كانت الكويت وما زالت تعاني من ظاهرة انتشار المخدرات بين الكثير من أفراد المجتمع خصوصاً فئة الشباب، وهي ظاهرة عالمية فشلت الدول رغم تبادل المعلومات والتعاون الأمني في القضاء على تلك الآفة التي لها أضرار كبيرة تفتك بالمجتمع.
ولقد لفت انتباهي تصريح فضيلة الشيخ عبدالحميد البلالي، بأن هناك أربعين ألف متعاط في الكويت، وأن نسبة 77 في المئة منهم من طلبة المدارس والجامعة، وهي إحصائية خطيرة تنذر بعواقب وخيمة على المجتمع في الكويت.
فمثلما تقوم الأسرة بعملية البناء عبر تربية الأبناء، ثم تكمل معها الدولة عبر المدارس والإعلام والمساجد في بناء شخصية الأبناء لنجد هناك من يقوم بعملية الهدم.
وعلى الرغم من أن الحكومة تبذل الكثير من الجهود في مكافحة المخدرات عبر أجهزة وزارة الداخلية التي تتعاون مع وزارات أخرى مثل الإعلام والصحة والشؤون الاجتماعية والعمل، إلا أن الأداء ما زال دون مستوى الطموح، ولا أعرف أسباب عدم القضاء على تلك الظاهرة التي باتت تشكّل تحدياً كبيراً لنا في الكويت، وفي كل دول العالم.
وتعريف الإدمان كما وضعته البوابة الإلكترونية بوزارة الصحة في المملكة العربية السعودية الشقيقة ضمن التوعية الصحية، هو الحالة الناتجة عن استعمال مواد مخدرة بصفة مستمرة، بحيث يصبح الإنسان معتمداً عليها نفسياً وجسدياً بل ويحتاج إلى زيادة الجرعة من وقت لآخر ليحصل على الأثر نفسه دائماً، وهكذا يتناول المدمن جرعات تتضاعف في زمن وجيز حتى تصل إلى درجة تسبب أشد الضرر بالجسم والعقل فيفقد الشخص القدرة على القيام بأعماله وواجباته اليومية، وفي غياب هذه المادة وفي حالة التوقف عن استعمالها تظهر عليه أعراض نفسية وجسدية خطيرة تسمى «اعراض الانسحاب» وقد تؤدي إلى الموت.
لستُ متخصصاً لكن هناك تجارب لدول رائدة في عملية القضاء على المخدرات أو التقليل من آثارها المدمرة، ومن الحلول توفير العيادات الصحية لعلاج من يمكن علاجه خصوصاً أن هناك الكثير من الأسر الكويتية اضطرت إلى إرسال الأبناء المدمنين إلى بعض الدول العربية والأجنبية بهدف العلاج، لذا فإنه علينا أن نكون أكثر شجاعة في مواجهة ظاهرة المخدرات وقد قطع المجتمع مراحل عدة في مواجهة المخدرات بدءا بالاعتراف بوجود المشكلة منذ زمن بعيد، مروراً بوضع القوانين الرادعة التي تصل إلى الإعدام في حالة الاتجار بالمخدرات، وانتهاء بتطوير سبل مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية التي كانت وما زالت تبذل قصارى جهدها في الوقوف بوجه انتشار المخدرات، وهي تتعاون مع الكثير من الدول، كما أنها حضرت الكثير من المؤتمرات التي تعنى بمكافحة تلك الآفة.
ولنا أن نتخيل عن أبنائنا الذين فقدناهم بسبب المخدرات، خصوصاً من فئة المراهقين والشباب، حيث إن كل واحد منهم يتطلع أهله في أن يصبح طبيباً أو مدرساً أو ضابطاً أو أي وظيفة محترمة من شأنها أن تعمل على خدمة المجتمع.
نعم، لا تستطيع الحكومة وحدها أن تقوم بمكافحة المخدرات رغم الجهود الجبارة التي تبذلها، لذا، لا بد من العمل على زيادة الوعي في المجتمع في مناهج التعليم في المدارس، وفي خطبة يوم الجمعة في المساجد وفي برامج الإذاعة والتلفزيون، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك من يتصيد لأبنائنا بطرق إلكترونية عدة، والأمر موصول لتقوم بعض جمعيات النفع العام بدورها مثل رابطة الاجتماعيين والجمعيات النسائية، بل انني أطالب المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بعمل معرض فن تشكيلي يشتمل على الرسم والنحت والخزف سنوياً، كما أتمنى على الفنانين التشكيليين المشاركة، ويشرفني المشاركة، كما أتمنى أن يشارك المهندس عبدالحميد البلالي، فقد كان فناناً تشكيلياً، وقد زاملته في الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية عندما كانت في عصرها الذهبي في مطلع السبعينات.