة ساخنة».
وقال، بحسب ما نقلت «وكالة بيلتا للأنباء» الرسمية «الأمر الرئيسي الآن هو حماية بلدنا وشعبنا وعدم السماح بوقوع اشتباكات».
غير أن فرنسا اتهمت بيلاروسيا بتدبير «مسرحية مروعة» عند الحدود مع بولندا.
وقال الناطق باسم الحكومة غابريال أتال للصحافة «إنهم يأخذون آلاف المهاجرين اليائسين، يحشدونهم عند الحدود، يلتقطون بأنفسهم الصور (...) بهدف إثارة انقسامات بيننا وشرذمتنا في أوروبا، وبث الخوف بين الأوروبيين».
وصدرت هذه التصريحات غداة مكالمة هاتفية بين لوكاشينكو والمستشارة الالمانية أنجيلا ميركل، اعتبرت بمثابة انتصار للرئيس البيلاروسي في وقت يقاطعه القادة الغربيون منذ إعادة انتخابه في عملية اقتراع واجهت الكثير من التنديد في أغسطس 2020.
وأفاد مكتب ميركل بأنه تم بحث إيصال المساعدة الإنسانية إلى المهاجرين وبينهم العديد من الأطفال.
من جهته، قال لوكاشينكو إنه اتفق مع ميركل على ضرورة نزع فتيل الأزمة.
وأضاف «اتفقنا على أن التصعيد لا يخدم أي طرف، لا الاتحاد الأوروبي ولا بيلاروسيا».
لكنه أشار في المقابل إلى خلافات في وجهات النظر مع ميركل حول كيفية وصول المهاجرين إلى بيلاروسيا، إذ يتهم الغرب، مينسك باستقدامهم ردا على العقوبات الأوروبية المفروضة عليها لقمعها المعارضة منذ الاحتجاجات على الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في 2020.
واتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الاثنين، على توسيع نطاق العقوبات «في الأيام المقبلة» لتشمل «عدداً كبيراً» من الأفراد والكيانات لدورهم في «تسهيل العبور غير القانوني لحدود الاتحاد الأوروبي».
كذلك تنوي واشنطن توسيع عقوباتها على مينسك.
إلى ذلك، أعلن العراق أنه سيباشر تسيير رحلات «عودة طوعية» لمواطنيه العالقين عند حدود بيلاروسيا.
وأعلنت السفارة العراقية في موسكو، أمس، أنها ستعيد نحو 200 مواطن في رحلة غداً إلى العراق.
غير أن العديد من المهاجرين بينهم من تحدثت إليهم «فرانس برس»، لا ينوون العودة.
وفي هذه الأثناء، طلب الاتحاد الأوروبي وقف الرحلات إلى بيلاروسيا.
وذكرت شركة الطيران البيلاروسية «بيلافيا» الاثنين، أنه بات محظوراً على السوريين والعراقيين واليمنيين والأفغان الصعود إلى رحلات متوجهة من دبي إلى بيلاروسيا، بعدما فرضت تركيا القيود ذاتها الأسبوع الماضي.
غير أن العديد من المهاجرين الذين اقترضوا مبالغ من المال في غالب الأحيان لدفع تكاليف الرحلة، يبدون تصميمهم على البقاء رغم صعوبة الحصول على المواد الغذائية والحاجات الأساسية.
وأعلن الصليب الأحمر البيلاروسي أنه وزع ثلاثة أطنان من المساعدات أمس.