No Script

هل خسرت إيران مكانتها في العراق بعد انتصار الصدر؟

تصغير
تكبير

... قرب جسر المعلق في بغداد، على مشارف المنطقة الأمنية المعروفة بـ«الخضراء»، نصبت الخيام من محتجين أكثرهم من الشباب الذين يطالبون بـ«إعادة فرز الأصوات واستعادة الأصوات المسروقة»، بعدما انجلت الانتخابات عن فوز كاسح لـ«التيار الصدري»، الذي يرأسه السيد مقتدى الصدر وخسارة مدوية لكتل وأحزاب أخرى فشلت في الحصول على عدد من النواب يعطيها مقعداً مفاوضاً في الحكومة المقبلة.

وعلى رأس المعتصمين، «عصائب أهل الحق» بقيادة الشيخ قيس الخزعلي الذي يعتبره الكثيرون من القوى العراقية التي تنضوي تحت عباءة إيران... فهل هذا يعني أن إيران خسرت العراق ومكانتها في ضوء نتائج الانتخابات؟

كتبت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن «أميركا تحتاج مُعمم (رجل دين) عراقي يحارب إيران ويوقفها (عن العراق)»، في إشارة إلى حصول الصدر على مقاعد غير نهائية تمثلت بـ72 مقعداً. غير أن الكاتب يناقض نفسه عندما يقول ان الصدر هاجم المتظاهرين (المعروفين باسم التشرينيين) بعد اجتماعه باللواء قاسم سليماني قبل اغتياله من أميركا في يناير عام 2020.

إلا أن هذا التناقض لا يقتصر على الإعلاميين والمحللين بل أيضاً يشمل أصحاب القرار في دول ترغب بمعرفة ما يحدث في العراق، ومن هو المنتصر والخاسر، وما هي قواعد اللعبة وأين هو دور إيران في كل ذلك؟

لا شك أن الصدر كان صديقاً لإيران في مرحلة ما حتى عام 2008، بعد أشهر من اعتقال الخزعلي في مارس من ذاك العام، ورفض الشيخ أكرم الكعبي تسليم ممتلكات «القوات الخاصة» و«عصائب أهل الحق»، التي وافق السيد مقتدى على إنشائها لمحاربة أميركا. في هذا التاريخ بدأ انفصال ليس بكبير من مناصري التيار الصدري وانضمامهم إلى أحزاب مسلحة تدعمها إيران.

إلا أن الصدر لم يعلن العداء لـ«الجمهورية الإسلامية»، بل كان له دور مهم في المشاورات التي كانت تجريها إيران مع جميع الأطراف السياسية في بغداد والحنانة (مقر الصدر في النجف)، وتالياً فإنه كان دائماً ضد أي تدخل أجنبي (من أميركا وإيران وغيرهما) في العراق - وتالياً هو لا يتوانى عن إرسال موفدين إلى طهران للقاء مستشار ولي الفقيه السيد علي خامنئي السيد علي أكبر ولايتي، وإلى لبنان للقاء المسؤول المباشر في «حزب الله» عن الملف العراقي الشيخ محمد كوثراني.

وأوصلت إيران رسالة واضحة إلى الصدر بأنها لم ولن تتدخل في الشؤون العراقية الانتخابية ولا بتشكيل الكتلة الأكبر ولا باختيار رئيس الوزراء. وان نوري المالكي ليس على سلم أولوياتها بل على العراق حل أموره بنفسه، إلا أن طهران مستعدة للمساعدة إذا طلب منها ذلك. وهي نأت بنفسها وفي شكل واضح عن الاجتماعات التي يعقدها المالكي - الذي حل ثانياً كأكبر حزب شيعي من خلال حصوله على نحو 37 مقعداً - بدليل أنها لم تطلب من رئيس تحالف «الفتح» هادي العامري ولا من الأحزاب الأخرى - التي تتمتع بعلاقة مميزة مع إيران - التحالف مع المالكي لتشكيل كتلة كبرى تتحدى الصدر.

ولإيران علاقة جيدة مع أحزاب سنية وكردية وشيعية ومسيحية وتستطيع، إذا أرادت، تشكيل جبهة في وجه الصدر لو اعتبرته عدواً يستهدفها، وتالياً فإنها تملك القدرة على الوقوف في وجهه، فهو لن ينجح أبداً في تشكيل حكومة لا تتمتع بغطاء شيعي ولا يستطيع تسمية رئيس الوزراء المقبل من دون حصوله على 165 مقعداً من أصل 329. ما يعني أنه يحتاج إلى دعم السنة والأكراد الذين يحملون بين أيديهم مطالب سيفرضونها على أي طرف يريد التحالف معهم.

هذه الخلاصة تؤشر إلى أن الصدر، سيتوجه إلى حلفاء إيران للتحالف معهم، في وقت تبارك طهران أي تقارب شيعي - شيعي بغض النظر عما يقال في الإعلام أو في أروقة أصحاب القرار الغربيين الذين لا يعلمون كيف ستكون خريطة الطريق المقبلة في العراق.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي