سافر إلى ذاتك

لن وليس بعد؟

تصغير
تكبير

كثير منا ينتظر تحقيق شيء في حياته، ليشعر بقيمته ووجوده وإنجازاته، ومع وجود السوشيال ميديا أصبحت رؤية نجاح الآخرين ومشاركته أمراً سهلاً جداً، إلا أنه باب للخيبة لكل من لم يحقق شيئاً بعد، وكأننا في سباق انجازات، أو في ماراثون من يصل أولاً، ولأن المقارنة بين حياتنا وحياة مشاهير السوشيال ميديا صارت أمراً لا مفر منه، فمهما تجاهلنا سنسمع في المجالس، ومهما عزلنا أنفسنا فسنجد من يحدثنا عنهم، وكل مرة نسمع أنهم يملكون المال، والقوة، ويشعر الكثير منا بالخيبة لأنه لم يصل بعد، عزيزي القارئ أنت مهم في العالم حتى لو فشلت في دراستك لربما هناك طريق آخر غير العلم لم تعرف وجهته بعد، أنت مهم وإن خسرت مشاريعك، فلربما هناك مهارات لم تتعلمها قط أنت مهم وإن لم تتزوج وتنجب لأي سبب كان، فلربما كان احتواؤك ليتيم قدراً لك، أنت مهم وإن لم تملك شيئاً.

أهميتك لا تعني أن تشبه أحداً، أو تعيش سيناريو وقصة تشبه الجميع، فجميعنا لسنا الجميع، وكلنا قصص مختلفة الصياغة والفكر لا تعيش باحتمال واحد، بينما هناك ملايين الاحتمالات، ولا تحكم على مكانك الآن في موسم حصاد أحدهم بدأ قبلك أو اختلف بصياغة حياته عنك، أنت أنت وهم هم وحياتك لا تنتظر أن تقيمها بـ: بعد لن أكون سعيداً إلا بعد الشهادة، لن أكون مرتاحاً إلا بعد الثروة، لن أستمتع إلا بعد الانتهاء من كل شيء، لن أكون ناجحاً إلا إذا حصلت على لقب معين، لن ارتاح إلا بعد ترقيتي، لن أكون بخير حتى يكبر مشروعي.

كل شعور مشروط بـ: ليس بعد.

ولماذا لا نبدل (الشرط السابق) باللا شرط مثال: أنا أعيش اليوم وأصنعه، وإن لم أحقق نتيجة، وإن لم أصل لهدفي، وإن لم يكن وزني مثالياً، لا تكن قاسيا على نفسك، بل كن رحيماً بها، حب نفسك بمفهوم مختلف، أي تقبلها ثم طورها، لا تحسب النتائج بل قدر العمل، لا تبحث عن من يحل مشاكلك كصديق، لن تنتهي المشاكل ما دمت تتقدم، بل ابحث عن من يحارب معك في تخطيها.

هل ما سبق دعوة للاستسلام؟ لا بالتأكيد، بل دعوة لفك أدوات الشرط بكل أشكالها ومنعطفاتها، ابذل كل ما تستطيع، واعمل بجد متوافقاً مع قلبك وشغفك، وتعلم مهارات ما تود، واستمتع بالآن واترك النتائج تأخذ وقتها في التجلي، ولا تقف ولا توقف مشاعرك ومتعتك عند شرط لن وليس بعد.

Twitter،Insta; @drnadiaalkhaldi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي