رصدا مرحلة مهمة من تجربتها الشعرية

سعاد الصباح تفرج عن «حوار الورد والبنادق» وتصدر طبعة جديدة من «إليك يا ولدي»

تصغير
تكبير

بعد سنوات من المنع الرقابي، الذي واجهه ديوان (حوار الورد والبنادق)، والذي مثّل قفزة نوعية في تجربة سعاد الصباح الشعرية، وإعلان صريح عن مبادئها السياسية والقومية، وبعد طبعه طبعات عدة منذ 1989 ثم مواجهته قرار المنع من التداول... ها هو يعود بشكل جديد، وبحلة جديدة حاملاً الشعر ذاته والفكرة ذاتها:

سلام عليكن... يا سيدات الندى والسماح

سلام على شجر الرازقي

وميس العباءات عند الصباح

سلام عليكن حين يجيء زمان العصافير

او حين يبدأ عصف الرياح

سلام عليكن في كل وقت

فقد سقط الفرق بين جمال العيون

وبين جمال السلاح

حمل الإصدار الجديد الطبعة الثانية والعشرين، بعد نحو أكثر من ثلاثين سنة على صدور طبعته الأولى عن دار رياض الريس للنشر بلندن في العام 1989.

يلفت ديوان (حوار الورد والبنادق) إلى فترة مهمة من التجربة الشعرية للدكتورة سعاد الصباح، الممتدة لأكثر من نصف قرن.

كما يرصد في الوقت ذاته انعكاسات سنوات الطفولة التي عاشتها في مدينة الزبير، على شعرها وشعورها:

أنا امرأة

قرّرت أن تحب العراق

فمنذ الطفولة

كنت أكحلُ عينيَّ بليل ِالعراق

وكنتُ أُحنيَّ يديَّ بطين العراق

وأتركُ شَعْري طويلاً

ليشبهَ نخل العراق.

ويظهر الديوان النزعة العروبية القومية التي تأصلت في روح الشاعرة منذ البدايات، وهو ما انعكس في أكثر من قصيدة في الديوان.

كما تضمن قصيدتها الشهيرة (نخلة تشرب من بحر العرب) التي تقول في مقطع منها:

إنني بنت الكويت

غرفتي الشمس..

ومن بعض أسمائي الصباح

وجدودي اخترعوا الأمواج..والبحر.

وموسيقى الرياح.

صادقوا الموت.. فلا الخيل استراحت

من أمانيهم..

ولا السيف استراح.

كيف لا نشكر من ماتوا

ليبقى النخل والقمح وزهر الجلّنار

والحروف الأبجدية؟

كيف لا نشكر من قد أشعلوا أعينهم

كالقناديل لكي يأتي النهار؟

وسواء على صعيد الشكل، أو المضمون، فقد وثّق الديوان، الذي كان علامة فارقة في سلسلة دواوين الشاعرة التي قاربت العشرين مجموعة شعرية، مرحلة مهمة من تجربتها الشعرية والفكرية، التي شهدت الكثير من الانزياحات في ما بعد.

وحمل الديوان سبع قصائد متفاوتة الطول متقاربة الاتجاه النفسي والفكري، حملت عناوين: أنا البحر والشمس واللؤلؤة، مازال لدينا شعراء يكتبون، إنني ضيفة وأنت الشاعر، حوار الورد والبنادق، سال الشهد من قلب الرطب، نخلة تشرب من بحر العرب، حوار مع وفيقة في ليلة زفافها.

وجاء الديوان في 130 صفحة من القطع المتوسط.. وحمل غلافه لوحة بريشة الشاعرة، وقد صدر عن دار سعاد الصباح للنشر.

إليك يا ولدي

وتزامنا مع عودة الحياة إلى معارض الكتب العربية، أصدرت سعاد الصباح طبعة جديدة من ديوانها «إليك يا ولدي» الذي حمل رقم الطبعة الثالثة عشرة، بعد أن صدرت طبعته الأولى عن دار المعارف في القاهرة في العام 1982. وكانت الشاعرة كرّست هذا الديوان لرصد حادثة مريرة عايشتها كأم وشاعرة، وهي حادثة وفاة ولدها البكر مبارك بين يديها في الطائرة، نتيجة أزمة ربو حادة.

وتمكنت الشاعرة من نضح الآلام والأحزان التي عاشتها الأم نتيجة هذه الفاجعة التي ألمت بها عام 1973، والتي شكّلت ندبة عميقة في روحها عجزت السنوات عن محوها. ومن الطبيعي والحال هذه، أن تتوشح قصائد هذا الديوان بالحزن على فقد كبير كهذا الفقد، ومن أجواء الديوان هذا المقطع:

ولدي.. يا كنزَ أيامي ويا حُلمَ سِنيني

يا شباباً كُلمَّا حدَّقتُ فيهِ يَزْدَهِيني

ليتَ آلامكَ كَانتْ في كِيانِي تَعتَريِني

آهِ من طائرةِ الموتِ التي هزَّت يَقيني.

الملاحظ أن حالة الحزن سيطرت على قصائد الديوان كلها، فبدا كما لو أنه قصيدة ملحمية طويلة اختزنت تباريح اللوعة والأسى، وعكست المعاناة المريرة التي عايشتها الشاعرة جراء هذا الفقد الكبير والمفاجئ.

علامتان فارقتان في تجربة سعاد الصباح الشعرية، يكرسهما ويشهد عليهما الديوانان.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي