No Script

قيم ومبادئ

المرتزقة في الضمير العالمي؟

تصغير
تكبير

جاء تعريف المرتزق في الاتفاقية الدولية المناهضة لتجنيد المرتزقة، بأنه شخص يجند محلياً أو في الخارج، للقيام بالعنف، أو للقتال في نزاع مسلح، وغايته المكافأة المادية، ولا يكون من رعايا طرفي النزاع.

وعلى الرغم من وضوح القانون في تجريم هذا الفعل، إلا أن العمل يجري على قدم وساق في عالمنا تحت أنظار الدول الكبرى، ولا غرو فقد تعاظم دور الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة في أوروبا وأميركا، وحققت أرباحاً بأرقام فلكية جراء تجنيدها للمرتزقة من الدول الفقيرة للقيام بأعمال غير مشروعة، وكل ذلك تحت ظل القانون الأميركي الذي يسمح بإنشاء قوات عسكرية خاصة وميليشيات!

تفيد دراسة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز 2009، بأن 65 في المئة من القوات التي ترسلها وزارة الدفاع الأميركية للخارج تابعة لشركات أمن خاصة! وأن وكالة الأمن القومي الأميركية توظف نحو 480 شركة أمن خاصة في العالم؟

شركة (بلاك ووتر) أسسها ايريك برنس 1997، تعتبر من أهم الشركات العالمية في مجال تقديم هذه الخدمات اللا مشروعة في تجنيد المرتزقة، وقد غيرت اسمها مرات عدة بسبب الفضائح التي لاحقتها خلال مهماتها الأمنية في العالم؟ والعقود التي تبرمها مع الأشخاص أو المؤسسات عقود طويلة الأمد، وتتم مع مرتزقة عابرين للقارات، وعقود قصيرة الأمد تتعلق بأعمال إدارية وفنية. وتقدر العقود التي أبرمتها خلال عشرين سنة ماضية بالآلاف، مما يشي بدخولنا نفق مظلم، مع وجود شركات أخرى في هذا المجال.

ومع هذه السيطرة الواضحة على مفاصل العالم والتحكم فيه، يحق لنا أن نسأل أين الضمير العالمي عن هذه التجاوزات؟ وخاصة إذا عرفنا التحولات التي ظهرت بها بعض الشركات الأمنية، وتخصصت في إدارة المخاطر السياسية، وتفخر بأنها توافر الاستشارات الإستراتيجية والتحقيقات المعمقة من خلال التعامل مع القضايا السياسية الحساسة، وتوفير الأمن على الأرض، كما أن اصحاب هذه الشركات استغلوا الفوضى لدى الشعوب المقهورة وراحوا يعقدون الصفقات حتى بلغت إيراداتها 223٫32 مليون دولار عام 2010، هذا باختصار أحد المسارات المجهولة والنفق الطويل الذي ينتظر الشرق الأدنى، والضمير العالمي في سبات عميق!

تاريخياً، نجد القوات الإنكشارية العثمانية وبالتركية (يكنى جارى)، وهم عبارة عن خليط من أجناس مختلفة الأصول، وأسرى الحروب، يؤخذون ويربون تربية عسكرية، ويعلمون مبادئ الدين الإسلامي وعرف (الإنكشاريون) بكفاءتهم القتالية، ووفرتهم العددية وضراوتهم في الحروب، وكانوا أداة قوية للسلطان العثماني، ومع مرور الزمن تغولت هذه القوة وخرجت عن السيطرة، وراحوا يتحكمون في شؤون الحكم، ويزجون أنفسهم في السياسة العامة العليا حتى أصبح حقاً لهم مكتسباً في عزل السلطان وتولية آخر مكانه؟ فقتلوا عثمان الثاني سنة 1622، وخنقوا السلطان إبراهيم الأول سنة 1648، ولما زاد عتوهم أصدر السلطان محمود الثاني قراراً بالغاء الفيالق الإنكشارية إلغاءً تاماً، وحصد من تمرد منهم بساحة اسطنبول 1826 في معركة سميت بـ(الواقعة الخيرية).

وفي تاريخنا المعاصر نجد (الإنكشاريين الجدد) تمثلوا بـ الغوغائية، وهي حالة سياسية تكون فيها السلطة بيد الجماهير والغوغاء، وسموا غوغاء لكثرة لغطهم وصياحهم، والغوغائية تكون أيضاً في بعض المرشحين الذين ينتهجون سياسة تملق الجماهير لاستغلال مشاعرها، وكسب ودها وإثارتها في الشارع لمصالحهم الخاصة!

وجاء عندنا في الشريعة (فتنة الدهيماء) التي لا تدع وجهاً إلا لطمته، ولا بيتاً إلا دخلته، وإذا قيل عنها إنها انقضت، تمادت، وهي مظلمة تكاد تطمس عقول الناس، وهي من أعظم الفتن على الإنسان المعاصر، ولعل منها وسائل التواصل الاجتماعي وما فيها من المواقع والتطبيقات المنحرفة التي أذهبت حياء المرأة وجرأت الصبيان على والديهم!

حتى اتسع الخرق على الراقع، وإذا بحثنا عن أكثر الشركات التي تديرها لوجدناها تدور في فلك الدول الكبرى! والأكثر من ذلك استغلالهم ألعاب (games) في تعليم الأطفال فنون القتال والسرقة في قارعة النهار، دون محاسبة ولا اتهام بالتحريض على العنف، أو المساعدة عليه أو تسهيله ونشره كما جاء في اتفاقية مناهضة تجنيد المرتزقة.

الخلاصة:

(رمتني بدائها وانسلت)

المطالبة بحكومة شعبية، لنصل إلى استبداد الأغلبية، والتي يكون فيها الحكم بالعواطف وليس بالمنطق.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي