عُرفت القهوة في القرن التاسع الهجري ما يوافق القرن الخامس عشر الميلادي، والقهوة هي الخمرة بجميع أنواعها عند العرب القدماء في الجاهلية والاسلام.
ولما عرف منقوع البن وصارت له مجالس أطلق عليها جلساؤها تندراً بقهوة الصالحين... أي خمرة الصالحين، وعرفت بين الإباحة والتحريم في مكة والقاهرة، وفي دول أوروبية حتى تدخلت الكنيسة في منعها في أزمنة... والمسلمون تعلقوا بها لأنها تنبه الساهرين وتجعلهم في يقظة وهم يرددون الابتهالات والأناشيد الدينية.
دخلت القهوة مصر، وكان أول ظهورها في جامع الأزهر برواق اليمن للاذكار والمدائح، وتقدم لهم في ناجود كبير من الفخار وكان يغترف منها بطاس وتدار بينهم كل واحد يرتشف منها، وهي باردة ثم جعل لها أندية ومحال في الأسواق، وهكذا عرفت في دول أوروبية، وعندما تمنع يتعاطونها في المنازل... ثم تناولوها حارة بعد التحميص والطحن والغليان، ومنهم من يتركها حتى تبرد، ويتناولونها خضراء وسوداء.
ويحتوي البن على مواد كيماوية منها عطر ودهن والتنين وهو الكافيين ومكوناتها قريبة من الشاي، وتنعش الإنسان وتوقظ عقله حتى يتعود عليها وهي دون الإدمان، والإكثار منها يسبب عسر الهضم وفقر الدم، والذي يكثر منها لا يحس بالجوع... وعندنا من يأخذها من الشباب ويذهب بها اثناء الدراسة أو العمل، ويقال إن الاكثار منها قد يسبب له ضيقاً في الصدر، وقد تسبب لشاربها الإقلال من الطعام والنحافة في الجسم... وأهل البادية يرونها من دلائل الكرم فلا تنزل أوعيتها عن النار ولا يميلون إلى شرب الشاي، وينادون المار بهم (تفضل تقهوة)... والآن مع التعود عليها تقدمها المحلات حارة وباردة ومثلجة، ودخلت في الحلويات بأشكار كثيرة.
قبل مغادرة القهوة يجب ان نعرف ان ولادتها كانت في الحبشة، وانتقلت إلى اليمن تحضنها أرض أكسبتها طعماً محبباً فضّل على غيرها من المزروعات الأخرى... حتى زاحمتها مع الأسف شجيرات القات المخدرة، وزرعته سيلان وجاوة واندونيسيا، ثم إلى أميركا والمكسيك، وانتقل البن بعد ذلك إلى هولندا ومن ثم إلى جزر الهند الشرقية، وتعددت أمكنتها مع المحميات الزجاجية في الدول الباردة، وهناك من خلصها من الكافيين، وطورت البرازيل زراعة البن وصارت رائدة في تصديره للعالم وصار شعارها.