No Script

رؤية ورأي

الطائفية وأربعينية الحسين

تصغير
تكبير

ألطف مفردتين لوصف المستوى الذي تعاطت به وزارة الصحة مع ملف زيارة أربعينية سيد الشهداء سبط المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم – هي أنّ المستوى كان معيباً للوزارة ومخلّاً بالدستور.

فالوزارة تعاملت بغطرسة مع الزوّار، وفرضت عليهم إجراءات احترازية مشدّدة، تضمّنت حجراً مؤسسياً لسبعة أيام يتبعها حجر منزلي لسبعة أيام أخرى، من دون غيرهم من المواطنين والمقيمين العائدين من دول أخرى مصنّفة وبائياً بأنها «عالية الخطورة»، ومشهورة بكثرة وكثافة التجمعات البشرية فيها.

سقوط الوزارة في ملف شعيرة الأربعينية تأكّد بشهادة مجموعة من أهل الاختصاص الداعمين والمشاركين في جهود الوزارة لاحتواء الجائحة، الذين أجزموا أن «الاشتراطات التي فرضتها الوزارة على الزوّار مبالغ فيها ويمكن وصفها تعسفيّة».

وسقوطها تفاقم بتجاهلها مشاعر الغضب والريبة لدى شريحة واسعة من المواطنين تجاه تلك الاشتراطات.

يرى مراقبون أن خنوع وامتثال مجلس الأمة – بشقّيه الموالي والمعارض – للحكومة وتحديداً وزير الصحة في هذا الملف، أضعف الرقابة البرلمانية وسمح بتمرير هذا الانتهاك لحق دستوري.

فلم يسعَ في الدفاع عن هذا الحق إلا خمسة نوّاب، فلم يوفقوا في مسعاهم.

وأما الآخرون فتخلّوا عن واجبهم الأساس بذرائع مختلفة.

فمنهم من هوّن واستصغر هذا الانتهاك، ومنهم من تعذّر بأنه لديه خلاف مع الوزير يمنعه من الاتصال المباشر به! قضيّة زيارة الأربعينية كشفت وفضحت مرّة أخرى زيف ادعاءات المعارضة بأنها تتبنّى النهج الوطني، فلجأ كوادر في المعارضة إلى تضليل المواطنين بخديعة تخييرهم بين تحصين الحريّات الدينية الدستورية وبين تحصين المال العام، كما لو أن الجمع بين الاثنين محرّم أو غير ممكن.

واستعانوا أيضاً بحيلة إلقاء المسؤولية حصريّاً على نوّاب الموالاة بحجة أنهم الذين حصنوا الحكومة التي مارست الانتهاك المذكور، متناسين أن هذه الحجّة لم تمنع نوّابهم من مواجهة الحكومة في ملفات أخرى.

صور الوحدة الوطنيّة التي يتغنى بها نوّاب وكوادر من المعارضة، مزيّفة لأن خلفيتها حماية رفاقهم في المعارضة وتعزيز تماسك جبهتهم السياسية، ولا علاقة لها بالوحدة الوطنية.

وقد استعرضت في مقالات سابقة النفس الفئوي المبطّن في عدد من الاقتراحات بقوانين التي قدّمها نوّاب من المعارضة.

ومنها على سبيل المثال، اقتراح بقانون لإلغاء عقوبة الحبس عن بعض مواد قانون المطبوعات والنشر، وإبقائها كما هي في مواد أخرى في القانون ذاته.

المراد أن المعارضة لا يمكن أن تكون وطنيّة لأنها تعاني من الازدواجية والانتقائية المزمنتين.

فالمعارضة التي تطالب بتعزيز الحريات، التي تقوّي موقفها في مواجهة السلطة، متوافقة اليوم مع الحكومة في قمع حرية دينية.

والمعارضة التي طالبت مراراً وتكراراً استبعاد وزير الصحة الحالي عن التشكيلات الحكومية الأخيرة، وتسابق أعضاؤها في تهديده وتوجيه الاستجوابات إليه، ممتنعة اليوم عن إضافة الانتهاك الأخير إلى محاور استجوابه القائم.

والمعارضة التي انتفضت على خلفية الانتقائية في تطبيق القانون على رئيس مجلس الأمة الأسبق السيد أحمد السعدون، وهدّدت باستجواب رئيس الحكومة، منسجمة اليوم مع الحكومة في فرض إجراءات احترازية مشدّدة أراها انتقائية على زوار الأربعينية.

والمعارضة التي طالبت رئيس الحكومة بالظهور أمام الشعب ومخاطبته لتبديد مخاوفه في قضايا متعدّدة، مستحية اليوم من توجيه دعوة إلى وزير الصحة أو الناطق الرسمي باسم الحكومة للتصريح في شأن الاشتراطات الخاصة بزوار الأربعينية لاحتواء هواجس – وصلت إلى مسامع الحكومة – تخشى من احتمال وجود بعد آخر في تلك الاشتراطات.

وفي الختام، أقول للمعارضة التي تعاني من أقصى درجات الازدواجية والانتقائية في مراقبة ومحاسبة الحكومة، وخصوصاً تلك المجاميع التي تتقنّع بمظاهر الوطنية، أقول لهم إن الوطنية لا تتحقق بتنوع الانتماءات الاجتماعية في مجموعة برلمانية، بل تقاس بمدى الالتزام بمبدأ «سواسية أطياف المجتمع في الحقوق والواجبات العامة»... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه»

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي