التظاهرات الحاشدة في السودان... ثقل موازن لقوة الجيش
تؤكد التظاهرات الحاشدة في السودان الدعم القوي لحكم مدني، لكن محللين يحذرون من أن تأثيرها قد يكون ضئيلاً على أطراف قوية تسعى لعودة العسكر إلى الحكم.
والخميس الماضي نزل عشرات آلاف السودانيين إلى شوارع العديد من المدن، دعما لانتقال كامل للحكم إلى المدنيين، فيما كان أنصار العسكر يواصلون اعتصاماً أمام القصر الجمهوري في وسط العاصمة منذ السبت الماضي.
ويقف الجانبان على طرفي نقيض في «قوى الحرية والتغيير»، المظلة المدنية التي قادت التظاهرات وصولاً إلى إطاحة الجيش عمر البشير في 2019 وسجنه.
وقال المحلل السوداني عثمان ميرغني لـ«فرانس برس»، إن «التظاهرات كانت للتعبير عن رفض واضح لاحتمال عودة حكم العسكر، والتأكيد على أن الهدف لا يزال الانتقال إلى حكم مدني».
لكن «رغم حجمها (التظاهرات)، فإن تأثيرها ضئيل على الواقع السياسي القائم».
ويقول منتقدون إن الاعتصام المؤيد للعسكريين أمام القصر الرئاسي، خططت له شخصيات بارزة في قوات الأمن وأنصار للبشير وغيرهم من «المناهضين للثورة».
لكنها حصلت على دعم من بعض الذين تلقوا ضربة قوية من جراء تدابير تقشفية وضعتها حكومة عبدالله حمدوك بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وتشهد الفترة الانتقالية في السودان انقسامات سياسية وصراعاً على النفوذ بين مكونات القيادة للمرحلة.
وقال يوناس هورنر من المجموعة الدولية للأزمات إن «الانقسامات داخل قوى الحرية والتغيير نفسها، تضعف قدرتها على الحكم، وتجعل من السهل للجيش وأنصاره من قوى الحرية والتغيير الحديث عن سوء أداء، سبباً لحل الحكومة».
واعتبر هورنر أن «الجيش، بما في ذلك القوات المسلحة السودانية وقوات التدخل السريع، تعتزم أخيراً، عدم التخلي عن نفوذها السياسي والاقتصادي» مضيفاً أن «التظاهرات الكبيرة يمكن أن تظل ثقلاً موازناً لقوتهم»، ومؤكداً أن «على المعارضة الشعبية، أن تبقي العسكر بعيدين، ويمكنها مواصلة ذلك».
وعبر وزراء من حكومة حمدوك عن دعمهم للجانبين المنقسمين.
وانضم وزير الصناعة إبراهيم الشيخ الخميس الماضي إلى التظاهرات الحاشدة الداعمة لحكم مدني.
وشارك وزير المال جبريل إبراهيم وهو قيادي سابق في حركة «التمرد من دارفور»، والذي انضم للحكومة عقب اتفاق سلام تاريخي في العام 2020، في صلاة الجمعة أول من أمس، التي أقامها أنصار العسكر في موقع الاعتصام.