No Script

الذكرى الأولى لوفاة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد

66 عاماً من العطاء... لأحد صانعي تاريخ الكويت

تصغير
تكبير

تمر على الكويت هذه الأيام الذكرى السنوية الأولى لوفاة سمو أمير البلاد الراحل المغفور له بإذن الله الشيخ صباح الأحمد الذي انتقل إلى جوار ربه في 29 سبتمبر من العام 2020.

في ذلك اليوم، فُجع أهل الكويت بخبر أليم اعتصر قلوب الصغار والكبار، بفقد رجل لطالما أحبهم وعمل من أجل إسعادهم ورفعة وطنهم، فبادلوه الحب والعمل حتى غدت الكويت في عهده بلد الإنسانية وعاصمة القمم ورائدة الوساطة الخليجية والعربية.

ويعد الأمير الراحل أحد أبرز الشخصيات الكويتية، حيث استمرت مسيرته الوطنية نحو 66 عاماً، إذ بدأها في العام 1954 حين عين عضواً في اللجنة التنفيذية العليا، وتربع على قمة الديبلوماسية الكويتية منذ نهاية شهر يناير في العام 1963، قبل أن يتولى رئاسة الوزراء في العام 2003 ومسند الإمارة في العام 2006.

وتشهد سجلات الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن كلمة الكويت التي تنطق بسياستها ومواقفها إزاء القضايا الإقليمية والدولية كانت في معظم الأحوال من نصيب الراحل.

ويبرز المغفور له من بين الرجال الذين ساهموا في صنع تاريخ الكويت، فهو بلا جدال كان رجل السياسة الخارجية الكويتية وعميد الديبلوماسيين على مستوى العالم للمدة الطويلة التي قضاها وزيراً للخارجية وللخبرة المتميزة التي عرف بها بين أقرانه من الديبلوماسيين.

وألقى المغفور له بعد أداء القسم، في جلسة 29 يناير 2006، أول كلمة له وعد فيها الشعب الكويتي بتحمل الأمانة وتولي المسؤولية، مؤكداً العمل من أجل الكويت وشعبها، وداعياً الجميع إلى العمل من أجل جعل الكويت دولة عصرية حديثة مزودة بالعلم والمعرفة يسودها التعاون والإخاء والمحبة ويتمتع سكانها بالمساواة في الحقوق والواجبات.

واستطاع إبراز دور الكويت في المحافل الدولية وفي كل المجالات سواء الإقليمية والعربية أو الإسلامية والعالمية، وكان حريصاً على مصلحة الكويت وإعلاء كلمتها في هذه المحافل، وكان بحق الحافظ للأمانة والقادر على إدارة شؤون الحكم في البلاد.

كما مكنت الخبرة الكبيرة والمتعددة للأمير الراحل لأن يكون مرجعية عربية وعالمية يُركن إليها ويُوثق بحاستها وحساسيتها السياسية، فكان موضع استشارة ووسيطاً لحل ومعالجة الكثير من المشكلات التي واجهت وتواجه أقطاراً عربية وغير عربية والتي تكلل معظمها بالتوفيق.

وخلال تربعه على قمة الديبلوماسية الكويتية، استطاع أن ينسق السياسة الخارجية للدولة ويدرس الشؤون المتعلقة بها ويسهر على علاقات الكويت مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية ورعاية مصالح الكويتيين وحمايتهم في الخارج، وهذه الأمور كانت لاتزال من صلب أعمال وزارة الخارجية.

وفي هذا الشأن، كانت للشيخ صباح الأحمد - طيب الله ثراه - بصمات واضحة، حيث كان يقوم بجولات مكوكية لمختلف دول العالم، يرسخ بذلك علاقة الكويت مع هذه الدول في جميع المجالات، كما كان يمتلك حضوراً سياسياً فاعلاً في المحافل الدولية، ورصيداً سياسياً كبيراً محلياً وخليجياً وعربياً ودولياً.

حتى جاء التكريم الأممي من أكبر منظمة دولية وأممية لتتوج كل هذه السيرة والمسيرة والعطاء الداخلي والدولي والإقليمي، بتكريمه قائداً للعمل الإنساني والكويت بلداً للإنسانية، وذلك في التاسع من شهر سبتمبر العام 2014، تقديراً لجهوده وإسهاماته الكريمة ودعمه المتواصل للعمليات الإنسانية للأمم المتحدة للحفاظ على الأرواح وتخفيف المعاناة حول العالم.

النشأة والمسيرة

تلقى تعليمه في المدرسة المباركية، وقام والده الشيخ أحمد الجابر الصباح بإيفاده إلى بعض الدول للدراسة واكتساب الخبرات والمهارات السياسية وللتعرف على عدد من الدول الأوروبية والآسيوية، وفي العام 1954 عين عضواً في اللجنة التنفيذية العليا، وفي العام 1955 عين رئيساً لدائرة الشؤون الاجتماعية والعمل ودائرة المطبوعات والنشر، وفي العام 1956 كان عضواً في الهيئة التنظيمية للمجلس الأعلى الذي كان يساعد الحاكم آنذاك.

وبعد الاستقلال، تم في 17 يناير 1962 تشكيل أول مجلس وزراء في الكويت والذي ترأسه أمير الكويت الشيخ عبدالله السالم الصباح وذلك بعد إجراء انتخابات المجلس التأسيسي عين فيه وزيراً للإرشاد والأنباء (الإعلام بالوقت الحالي).

وفي 28 يناير 1963 وبعد إجراء انتخابات مجلس الأمة الأول، عين وزيراً للخارجية، واستمر في منصبه حتى 20 أبريل 1991، وقد شغل في تلك الفترة بالإضافة إلى وزارة الخارجية وزارات أخرى بالوكالة، حيث في الفترة ما بين 29 ديسمبر 1963 حتى 13 مارس 1964 كان وزيراً للإرشاد والأنباء بالوكالة، كما كان في الفترة من 4 ديسمبر 1965 إلى 28 يناير 1967 وزيراً للمالية والنفط بالوكالة، وفي الفترة ما بين 2 فبراير 1971 حتى 3 فبراير 1975 كان وزيراً للإعلام بالوكالة، وفي الفترة من 4 مارس 1981 حتى 9 فبراير 1982 كان وزيراً للإعلام بالوكالة.

بعد ذلك، عين وزيراً للإعلام بالإضافة لكونه وزيراً للخارجية، وفي الفترة من 16 فبراير 1978 حتى 18 مارس 1978 عين وزيراً للداخلية بالوكالة، وكان قد عيّن في 16 فبراير 1978 نائباً لرئيس مجلس الوزراء بالإضافة إلى كونه وزيراً للخارجية، واستمر في هذا المنصب حتى 20 أبريل 1991.

وفي ذلك التاريخ، خرج للمرة الأولى من الوزارة منذ استقلال الكويت، إلا أنه عاد بتاريخ 18 أكتوبر 1992 إلى الوزارة مرة أخرى حيث عين نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للخارجية، وظل في هذه المناصب حتى يوليو من العام 2003 عندما عين رئيساً للوزراء.

رئاسة الوزراء

في 14 فبراير 2001، قام الشيخ صباح، رحمه الله، بتشكيل الحكومة الكويتية بالنيابة عن الأمير الوالد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ سعد العبدالله الصباح بسبب ظروفه الصحية، وفي 13 يوليو 2003 تم تعيينه رئيساً لمجلس الوزراء بعد اعتذار الشيخ سعد عن المنصب لمرضه.

وشغل هذا المنصب حتى 24 يناير 2006 عندما نقل مجلس الأمة صلاحيات الحكم إلى مجلس الوزراء بسبب مرض الشيخ سعد الذي كان قد تولى الحكم دستورياً بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد، وقد اجتمع مجلس الوزراء بعدها وقرر اختياره ليتولى حكم البلاد.

مسند الإمارة

تولى المغفور له الحكم رسمياً في 29 يناير 2006، وذلك بعد مبايعته بالإجماع في مجلس الأمة، وهو أول أمير منذ العام 1965 يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة.

أول من رفع علم الكويت

فوق مبنى الأمم المتحدة

بعد أن عين وزيراً للخارجية ورئيساً للجنة الدائمة لمساعدات الخليج العربي في العام 1963، وبحكم منصبه كوزير أصبح عضواً في مجلس الأمة، وكان خلال هذه الفترة يترأس نادي المعلمين الكويتي.

وهو أول من رفع علم الكويت فوق مبنى هيئة الأمم المتحدة بعد قبولها انضمام الكويت في 11 مايو 1963.

ومن خلال توليه منصب وزير الخارجية ورئيس اللجنة الدائمة لمساعدات الخليج العربي، قام بإعطاء المنح من دون مقابل للدول الخليجية، وقد امتد عمل اللجنة عندما تولى رئاستها إلى اليمن الجنوبي واليمن الشمالي وسلطنة عمان وجنوب السودان، وأنشأت الكويت مكتباً لها في دبي للإشراف على الخدمات التي تقدمها ومنها الخدمات الاجتماعية والتنموية.

وحتى العام 1969 كان للكويت في الإمارات 43 مدرسة وما يقرب 850 مدرساً تتولى الكويت دفع رواتبهم بالكامل، وكانت الكويت تصرف على هذه المدارس والوجبات الغذائية التي تقدم فيها، وقد ظلت المقررات الدراسية الكويتية معتمدة في الإمارات لمدة حتى بعد قيام الاتحاد.

محطات تاريخية

في 19 يوليو 1954، أصدر الشيخ عبدالله السالم الصباح أمراً بتعيينه عضواً في اللجنة التنفيذية العليا التي عهد إليها تنظيم مصالح الحكومة والدوائر الرسمية ووضع خطط عملها ومتابعة التخطيط فيها، وبعد انتهاء هذه اللجنة من عملها تم تعيينه رئيساً لدائرة الشؤون الاجتماعية والعمل العام 1955.

وفي عام 1957 أضيفت إليه رئاسة دائرة المطبوعات والنشر.

في فترة توليه دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل كان يبدي اهتماماً بالمشاريع الاجتماعية، حيث كان يؤيد وضع القواعد التنظيمية من أجل إفساح فرص العمل الملائم للمواطنين وكان يساعد على استقرار العلاقة بين العمال وأصحاب العمل، وتنظيم الهجرات الأجنبية التي تدفقت على الكويت بعد استخراج النفط، واستحداث مراكز التدريب الفني والمهني للفتيات ورعاية الطفولة والأمومة، وتشجيع قيام الجمعيات النسائية ورعاية الشباب وإعداده نفسياً واجتماعياً وبدنياً والعناية بالمسرح، وإنشاء الأندية الرياضية وإنشاء مراكز لرعاية الفنون الشعبية.

خلال عمله في إدارة المطبوعات والنشر، نفذ أموراً عدة، حيث تم في عهده إصدار الجريدة الرسمية للكويت تحت اسم «الكويت اليوم» لتسجيل كافة الوقائع الرسمية، وتم إنشاء مطبعة الحكومة وذلك لتلبية احتياجات الحكومة من المطبوعات، وإصدار مجلة «العربي» وإحياء التراث العربي وإعادة نشر الكتب والمخطوطات القديمة وتشكيل لجنة خاصة لمشروع كتابة تاريخ الكويت وإصدار قانون المطبوعات والنشر الذي شجع الصحافة السياسية وكفل حريتها في حدود القانون.

بعد استقلال دولة الكويت في 19 يونيو 1961 تم تشكيل الحكومة الأولى وحولت الدوائر إلى وزارات وعين فيها وزيراً للإرشاد والأنباء، كما كان عضواً في المجلس التأسيسي الذي كلف بوضع الدستور وذلك كونه عضواً بالحكومة.

خلال توليه وزارة الإرشاد والأنباء ساهم في تطوير عدد من وسائل الإعلام، فكانت الوزارة تضم دار الإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح والسياحة إلى جانب أقسام الرقابة على النشر، وهي الإدارات التي ساهمت في دحض الافتراءات على الكويت أثناء الأزمة مع عبد الكريم قاسم بعد الاستقلال. (المصدر: شبكة الدستور)

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي