No Script

أضواء

عودة «طالبان»

تصغير
تكبير

خرج الأميركيون وحلفاؤهم الأوروبيون - كما خرج السوفيات قبلهم - من أفغانستان وكان احتلالهم لها مكلفاً، وقد دفعوا ثمناً باهظاً لم يتحمله أي منهم، رغم قدراتهم المادية والعسكرية.

وهذا يرجع إلى كراهية الشعب الأفغاني للمحتل الأجنبي، وقوة عزيمته في مقاومته. وقد سبقهم الإنكليز منذ قرنين، لكنهم هربوا من أفغانستان فارين بأرواحهم تحت جنح الظلام، وقد كانت الأخبار متلاحقة حول تغطية زحف قوات الطالبان خلال الأيام الماضية وسقوط الولايات الأفغانية الواحدة تلو الأخرى، لتصبح تحت سيطرتها بعد انسحاب القوات الأميركية وانكشاف القوات الحكومية التي عاشت ظروفاً صعبة ولم يتسن لها التصدّي لقوات الطالبان، ليس لكونها تفتقر إلى القوة العسكرية ولكن بسبب افتقارها للإرادة القتالية. وكما صرّح - وقتها - الصحافي فريد زكريا في CNN بقوله: (القوات الأفغانية الحكومية بدأت تذوب... وهي لا تمتلك الإرادة القتالية التي يتمتّع بها طالبان)... مؤكداً أن الإصابات بين قواتها قليلة مع سقوط المدن الأفغانية.

لكن هناك عاملاً آخر أسهم في التقدّم الذي أحرزته قوات طالبان - وصولاً إلى إسقاطها العاصمة كابول - وهو أن الجيش الحكومي - بالإضافة إلى انعدام إرادته القتالية - فإن الكثير من عناصره انضم إلى قوات الطالبان التي احتفظت بشعبيتها لدى الشعب الأفغاني، الذي لم يتغير في رفض حكومات الوكالة للأجنبي منذ أيام الاحتلال السوفياتي، حتى خروج المحتل الأميركي.

أحد مراسلي BBC في أفغانستان - خلال أجواء سيطرة طالبان على المدن - كان مهتماً بما سيؤول إليه وضع المرأة إن نجحت «طالبان» في تسلّم السلطة، وكان متشائماً من عودة الحجاب والنقاب، وكأن أفغانستان بمجتمعها القبائلي المسلم والمحافظ، قد تحولت إلى ولاية أميركية أو دولة أوروبية خلال العشرين عاماً من الاحتلال الأميركي الأوروبي لها!

اليوم وبعد عقدين من إقصائها عن المشاركة في السلطة ومعاملتها كتنظيم إرهابي وتصفية زعاماتها وعناصرها، عادت حركة طالبان تفرض نفسها بقوة وهي تتمتّع بدعم شعبي واسع، وبالتالي تسلّمها السلطة في كابول العاصمة، بعد خروج القوات الأميركية، وتخلّيها عن مساندة السلطة الأفغانية، التي خسرت رهانها مع حلفائها الأميركيين، وتلاشي شرعيتها، بينما لم يستمع صقور الحرب الأميركان إلى نصيحة الزعيم الروسي غورباتشوف، وهو يحذرهم من مغبّة أن غزوهم لأفغانستان لن يكون نزهة، وقد صدق في ذلك، بعد تمرّغ جيشه في المستنقع الأفغاني، لكن يبدو أن الأميركان لم يتعلموا الدرس، إلا بعد فوات الأوان، وعقدين من الزمان !

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي