No Script

حكومة ميقاتي «عربة يجرّها حصانان في اتجاهيْن متعاكسيْن»؟

لبنان دخل «زمن» المحروقات الإيرانية

صهاريج تحمل وقوداً إيرانياً تصل إلى بلدة العين في الهرمل شرق لبنان أمس (أ ف ب)
صهاريج تحمل وقوداً إيرانياً تصل إلى بلدة العين في الهرمل شرق لبنان أمس (أ ف ب)
تصغير
تكبير

- باسيل هاجم بري لقوله «الله لا يخليني إذا بخلّي عون يحكم»... و«أمل» تردّ «إنه فاسق يتنبأ»
- الاتحاد الأوروبي يُبقي سيف العقوبات مصلتاً على مَن يعرقل إصلاحات الحكومة
- مذكرة توقيف غيابية بحق وزير سابق في جريمة المرفأ... ومذكرة إحضار دياب تتفاعل

لم تكد حكومةُ الرئيس نجيب ميقاتي، أن «تهْنأ» بإقرار بيانها الوزاري بسرعةٍ قياسية ستُستكمل بنيْلها ثقة البرلمان الأسبوع المقبل بحيث تصبح «مكتملة المواصفات» الدستورية قبل أن يمّر أسبوعان على ولادتها، حتى لاحتْ مؤشراتٌ إلى إمكان تحوّلها بمثابة «العربة التي يجرّها حصانان في اتجاهيْن متعاكسيْن»، واحدٌ نحو إخراج البلاد من حفرة الانهيار الكبير، وآخَر نحو المضيّ في «اللعب كالمعتاد» ربْطاً بحساباتٍ تتصل بالانتخابات النيابية وبعدها الرئاسية (ربيع وخريف 2022)، كما بمقتضيات اللوحة الإقليمية التي تشكّل «المسرح الأمّ» الذي تدور عليه و«تُدار» الأحداث اللبنانية.

وفي حين أقرّ مجلس الوزراء عصر أمس، مسودة البيان الوزاري مع إدخال بعض التعديلات على بنودٍ لفّها «الغبار» إبان مناقشات لجنة صوغه، تشابكتْ في المشهد الداخلي 4 تطورات، 3 منها بدت أقرب إلى «جرعة الأوكسيجين» لـ «بلاد الأرز» والحكومة الجديدة، فيما جاء رابعها «بين بين» بحسب «الميزان» الذي يُقاس فيه. وهذه التطورات هي:

• دخول مبلغ مليار و135 مليون دولار إلى حسابات الدولة متأتٍ من حقوق السحب الخاصة العائدة للبنان من صندوق النقد الدولي، في تطوُّر جاء أقرب إلى «هديّة» للحكومة الوليدة في ظل نضوب احتياطات «المركزي» من الدولار، ووسط اتجاه الأنظار إلى كيفية استخدام «ورقة المليار» خارج تبديدها بتغذية مزاريب هدر مثل الدعم وغيره.

• وصول أول شحنة من الفيول لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان بموجب الاتفاق الذي كانت أبرمتْه الدولة مع العراق على تزويد «بلاد الأرز»، التي تعاني أسوأ أزمة كهرباء في تاريخها، مليون طن من النفط الخام على أن يُستبدل بمادة الفيول عبر مناقصات شهرية تشارك فيها شركات عالمية.

• استمرار الدولار الأميركي بتحقيق تراجُعات كبيرة في السوق الموازية بلغت نحو 2500 ليرة في يومين، إذ راوح أمس، بين 13500 و14 ألف ليرة، وهو ما يُنتظر أن يترك تداعيات إيجابية على أسعار السلع التي ستبدأ بالانخفاض (غالبيتها تم تسعيره وفق دولار ما فوق 20 ألفاً)، وفي ظل تقدير أوساط مالية أن هذا التراجع غير المرتكز على معطيات مالية ونقدية واقتصادية، من شأنه أن يصيب أكثر من عصفور في حجر واحد، بينها: توفير «هبوط آمن» بالحد الأدنى لقرار رفْع الدعم الكامل المرتقب عن المحروقات بحيث يكون السعر المحرَّر أكثر قابلية لـ «الهضم» قبل أن يعاود الدولار ارتفاعه في السوق الموازية التي يُتوقَّع أن تشهد ارتفاعات في الطلب يُراد محاولة ضبْطها ضمن السقوف الأعلى التي سبق أن سجّلتها العملة الخضراء، وفي الوقت نفسه استدراج «دولارات المنازل» إلى السوق، وقسم كبير منها «يتحرّك» لسد احتياجات يومية.

• أما التطور الرابع الـ «نص نص»، فهو «تدشين» زمن المحروقات الإيرانية في لبنان عبر دخول «الأفواج الأولى» من الصهاريج المحمّلة بمازوتٍ نقلت نحو 33 ألف طن منه سفينةٌ رستْ نهاية الأسبوع في مرفأ بانياس ووفّرت سورية الصهاريج لإيصالها على دفعات إلى البلد الجار تلبية لطلب «حزب الله» الذي أطلق عملية «تَوَسُّع جديدة» في الواقع اللبناني، وتحديداً في «الرقعة الاقتصادية»، بعدما أحكم التحكم والسيطرة على مفاصل القرار الأخرى بقوة الأمر الواقع أو عبر الإمساك بالغالبية البرلمانية مع حلفائه.

وإذ دخل نحو 80 صهريجاً أمس «نهاراً جهاراً» يحملون لوحات سورية عبر أحد المعابر غير الشرعية مروراً بالهرمل وصولاً إلى بعلبك حيث تم استحداث مستودعات خاصة لمصلحة شركة «محطات الأمانة» (خاضعة لعقوبات أميركية)، فإن هذه العملية التي ستُستكمل في اليومين المقبلين تم التعاطي معها في «الميزان» الشعبي المتصل خصوصاً ببيئة «حزب الله» وحلفائه على أنها إيجابية ومن شأنها أن تساهم في التخفيف من وطأة أزمة المحروقات في لبنان، في حين أن «قياسها» بالمعنى السياسي لا يمكن إلا أن يضيء على تبعات «إلحاق» لبنان نفطياً بالمحور الإيراني وخصوصاً في ظل استمرار المعاينة الخليجية للتموْضع الإقليمي لبيروت انطلاقاً من الحكومة الجديدة وذلك رغم «تَجَرُّع» واشنطن هذا التطور «الكاسر لخطوط حمر».

ورغم مَظاهر الاحتفاء الشعبي بِما اعتُبر «صهاريج التحرير من الحصار» والتي عبّرت عن نفسها باستقبالات «أهلية» باللافتات والأعلام اللبنانية ولـ «حزب الله» وبالأهازيج ونثر الورود والأرز وبالرصاص وبعض القذائف كما بفرش علميْ الولايات المتحدة وإسرائيل على الأرض لتدوسها القافلة بإطاراتها، فإن هذه «الاحتفالات» بقيت بالحدّ الأدنى بفعل قرار السيد حسن نصرالله بإلغاء مراسم الاستقبال الشعبية والحزبية التي كانت ستقام في بلدة العين ثم دورس، وهو التطور الذي عَكَس رغبة «حزب الله» في حفظ «الانتصار النظيف» وتفادي أي انزلاق نحو استفزازات لن تؤدي سوى إلى تعكير هذا «الاختراق النوعي» وتعريض مسار التوزيع بالصهاريج على المناطق (وبعضها سيمر وربما يصل إلى بيئات غير صديقة) لخضّات غير مرغوبة.

وفي موازاة ذلك، كانت ملامح «غيوم رمادية» تتلبّد في سماء الانطلاقة الحكومية، من خلال خروج الجمر إلى فوق رماد العلاقة «الملغومة» بين فريق رئيس الجمهورية ميشال عون (التيار الوطني الحر) ورئيس البرلمان نبيه بري.

وإذ جاءت «الشرارة» الأولى خلال اجتماع لجنة صوغ البيان الوزاري، الأربعاء، على شكل سجال بين وزير العدل هنري خوري (من حصة عون) ووزير الثقافة محمد مرتضى (من حصة بري) حول ملف رفع الحصانات عن الوزراء والنواب في جريمة مرفأ بيروت، وتَمَسُّك الأول بأن الأمر في يد القضاء العدلي، وإصرار الثاني على مرجعية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، «انفجرت» هذه الجبهة ليل اليوم نفسه، بعد مهاجمة رئيس «التيار الحر» جبران باسيل، بري قائلاً «عندما يقول - الله لا يخلّيني إذا بخلّي عون يحكم - فهذا يعني أنه قادر على التعطيل ومتحكّم بزمام الأمور»، وهو ما ردّت عليه حركة «أمل» ببيان وصفت فيه باسيل بأنه «فاسق يتنبأ»، واتهمته بتعطيل «عهد عمّه».

وإذ اعتُبر «تسخين» جبهة فريق عون - بري مؤشراً لبدء «شحذ سكاكين» معارك الانتخابات النيابية (مايو المقبل)، فإن أوساطاً سياسية حذّرت من أن هذا التطور لن يقتصر فقط على «حروب كلامية» في ظل الخشية من أن تنسحب لعبة «تصفية الحسابات» بخلفيات انتخابية على كيفية مقاربة ملفات أساسية على جدول مَهمات الحكومة وغالبيتها من النوع الإصلاحي الذي يراقبه الخارج عن كثب مثل الكهرباء، ما يشي بإحياء «المتاريس» التي كانت سقطت على أبوابها هذه الملفات في الحكومات السابقة.

وبدا واضحاً أن الارتجاجات على الجبهات التي يفترض أنها تشكل «جدار حماية» سياسية للحكومة ستكون بارتداداتها تحت مجهر الاتحاد الأوروبي وبرلمانه الذي كان يتجه مساء أمس، لإصدار قرار يُبْقي الضغط على الطبقة السياسية عبر ترْك سيف العقوبات «مصلتاً» على الساسة الذين يعرقلون مسار الحكومة الجديدة.

وفي حين كان الاتحاد يصرّ على المضي بكشف الحقيقة في جريمة مرفأ بيروت، سجّل هذا الملف تطوراً بارزاً مع إصدار المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، مذكرة توقيف غيابية بحق وزير النقل السابق يوسف فينيانوس بعد تغيّبه عن حضور جلسة يوم أمس، أمامه، وسط أسئلة حول، هل يشكل ذلك مؤشراً لما قد يعتمده القاضي نفسه حيال رئيس الحكومة السابق حسان دياب، الذي كان أصدر مذكرة إحضار ثانية بحقه لجلسة تُعقد في 20 سبتمبر الجاري كمدعى عليه قبل أن يغادر دياب بيروت إلى الولايات المتحدة في زيارة قال إنها عائلية لمدة 4 أسابيع.

وأمس، تلقي بري اتصالاً من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، تم خلاله «تأكيد ضرورة تطبيق القانون والدستور حفاظاً على الوحدة الوطنية»، وهو ما بدا مرتبطاً بقضية الادعاء على دياب وآفاقها ووقوف دار الفتوى ورؤساء الحكومة السابقين ضدّ إخراج التحقيقات في هذا الإطار عن صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء و«إلا لتعلَّق الحصانات عن الجميع بما في ذلك رئيس الجمهورية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي