No Script

ملفات «سريعة الاشتعال» أمام الحكومة... و«تاكسي الحمار» يزداد حضوراً

3 من كل 10 أطفال في لبنان... ينامون جائعين

حضور قوي لتاكسي الحمار في لبنان
حضور قوي لتاكسي الحمار في لبنان
تصغير
تكبير

- المطران عودة: الممسوسون بشياطين الفساد اقتحموا المناطق الآمنة واتّهموا المُدافِعين عن أنفسهم بأنهم المعتدون والقتلة
- رعد لجعجع: مَن كان لديه شرفٌ يجب أن يعتذر إذا أخطأ والمرتكب يعلم أنه أخطأ
- «يوم غضب» قطاع النقل البري الأربعاء... هل يتحوّل «منصة» في الصراع بين فريقيْ عون وبري؟
- مستشار عون لـ «أمل»: كاد المريب يقول خذوني... و«الحركة» لجريصاتي «وقى الله لبنان شرور الغرفة السوداء»

... سَيْلُ الانهيار الجارف من ورائها وعَصْفُ الصراعات المتعددة البُعد من أمامها. هكذا تبدو حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بعد شهر ونصف شهر من ولادتها علّها تكون «مانعة الارتطام المميت» وتوفّر فرصةً للبلاد لـ «التقاط الأنفاس» في مرحلة انتقالية أريد لها أن «تزرع» بذور إصلاحاتٍ وتفاوضاً مع صندوق النقد الدولي، على أن يكون «الحصاد» الفعلي بعد الانتخابات النيابية وتظهير «منسوب» التغيير الذي يُراهَن على أن تحمله صناديق الاقتراع وتأثيراته على الموازين الداخلية بامتداداتها الخارجية.

وبعدما باغَتَ ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت الحكومةَ قبل أن «تقلع»، كاشفاً أنها تشكيلة «سريعة الاشتعال» ومدجَّجة بالألغام من داخلها، بدت هذه الحكومة مُرْبكة بإزاء «كرتيْ النار» اللتين رُميتا بين يديْها: «ترقية» الثنائي الشيعي «حزب الله» والرئيس نبيه بري معركة إقصاء المحقق العدلي في «بيروتشيما» القاضي طارق بيطار إلى «أم الأولويات» ولو على حساب تطيير الحكومة، ثم «تَطايُر» هذا الملف أمنياً مع أحداث الطيونة الدموية التي ما زالت تجترّ «انبعاثاتِ مسمومة» سياسياً و«صبّت الزيتَ على نار» العلاقة المتفجّرة أصلاً بين ركنيْن أساسييْن في الحكومة هما فريق رئيس الجمورية ميشال عون وبري.

وفيما اختارت الحكومةُ «الهروبَ» من «لهيب» عنوان تحقيقات المرفأ، وتصوير استمرار تعليق انعقاد جلساتها الذي فرضتْه معادلة الثنائي الشيعي «لا جلسات ما لم تتم تنحية بيطار» على أنه «انحناء أمام العاصفة» وإتاحة الوقت للاتصالات الجارية لتأمين مَخْرَجٍ - تسوية يفصل بين هذا الملف وبين ضرورة إخراج الحكومة من وضعية شبه «تصريف الأعمال» التي اقتيدت إليها باكراً جداً، فإنها سرعان ما وجدت نفسها محاصَرة بين حدّين:

*الأول تشظيات موْقعة الطيونة (14 الجاري) وتَدَحْرُجها في أكثر من اتجاه، أحدها مسّ بـ«خط توتر عال» سياسي - طائفي شكّلته محاولة حرْف أحداث مثلث الطيونة - الشياح - عين الرمانة نحو «الاقتصاص» من حزب «القوات اللبنانية» من قِبل «حزب الله» عبر «إشهار» الورقة القضائية بوجه رئيسه سمير جعجع والكشْف عن قرار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية باستدعائه لسماع إفادته.

وبعدما رسمت الكنيسة المارونية بلسان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي خطاً أحمر أمام «تحويل من دافعَ عن كرامتِه وأمنِ بيئتِه لُقمةً سائغةً ومَكسرَ عصا» محذراً من المقايضة بين أحداث الطيونة وتحقيق المرفأ، لاقى مطران بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس الياس عودة هذا الموقف معتبراً «أن الخوف من دينونة العدالة ومحاولة التهرب من الإدلاء بالشهادة حرّك الممسوسين بشياطين الفساد، وجعلهم يختارون ظلمة الحرب والشقاق والقتل والتهويل، واقتحام المناطق الآمنة، وترهيب أهلها وطلاب مدارسها واتهام المدافعين عن أنفسهم بأنهم المعتدون والقتلة».

«ملاكمة» عون – بري... تابِع

ولم تقلّ دلالةً على تحوُّل أحداث الطيونة لغماً جديداً زُرع في داخل الحكومة من «الحرب الكلامية» التي اشتعلت بين فريقيْ عون وبري بعد اتهام «التيار الوطني الحر» (حزب رئيس الجمهورية) حركة «أمل» (يتزعمها بري) بـ «التواطؤ مع القوات اللبنانية بما حصل في الطيونة»، وأيضاً ربْطاً بالصراع غير الخفي حول التعديلات التي أدخلت على قانون الانتخاب خلافاً لرغبة «التيار» والتي ردّ عون قانونها إلى البرلمان و«يكمن» لها حزبُه عبر طعْنٍ دستوري مرتقب بحال عاود مجلس النواب الإصرار على التعديلات وأبرزها تنظيم الانتخابات في 27 مارس 2022 عوض مايو، وإفساح المجال أمام المغتربين للاقتراع للنواب الـ 128 كلٌّ في دائرته.

وقد استمرّت جولات «القصف الثقيل»، أمس، بالبيانات التي عكست أن علاقة حليفيْ «حزب الله» بلغت مرحلة «اللا عودة»، إذ ردّ مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي على اتهامه بـ «تسييس القضاء عبر الغرفة السوداء برئاسته والتي تحرّك وتدير عمل القاضي طارق بيطار»، معلناً أنه «إذا كانت سياسات (أمل) وتموضعاتها الوطنية والإقليمية مبنية على مثل هذه الاتهامات الزائفة والمعزوفات المملة، فهنيئاً لها وأبواقها الإعلامية المواقف الفاشلة بإنبهار»، ومشيراً إلى «أن من الخفة والظلم والعيب والجرم اتهام المحقق العدلي في انفجار المرفأ بأنه يتحرك بإملاء من(غرفة سوداء) بإدارتي وإشرافي، وكاد المريب أن يقول خذوني».

وردّت «أمل» بدورها على الردّ عبر القيادي فيها طلال حاطوم الذي قال: «مجدداً إذا لم تستحِ فافعل ما شئت، حبذا لو يبهر جريصاتي اللبنانيين ويصارحهم كيف وبسحر ساحر وبين ليلة وضحاها وبين قاض وقاض تحوّل هو من متهَّم أو مقصِّر أو مُدعى عليه في هذه القضية إلى حارس للحق والحقيقة والعدالة... وقى الله لبنان والعدالة والحقيقة شرور الغرفة السوداء».

وعلى وقع هذه «الملاكمة الكلامية»، استوقف أوساطاً سياسية موقف لرئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد بدا أقل تصعيدية إذ أعلن أن «مَن كان لديه شرفٌ يجب أن يعتذر إذا أخطأ، والمرتكب يعلم أنه أخطأ، لأنه اعترض على مسيرة قصدت تغيير قاض خرج عن سلوكيات الصدقية في التحقيق»، متوجهاً إلى جعجع دون تسميته «لرفْضه المثول أمام المحكمة العسكرية»، وسائلاً إياه «أي صدقية لديك؟» ومعتبراً رداً على إطلالة رئيس «القوات» الأخيرة وما تخللها من مطالبة بالاستماع للسيد حسن نصر الله في ملف الطيونة أن «كلامه هراء، وهو تطاول على البلد وليس على سيدنا فقط، ويقومون بكل شيء كي يستروا عنصريتهم».

الحكومة... هروب إلى الأمام

*أما الحدّ الثاني الذي وقعت حكومة ميقاتي في مرماه، فهو تَسارُع وتيرة الارتطام المريع الذي كان يتعيّن أن تلملم أشلاءه، فإذ به يخرج عن السيطرة أكثر وتظهر أمامه تشكيلة الـ 24 وزيراً وكأنها «تهرب إلى الأمام» في عمرها القصير وفي زمن الانتخابات النيابية، ملوّحة في مواجهة الارتفاع «الحارق» في أسعار المحروقات وخصوصاً البنزين الذي بات سعر الصفيحة الواحدة منه «يأكل» نصف الحد الأدنى للأجور (675 ألف ليرة) بزيادة بدَل النقل للعاملين في القطاع العام مرة جديدة (من 24 ألف ليرة) إلى أكثر من 50 ألفاً وأقل من 100 ألف، وسط كلام عن تفكير في زيادات على الأجور.

وعلى وقع استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية (نحو 21 ألف ليرة) ومعها المحروقات في ظل معلومات عن انتهاء مرحلة توفير مصرف لبنان الدولار لزوم استيراد البنزين (ولو وفق سعر السوق الموازية) ما يعني زيادة مرتقبة في الضغط على السوق السوداء وتالياً ارتفاعات جديدة في سعر العملة الخضراء، فإن أي زيادات لبدلات النقل كما للأجور قبل تبلْور نتائج التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي كان يُنتظر أن يبدأ بحلول نهاية السنة وقبل إعادة هيكلة أو «تصحيح» القطاع المصرفي وتنقيته واستعادة تدفُّق الدولارات عبر النظام المالي والمصرفي، يعني وفق خبراء دخول البلاد في حلقة جهنمية من زيادة فقدان قيمة الليرة وتحليق الدولار ومعها أسعار مختلف السلع.

ولم يكن عابراً، أمس، أن تشقّ عناوين معيشية طريقها مجدداً إلى المشهد اللبناني من خلف غبار المعارك السياسية.

من لبنانييْن لم يجدا إلا «تاكسي الحمار» لنقل أولادهما الى المدرسة في منطقة بعلبك - الهرمل لعدم قدرتهما على تحمُّل أكلاف الباص المدرسي، إلى كثيرين باتت «وجبة الفقراء» حتى خارج متناولهم بعد تسجيل ثمن منقوشة الزعتر رقماً قياسياً بنحو 14 ألف ليرة، وسندويش الفلافل 20 ألف ليرة، وذلك في ضوء ارتفاع أسعار مختلف السلع وبطريقة «مركّبة» تبدأ بمكوّناتها، ولا تنتهي بإضافة التكلفة الباهظة لسعر نقْلها (بنزين أو مازوت) ثم تخزينها (مازوت المولدات) ثم سعر الغاز (باتت القارورة بـ 250 ألف ليرة) ثم سعر اشتراك المولدات.

واكتملت الصورة الكارثية مع إعلان مكتب اليونيسيف في بيروت، أنه «في لبنان، أدت الأزمات غير المسبوقة إلى فقر العائلات التي كانت سابقاً في وضع هش للغاية، وأظهر أحدث تقييم أجريناه أن 3 من كل 10 أطفال يخلدون إلى النوم جائعين أو يتخطون وجبات الطعام».

وإذا كانت الانطلاقة المرتبكة للحكومة حوّلتها «عرجاء» تحت أنظار المجتمع الدولي الذي كان يراهن عليها، وبمعزل عن عدم تمتُّعها «بمواصفاته الأصلية» (وزراء اختصاصيون غير حزبيين وبعيداً من المحاصصة)، لتحقيق الحدّ الأدنى من فرْملة الانهيار، فإن الأنظار تتجه إلى يوم الغضب الذي دعا إليه قطاع النقل البري يوم الأربعاء، في كل لبنان احتجاجاً على ارتفاع أسعار المحروقات (صفيحة البنزين تجاوزت 312 ألف ليرة ومرشحة لارتفاع أكبر)، وسط خشيةٍ من تحوّله مسرحاً لأجندات سياسية في ضوء تسييس العمل النقابي في لبنان.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي