إن المكان الذي تذهب إليه الفيلة لكي تلد صغارها، هوالمكان ذاته الذي تعود إليه الإناث المسنة لكي تموت... البعض سمى المكان «مقابر الفيلة» بينما اسماه آخرون «النداء الأول».
منذ ولادتك، وحتى موت من ولدتك، تكمن سيرة إحسان غالباً لا نراه، إلا عندما ندرك «النداء الأول».
إن أول حركة للكائن البشري هي العناق، فبعد الخروج إلى الدنيا، وفي بدء أيامهم، يحرك حديثو الولادة أيديهم كثيراً، كما لو أنهم يبحثون عن أحد يمسكون يده، آخرون يقولون أيضاً إن الأمهات المسنات وفي آخر أيامهن، يمتن وهن يرغبن في رفع أذرعهن... بحثاً عن عناق.
في حياتنا الواحدة التي نعيشها، لا تموت الأم مرة واحدة، على عكس اعتقاد الكثيرين، بل تموت مرات عديدة، في قراراتنا الكبرى، وتحولاتنا الاجتماعية، تخرج، زواج، إنجاب، وظيفة، حياة تسير بك وتمد يدك لتبحث عمن يلتقطها ويُعانقك، وعندما لا تجد من يمسكها، تكون ماتت للمرة الثانية، والثالثة، والرابعة.
وميم الأم هي الملجأ المحيط.
وميم الأم، هي ميم الجمع والضم واللم، تجلى وسكن صدى حرف «الميم» في مسجد ومدرسة ومنزل وملجأ، وتجلت حركته ودلالاته في مُدبرة ومُيسرة ومُربية.
أغلق شفتيك وأنت تنطق حرف «الميم»... احتراماً وتقديراً لسيرة إحسان غالباً لا نراها إلا في أمهاتنا، صاحبات «النداء الأول».
ومع المعذرة لحرف «الميم» على كشف سره.
كان من المفترض في هذا المقال أن يكون رثاءً لأمي رحمها الله وحفظ الله أحبابكم، ولكني وجدت نفسي أكتبها من خلال آخرين.
رحم الله «إحسان السيد علي»... وأدخلها فسيح جناته.
وكم يتشابه الخلق عندما نعود بهم إلى الأصل الأول... إلى الله.
كان هذا عزيزي القارئ رثاءً في تمجيد الأم، وبمجدها نتمجد، والحمد لله رب العالمين.
Moh1alatwan@