خواطر صعلوك

أطلقي النار يا حليمة... بس شوي شوي !

تصغير
تكبير

في إحدى المجلات النسائية المتخصصة، وإجابة عن سؤال «هل معرفة الطبخ مهمة من أجل اختيار فتاة أحلامك»؟

يجيب أحد الشباب، أن معرفة المرأة بالطبخ ليست مهمة بالنسبة له، ويقول: «أعرف القليل عن فنون الطبخ، ولا أشترط على زوجة المستقبل أن تجيد الطبخ، لأن المطاعم كثيرة ومتنوعة في بلادي، ولا أجد دافعاً لأنتظر زوجتي كل يوم لتطبخ لي ما أريد، لذلك الأسهل عليّ أن اصطحبها إلى المطعم، وما أريده من زوجة المستقبل ليس لقمة طيبة، بل قلباً طيباً وعقلاً متفهماً، ولا أؤيد ما يقال عن الرجل، بأن همه في بطنه، وأن أقصر طريق للوصول إلى قلب الرجل هو بطنه، فاليوم اختلفت الرؤية لدى الشباب والأهم بالنسبة لهم عقل المرأة وتفكيرها قبل أي شيء».

لا أدري لماذا وأنا أقرأ إجابة هذا الشاب، تذكرت الحكمة الخالدة التي أطلقها عالم الاجتماع بديع الزمان، ثابت الأركان، الحاج محمود شمس الدين الدُغري، والتي تقول «نجاح الزوج يبدأ من قدرته على إدارة كل ما هو خارج عتبة بيته، وما يعود على بيته منه، ونجاح الزوجة يبدأ من إدارة كل ما هو خلف العتبة، وما يعود بالنفع منه، وأي بداية عكس ذلك، فشل في الأدوار الاجتماعية».

عزيزي القارئ، إن هذا الشاب تحديداً سيدفع ثمناً غالياً بعد السنة الثالثة من الزواج، وسيدفع اثماناً أغلى إذا رزقه الله بأبناء، فتخيل كم سيدفع كل يوم عن عدم قدرة فتاة أحلامه على إدارة بيتها !

منذ 7000 قبل الميلاد، وحتى عام 1960م كانت المرأة هي التي تطبخ الطعام، والرجل هو الذي يعمل.

وكان الرجل يختار عروساً تشبه أمه في الطبخ وإدارة المنزل، ثم تغير الزمن وأصبح الرجل يبحث عن عروس تشبه أباه في إدارة العمل، أو القسم أو المؤسسة أو الجيش، ولم يعد للبيت من يديره!

وذلك بعد أن قررت المرأة أن تبحث عن ذاتها وكينونتها، وهي ذات وكينونة كانت مختلفة قبل ذلك، فتركت «الجدر» والملاعق والسكاكين والبهارات، ولم تعد تُشعل نار الغاز، ولكنها أصبحت تطلق النار على الأهداف في ميادين الرماية، وتوجهت للأزياء والبراندات، ونسيت اسماء الخضروات، وتذكرت اسماء الفاشينستات، وذهبت للجامعات والمؤسسات والطائرات والمختبرات، وحملت السلاح في الجيش والشرطة، وأصبحت تحكم بين الناس، واستبدلت ماكينة الخياطة بالدراجة الهوائية التي تسير بها طوال الوقت في الشوارع بحثاً عن ذاتها!

حتى وصل الحال أن نسبة الفتيات اللاتي لا يعرفن الطبخ تبلغ 83 في المئة من المرحلة العمرية من 18 إلى 35 عاماً، حسب إحصائية الجمعية العمومية لضحايا الحداثة.

بالتأكيد، ليس كل البيوت فيها نساء لم تعلمهن أمهاتهن الطبخ، وبالتأكيد أن الزوجة ليس مكانها المطبخ فقط، ولكن بالتأكيد أيضاً، أن على كل أم أن تعلم ابنتها الطبخ، وبالتأكيد أيضاً أن المطبخ أحد أهم المرافق التي يجب أن تديره المرأة، وليس الرجل ولا العاملة المنزلية.

يخبرني أحد أصدقائي والذي تزوج بفتاة لا تجيد الطبخ إطلاقاً، ليس لأنها بنت «سلطح» باشا، ولكن لأنها تعتبر صبغ أظافرها أهم بما يكفي لجعل زوجها في برهة ما يختار ما سيأكله كل مساء، فيدخل على موقع «طلبات» ويبذل مجهوداً ذهنياً أكبر بكثير من ذلك الذي بذله أثناء اختيار الفتاة التي أراد الزواج بها !

ماذا سيستفيد المجتمع من رجل لا يقضي حوائج بيته ؟ ولا يكون سنداً لأهله، ولا يُحسن لشريكته في الحياة، رجل متشبه بالنساء...تماماً كامرأة لا تطبخ ولا تدبر ميزانية منزلها، وتترك أطفالها، لكي تخدم المجتمع المستنير!

بالتأكيد، أن هذا المقال هو طرح قديم عفى عليه الزمان في ظل النسوية، والجندرية، وهراء المرضى النفسيين الذين بدلاً من أن يأخذوا حبوباً مهدئة للقلق النفسي الذي يعتريهم، نشروا فلسفتهم على الناس حتى أصبحت الأسرة مكونة من رجل ورجل أو امرأة وامرأة، وربما قريباً رجل وطفلة، وامرأة وطفل، وانهارت الأدوار الاجتماعية... وكل حاجة دخلت على كل حاجة، وأصبحنا نعيش في عالم سائل، باسم الحرية والمساواة والبحث عن الذات... ولكن كل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.

Moh1alatwan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي