No Script

حروف نيرة

لماذا قُدّم المال؟

تصغير
تكبير

يقول العلامة القرطبي: «ان في المال جمالاً ونفعاً، وفي البنين قوة ودفعاً، فصارا زينة الحياة الدنيا».

العاقل فينا من تمتع بزينة الحياة الدنيا وجعلها طريقاً للآخرة فزاد من الطاعات، وفي معظم آيات القرآن الكريم المال مقدم على النفس والأولاد، ففي آيات الجهاد في سبيل الله تعالى المال مقدم على النفس: (جاهدوا بأموالهم وأنفسهم) التوبة، وكذلك في خطاب الله تعالى للناس: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) الكهف، ويعني ان المال والبنون اللذين يتفاخر بهما الناس ما هما إلا أشياء يتزين بها الإنسان في الحياة الدنيا، ولا يُعتد بهما في الآخرة، بينما الطاعة الخالصة لله والدعاء المتوجه إليه سبحانه هو ما يبقى من الأعمال الصالحة بعد انتهاء الحياة.

وفي الحكمة من تقديم المال على البنين أن المال في زينته أعم من الأبناء، فهو شامل لكل الأفراد، على عكس البنين فهم زينة حصرية للآباء، كما أن المال حاجته أكثر من الأبناء، وهو زينة بحد ذاته، أما البنون فزينتهم لا تكون إذا لم يتوافر المال، حيث إن وجود الأبناء مع قلّة المال هو ضيق في الحال.

يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله: تلك هي العناصر الأساسية في فتنة الناس في الدنيا، المال والبنون، لكن لماذا قدَّم المال؟ أهو أغلى عند الناس من البنين؟ يقول: قدَّم الحق سبحانه المال على البنين، ليس لأنه أعزُّ أو أغلى؛ ولكن لأن المال عام في المخاطب على خلاف البنين، فكلُّ إنسان لديه المال وإن قلَّ، أما البنون فهذه خصوصية، ومن الناس مَنْ حُرِم منها، كما أن البنين لا تأتي إلا بالمال؛ لأنه يحتاج إلى الزواج والنفقة لكي يتناسل ويُنجب، إذاً: كل واحد له مال، وليس لكل واحد بنون، والحكم هنا قضية عامة، وهي: (المال والبنون زِينَةُ الحياة الدنيا)، كلمة «زِينَةُ» أي: ليست من ضروريات الحياة، فهو مجرد شكل وزخرف؛ لأن المؤمن الراضي بما قُسِمَ له يعيش حياته سعيداً من دون مال، ومن دون أولاد؛ لأن الإنسان قد يشقَى بماله، أو يشقى بولده، لدرجة أنه يتمنى لو مات قبل أن يُرزق هذا المال أو هذا الولد.

aalsenan@hotmail.com

aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي