No Script

... هكذا تدعم الإدارات الأميركية «محور المقاومة»!

إيران تخرق العقوبات الأميركية - الأوروبية
إيران تخرق العقوبات الأميركية - الأوروبية
تصغير
تكبير

على الرغم من المحاولات الأميركية الدؤوبة لمحاصرة «حزب الله» في لبنان وأطراف «محور المقاومة» (سورية وإيران وغيرهما)، فإن كل الخطوات التي تقرّرها واشنطن تنتهي لمصلحة هذا المحور، وآخرها استيراد الغاز من مصر عن طريق الأردن وسورية. فكيف يخدم ذلك «محور المقاومة»؟

للمرة الأولى منذ بداية الحرب السورية عام 2011، توجه إلى دمشق وفد وزاري لبناني، ضم نائبة رئيس الوزراء وزيرة الدفاع وزيرة الخارجية بالوكالة زينة عكر، وزير الطاقة ريمون غجر ووزير المالية غازي وزني، وهو ما يعني أن الرغبة الأميركية تلعب دوراً أساسياً بالموافقة على هذه الزيارة علماً أن لبنان الرسمي لا يريد مخالفة الرغبات الأميركية التي أبعدته عن سورية، المنفذ البري الوحيد للبنان، طيلة السنوات العشر الماضية.

ويأتي سبب الموافقة الأميركية بعد إعلان السفيرة الأميركية دورثي شيا عن قرار واشنطن بإمداد لبنان بالغاز المصري عن طريق الأردن وسورية لتلبية حاجاته الملحة للتيار الكهربائي الذي تقتصر تغذيته للمناطق اللبنانية على نحو ساعتين يومياً فقط.

وهذا يؤشر إلى أن أميركا مستعدة لإعطاء استثناء للبنان للتفاوض مع سورية ودفع البدائل التي سيتم التفاوض عليها إذا ما حصل اتفاق بين الأطراف المعنية.

وهذا ليس بجديد على أميركا في إعطاء استثناءات لدول تعتبرها صديقة لها لتتعامل مع دول تخضع لعقوبات أميركية قاسية (مثل الكهرباء الإيراني للعراق) لمدة معينة من الزمن تجددها بحسب الحاجة وتبعاً للمراجعة السياسية لواشنطن.

وكانت سورية ترفض التعامل مع أي دولة من خلال تمثيل غير حكومي رسمي.

وقد رفضت دمشق طلبات لفرنسا وإيطاليا وأميركا وبريطانيا ودول عدة أرادت علاقات أمنية معها، وطالبت بفتح السفارات أولاً وبدأ التعامل الديبلوماسي قبل أي شيء وهذا ما تنص عليه الأعراف الدولية.

ويملك لبنان علاقات متقطعة مع سورية، كان عرّابها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

إلا أن دمشق رفضت إبقاء مستوى التعاون من دون علاقة حكومية رسمية في ما يتعلق بمسائل مهمة كالتي تطرح اليوم.

وحتى ولو فشلت المحادثات اللبنانية - السورية في مجال جرّ خط الغاز المصري عبر الأردن وسورية إلى لبنان، أو تأخرت النتائج لأسباب تقنية أو مادية أو لوجستية، فإن جبل الجليد الرسمي كسر بفضل الرغبة الأميركية دون غيرها.

فقد رفضت الحكومة اللبنانية عروضاً نادرة قدمتها الصين وروسيا لإعادة بناء البنية التحتية ومصافي النفط وبناء الطرق والأنفاق بسبب الرفض الأميركي وعدم رغبة الحكومة بمعاندة واشنطن رغم الحاجة الماسة لهذه المشاريع الملحة والتي من غير المطلوب منه دفع ثمنها مسبقاً أو تقديم ضمانات مالية دولية.

وسبب إعلان أميركا رغبتها بإمداد لبنان بالغاز يدل أيضاً على مسؤوليتها عن الوضع اللبناني المتدهور والانهيار المالي وشح الوقود الذي أجبر مستشفيات عدة للإغلاق الكلي أو الجزئي.

أما السبب الأساسي لإعلان السفيرة شيا المفاجئ في شأن الغاز كان بمثابة رد فعل على إعلان الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله انطلاق حاملات النفط الإيرانية باتجاه البحر الأبيض المتوسط لتزويد لبنان بالنفط والديزل المناسب عن طريق الحزب.

وقد شكل هذا الإعلان (وصول الباخرة الأولى إلى المتوسط والتي كانت جريدة «الراي» أول من أعلن عنها وعن القرار بتسليم النفط للبنان عن طريق سورية) وقع الصاعقة على أميركا لإدراكها أن عقوباتها قد خدمت «حزب الله» وإيران وسورية.

فوصول النفط الإيراني إلى لبنان سيؤمن دعماً مادياً إضافياً لـ«حزب الله» ويوفر على الخزينة الإيرانية عشرات الملايين من العملة الصعبة التي تدعم بها الحزب شهرياً وهو حليفها الأساسي.

بالإضافة إلى ذلك، فهو يوسع دائرة التأييد الشعبي للحزب بسبب تأمينه الديزل، وسط احتكار التجار المحليين لهذه المادة التي لم تعد مؤمنة ما عطل الخدمات الطبية، والكهربائية للمصانع والأفران والمولدات الخاصة.

وبدل أن تنجح محاولة أميركا في محاصرة «حزب الله» من خلال تأليب الرأي العام عليه نتيجة العقوبات غير المعلنة بسبب سلاحه الكاسر للتوازن مع إسرائيل وفرضه توازن الردع وحمايته لتشدد الدولة اللبنانية في موقفها العادل في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بما يتعلّق بترسيم الحدود البحرية، فقد انقلب السحر على الساحر وصبت العقوبات في خدمة «حزب الله» وإيران.

وينظر اليوم - من خلال العقوبات الأميركية على سورية وفنزويلا ولبنان - إلى إيران بأنها تخرق العقوبات الأميركية - الأوروبية ولا تبالي بـ«قانون قيصر» ولا بالعقوبات على بيعها النفط.

فطهران تعطي النفط الذي تملك منه ملايين البراميل لتقوي علاقاتها الخارجية بإرسالها رسالة للعالم بإنها تتحدى أميركا حتى في حديقتها الخلفية (فنزويلا) وبانها تدعم «مستضعفي العالم».

كما ينص دستورها وتساند الشعوب بإمدادها بالنفط والدعم حتى وهي تحت حصار اقتصادي ومالي خانق.

وتساعد إيران أيضاً الحكومة السورية التي تتسلّم حصتها من النفط الخام لتكرّره في بانياس وتخفف المعاناة عن الشعب، وتقدم سورية مساعدة لحليفها «حزب الله» بأن تستقبل السفن الإيرانية وتفتح لها الطرقات إلى لبنان كجزء من التعاون والدعم ضمن المحور نفسه.

لقد قلب «محور المقاومة» التهديد إلى فرصة يستفيد منها وتستفيد بيئته وتدعم الجزء الآخر من اللبنانيين الذين لم يوالوا «حزب الله» في السابق.

إنها ليست المرة الأولى التي يستفيد «محور المقاومة» من الأخطاء الأميركية التي بسبب سياسة الإدارات المتتالية بتوسيع نفوذ إيران في غرب آسيا لتصبح قوة لا يستهان بها بل يحسب لها ألف حساب.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي