No Script

خواطر صعلوك

ما لا يحتاجه الروائي!

تصغير
تكبير

توفي الروائي الأميركي المولد واللندني الجنسية هنري جيمس عام 1916م، ولكن قبل وفاته كتب رواية بعنوان «دَرس المعلّم» فيها ثلاثة دروس مهمة لأي روائي يريد أن ينذر نفسه للشغف الثقافي، وليس الشغف الشخصي.

والفرق بين الشغف الثقافي والشغف الشخصي، هو أن الأول يجعلك تدور مع الحالة الثقافية للبلد، أما الشغف الشخصي فهو الدوران حول نفسك وأولوياتها!

في الرواية ثلاث شخصيات أساسية، المُعلّم والمريد والفاتنة الجميلة.

المُعلم الروائي الناجح الذي يحظى بحياة مترفة رغيدة مليئة بالشحم والدهون وحفلات لندن الأرستوقراطية، والمريد المُبتدئ الذي يخط الطريق بعمل أو عملين ناجحين دون أن يصل هو للنجاح، والفاتنة العفوية الذكية المهتمة بالأدب والأدباء والحالة الروائية، ابنة جنرال في القرن الثامن عشر تغذت على نهب مدخرات الهند أيام الاستعمار الإنكليزي.

يكتب هنري جيمس بطريقة تليق بذلك الزمن، حيث هناك راوٍ يرى المشهد من أعلى، ولكنه يسير بالقارئ مع شخصية واحدة يرى العالم فيها من خلال وعيه، وقد كان الوعي المسيطر في الرواية هو وعي المريد «بول ألفرت»، الذي تعلّم ثلاثة دروس من المعلم الخبير والمستشار العنتيل السيد هنري سانت جورج رأس كُتاب إنكلترا!

فماذا علّمه هذا المُعلم؟

أخبره أنه ينبغي له ألا يتزوج... وألا يُحب، وأن يعيش الهوس الثقافي والحالة الروائية، وألا يرعى الأطفال، وأن عليه أن يسعى للجوائز المادية ومكانة الأدب الاجتماعية، وأن يكون الكمال هو هدفه ومآله وآماله، والتخلي عن السعادة الشخصية هي مفتاح نجاح الروائي!

في الواقع تذكّرت وأنا أقرأ هذه الرواية مجموعة من السيدات العجائز، اللائي رأيتهن يوماً في تجمع نسوي غاب عنه الشيطان ذاته، وقد بدت رقابهن مكرمشة، وهن يخاطبن مجموعة من الفتيات الصغيرات والمراهقات قائلات لهن:

- ارتدين ما ترغبن فيه من سراويل ضيّقة تبرز ما يعتقد المتخلفون أنه يجب أن يُستر، فمفاهيم الستر والعفة والحياء هي كلمات رجعية لا تناسب امرأة عصرية، عشن ما لم نستطع أن نعيشه نحن.

هذا هو درس ساحرات الشمال لبنات الجنوب، وهو ذاته درس المُعلّم الروائي للمريد المبتدئ المسكين، الذي اعتقد حقاً أن الروائي يحتاج إلى مُعلّم، كل ما يمتلكه في الحياة هو أن يعلّمك دواخله المريضة التي فشل في تحقيقها!

@Moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي