No Script

«منظمة شنغهاي» تحتضن إيران وتتحضر لأفغانستان

تصغير
تكبير

بعد أن رفعت طاجيكستان وأوزبكستان، اعتراضهما، قُبلت إيران كعضو كامل في «منظمة شنغهاي»، بعد أن كانت عضواً مراقباً منذ عام 2005 وذلك بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان.

وهذا ما أوجب تعاوناً أمنياً واستخباراتياً واقتصادياً أكبر، وخصوصاً بعد افتتاح مرفأ شبهار الإيراني، والذي يربط تركمانستان وأوزبكستان وطاجكستان، ببعضها البعض من جهة، ومن جهة أخرى، يربط هذه الدول غرباً، بأذربيجان وتركيا وأوروبا، بينما يربطها من خلال المرفأ الإيراني، بأفريقيا والهند.

وهذا يسمح لوسط آسيا بإيجاد أسواق منتجة أكثر فعالية وإنتاجاً وأكثر حضوراً سياسياً، خصوصاً أن «طريق الحرير» إلى أفغانستان، يمر بوسط آسيا حتى البحر الأسود والشرق الأوسط.

وهذا ما تحتاجه أفغانستان لإعادة بنائها وتبادل الثروات الكهربائية والغازية والنفطية والثروة المعدنية الهائلة التي تملكها، مما يجعلها في موقع أقل اعتماداً على المساعدات والشروط الغربية وخصوصاً الأميركية.

وتعتبر هذه المنطقة الأوراسية المكتظة بالسكان والمرتبطة ببعضها البعض، خطراً مباشراً للهيمنة الأميركية على العالم والتي بدأت تهتز بعد فشلها في الحروب التي خاضتها والتي أظهرت عدم جدواها واستحالة تحقيق أهدافها.

كما قدمت أميركا كقوة لا تلتفت كثيراً إلى حلفائها الإستراتيجيين الغربيين الذين يبدو أنهم سئموا من دفع فاتورة الدور الأميركي في الحرب العالمية الثانية، خصوصاً أنهم لا يسألون عن رأيهم في أمور أساسية - كالانسحاب من أفغانستان مثلاً - ليصبح دور القارة الأوروبية كدول تابعة تنفذ الأجندة الأميركية حتى ولو على حساب مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية.

ومباشرة بعد سيطرة حركة «طالبان» على أفغانستان (عدا ولاية بانشير المحاصرة)، أعلن الأمين العام للأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف لنظيره الإيران الأميرال علي شمخاني، أن «الجمهورية الإسلامية ستصبح عضواً كاملاً في منظمة شنغهاي (SCO) في أول سبتمبر»... وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن المنظمة تتحضر لدور أكبر مستقبلياً.

وكان أعلن عن إنشاء منظمة شنعهاي الدولي في 15 يونيو عام 2001 في مدينة شنغهاي الصينية. وضمت كازاخستان، قرغيزستان، طاجيكستان، أوزبكستان، روسيا والصين... أما باكستان والهند، فقد انضمتا عام 2017. وتهدف المنظمة إلى تعزيز الثقة والتعاون التجاري والاقتصادي والثقافي والسياحي والنقل والطاقة والسياسة الخارجية وحماية البيئة بهدف حفظ الأمن والسلام والتطور في هذه المنطقة.

ولا تقدم إيران الدعم والنوافذ المختلفة نحو القارات عبر مرفأ شبهار المطل على خليج عُمان فقط، بل تقدم أيضاً مرفأ أنزلي، وهي المنطقة الحرة الوحيدة المطلة على بحر قزوين، ولها روابط بحرية مع موانئ وحوض قزوين... ميناء باكو الأذربيجاني، ميناء تركمانباشي في تركمانستان، ميناء أكاتو في كازاخستان وميناء لاغان الروسي.

وقد أنشأت إيران خط سكة حديد يبدأ شمالاً ويتجه نحو شبهار الجنوبي وروابط شحن مباشرة إلى مرفأ مومباي الهندي.

إلا أن أميركا لا تزال تفرض عقوبات قاسية على إيران بهدف منعها من التطور الاقتصادي، حالها حال الصين وروسيا. وتخشى إدارة الرئيس جو بايدن توسع منظمة شنغهاي، التي ستتقرب من أفغانستان لتحاول إيجاد موقع لها يحل المشاكل الاقتصادية العاصفة بالبلاد والتي تعتمد على المساعدات الغربية في شكل كبير.

وأعلنت الصين أنها ستقرر نوع العلاقة مع أفغانستان الجديدة، خصوصاً أنها تطمح إلى استثمار المعادن الثمينة التي تمتلكها، وكذلك إدخال إفغانستان ضمن «طريق الحرير» (الذي رصد له 900 مليار دولار) بعد خروج أميركا منها.

وكانت حكومة كابول وقعت عقداً مع الصين لاستخراج النحاس من «ميس آيناك» (تعني رواسب النحاس في لغة الداري وهي أحد اللغات الرسمية لأفغانستان).

وتشير التقديرات إلى أنها تحتوي على نحو 450 مليون طن من النحاس المقدر ثمنه بنحو 50 مليار دولار.

إلا أن العمل بهذا المنجم توقف مراراً بسبب عدم الاستقرار الأمني. وبعد سيطرة «طالبان» على البلاد مجدداً، سيكون أحد أهم خطوات الحكومة الجديدة إعادة الحياة للاتفاق مع الصين لتأمين موارد اقتصادية ومالية وإنمائية إلى أفغانستان.

وتملك الصين 76 كيلومتراً حدودية مع أفغانستان، وتريد التأكد من علاقة حركة «طالبان» مع «حركة تركستان الشرقية» والإيغور المسلمين في إقليم كسينجيانغ.

وتملك أفغانستان أكبر احتياط من النحاس والفحم والحديد والنفط والغاز والكوبالت والزئبق والذهب والليثيوم والثوريوم.

لا تبدو الدول المجاورة والدولية مستعجلة من أمرها للتعامل مع «طالبان» إلى حين الإعلان عن الحكومة الجديدة لتبني مشاريعها المستقبلية وتحدد علاقتها مع أفغانستان الجديدة الخالية من السيطرة الأميركية.

وقد أعطت الحركة الضمانات الكافية للدول التي قررت إبقاء ديبلوماسييها (الصين وروسيا وإيران) في أماكنهم في كابول والقنصليات في محافظات أخرى.

وقد قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في أول رد إيجابي، إن «روسيا لا تدعم محافظة بانشير التي رفضت الانصياع للواقع الجديد، ويعتقد مسؤولوها أن الدول الغربية ستساعد مقاومة طالبان».

لن تقبل روسيا ولا الصين ولا إيران بعودة أي إمبراطورية لاحتلال أفغانستان أو أي محاولة زعزعة الاستقرار فيها من بعيد. لذلك، ستذهب إلى أفغانستان بعد إعلان الحكومة الجديدة ورؤية التناغم بين القادة والعشائر صاحبة النفوذ والرغبة بالتقدم والتعالي عن الماضي والجراح لبناء الدولة.

وهذا سيعطي منظمة شنغهاي قوة إضافية تقلص أكثر مما هو اليوم عليه الدور الأميركي في وسط آسيا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي