No Script

آلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة في الكويت... قد تواجه شبح الانهيار

تصغير
تكبير

- الأزمة تهدد برفع معدلات البطالة في ظل تسريح العمالة الكويتية
- البلوشي: نطالب بوقف الأحكام القضائية...عليَّ قضايا وخسران 800 ألف دينار
- مسؤول حكومي: عزوف من أرباب المشروعات عن الاستفادة من قانون التمويل
- المسلم: أصحاب المشاريع ليسوا بحاجة إلى قروض وإنما إلى تعويضات
- المبارك: استمرار هذا الوضع سينهي القطاع كله ونحن نستشعر الخطر

قد تواجه آلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة بالكويت شبح الانهيار بعد أن ألحقت بها الجائحة ضرراً بالغاً، وهو ما قد يوجه ضربة شديدة لقطاع يشكل ركيزة في مساعي البلاد لإعادة صياغة اقتصادها التقليدي المعتمد على النفط (رويترز).

وطوال العقد الماضي شجعت الحكومة، التي تنفق أكثر من نصف ميزانيتها السنوية على رواتب الكويتيين الذين يعمل أغلبهم في وظائف حكومية، مواطنيها على إقامة مشاريعهم الخاصة في محاولة منها لخلق قطاع خاص قوي بالبلاد.

وكان الهدف تخفيف العبء على الميزانية العامة للدولة، وتقليل الاعتماد على العمال الوافدين، وتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط، الذي يوفّر 90 في المئة من إيرادات الدولة، ولكنه يبقى غير مستقر بشكل متزايد في عالم يبتعد عن الوقود الأحفوري.

واليوم تبدو كل الجهود التي تم بذلها طوال العقد الماضي لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي تضمنت إنفاق نحو 500 مليون دولار من التمويل الحكومي على هذه الشركات، عرضة للضياع بسبب جائحة كورونا، وفقاً للعديد من خبراء هذا القطاع.

ولفتت شركة المركز المالي (المركز) إلى أن معظم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي يتراوح عددها بين 25 و30 ألف شركة كانت تعمل باحتياطيات نقدية محدودة وحين انتشر الوباء، تأثر جزء كبير من القطاع لأنه لم يكن مستعداً للتعامل مع توقف العمليات الناتج عن الإغلاق.

ويرى مسؤولون في القطاع ومحللون أن الأزمة تهدد أيضاً برفع معدلات البطالة في ظل تسريح العمالة، على الأخص الكويتية، من المشروعات التي تعاني من مصاعب مما سيؤدي إلى إجهاض مساعي الحكومة لإحلال المواطنين محل العمالة الوافدة في كثير من الوظائف التي يعتمد عليها الاقتصاد بالقطاع الخاص.

خسائر فادحة

ويقول محمد البلوشي (36 عاما)، مالك إحدى المشروعات الصغيرة المتخصصة في البناء الذكي وتجهيز عربات الطعام، إنه تكبد خسائر فادحة خلال الوباء واضطر إلى تسريح معظم موظفيه.

وذكر البلوشي أن المشروع كلفه 800 ألف دينار (2.66 مليون دولار)، نصفها كان تمويلاً ذاتياً ونصفها بتمويل من الصندوق الكويتي لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو مهدد الآن جراء رفع العديد من الدعاوى القضائية بحقه، بسبب عدم قدرته على سداد الالتزامات المالية لمشروعه الذي بدأ منذ أربع سنوات.

وقال البلوشي خلال مقابلة في مصنعه المتعثر متصفحا الرسائل النصية التي تصل لهاتفه المحمول من الجهات القضائية في شأن القضايا المرفوعة ضده «نطالب بوقف الأحكام القضائية.. عليَّ قضايا... قضايا كبيرة.. اليوم أنا خسران 800 ألف دينار... ليس هناك مساعدات من الحكومة، وليس هناك مساعدات من مجلس الأمة».

واضطر البلوشي إلى تسريح الغالبية العظمى من 60 عاملاً كان يوظفهم قبل الجائحة لكنه قال «لن أستسلم... ستُفرج بإذن الله».

والبلوشي واحد من أصحاب المشاريع الذين وجدوا أنفسهم بين المطرقة والسندان، بسبب فرض إجراءات الإغلاق وحظر التجول ضمن قيود لمكافحة فيروس كورونا، في الوقت الذي كانوا مطالبين فيه بسداد رواتب الموظفين وإيجارات العقارات ومستحقات الموردين، وغيرها من الالتزامات التي لم يقدر كثير منهم على الوفاء بها.

صدمة مزدوجة

تعرّضت الكويت، مثل غيرها من الدول المصدرة للنفط في المنطقة، لصدمة مزدوجة من انخفاض أسعار النفط ووباء كوفيد-19، مما أدى إلى انكماش اقتصادها بنسبة 8 في المئة العام الماضي.

وواجهت البلاد العام الماضي أزمة سيولة مالية، تفاقمت بسبب الخلاف المستمر بين الحكومات والبرلمانات المتعاقبة، لا سيما في شأن مشروع قانون الدين العام الذي سيسمح للحكومة بالاقتراض من الخارج.

ورغم أن ارتفاع أسعار النفط في الأشهر الأخيرة ساهم في التخفيف من حدة الأزمة لكنها لا تزال قائمة وعرضة للتكرار حال انخفاض أسعار النفط مستقبلاً.

قانون التمويل

وأقر مجلس الأمة قانوناً لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة في 30 مارس، لكن أرباب الأعمال ومصدراً حكومياً قالوا إن القانون تأخر كثيراً.

ويتيح القانون للمتضررين من الوباء من أصحاب المشروعات الحصول على تمويل يصل إلى 250 ألف دينار تضمن الحكومة 80 في المئة منه، لكن يشكو كثيرون من الشروط الصعبة التي تفرضها البنوك للحصول على التمويل طبقا للقانون، ومن بينها إثبات الكفاءة التشغيلية للمشاريع التي توقف بعضها منذ أكثر من عام.

وقال مسؤول حكومي، إن ثمة عزوفاً من أرباب المشروعات عن الاستفادة من القانون لأسباب عدة أهمها أن التمويل يُقدم كقرض وليس كتعويض مالي عن الأضرار، كما أن الحكومة تضمن 80 في المئة من التمويل فقط وليس المبلغ بالكامل، بالإضافة إلى أن فترة السداد محدودة ولا تتجاوز 5 سنوات، وتؤدي إلى زيادة الالتزامات الشهرية، ما قد يعني مزيداً من التعثر.

وذكر المصدر الحكومي أيضاً أن القانون يقصر استخدام التمويل على تغطية العجز في النفقات التشغيلية التعاقدية، مثل الرواتب، والإيجارات، والالتزامات الأخرى لكنه لا يسمح بغير ذلك مثل استثمار جزء من المبلغ.

وحول إمكانية تعديل القانون، قال المصدر «بالتأكيد ستتدخل الحكومة لتعديل القانون في حال تطلب الأمر ذلك وسيكون بالاتجاه الذي سيدعم أصحاب الأعمال».

تعويضات

وحول إمكانية تقديم تعويضات لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، قال إن «جميع الحلول متاحة أمام الحكومة لدعم أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة لما يتمتع به هذا القطاع من أهمية قصوى وكونه دعامة للاقتصاد الوطني».

وذكر مصدر حكومي آخر أن القانون كان يقتصر على معالجة الأوضاع القائمة عندما تم اقتراحه في مايو، مضيفاً أن الأوضاع حالياً تغيّرت، متابعا «الآن بعد مرور سنة ونصف على الأزمة، كثير من هؤلاء المتضررين تغيرت أوضاعهم... أغلقوا أعمالهم أو سرحوا العمالة أو اقترضوا من الأسرة أو باعوا أصولا».

وقال محمد عدنان المسلم مدير ومؤسس حاضنة أعمال إن أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ليسوا بحاجة إلى قروض وإنما إلى تعويضات، مضيفاً «القروض أهلكت الناس. الناس تريد تعويضاً عن فترة الجائحة، وهذا منصوص عليه في الدستور».

التقاط الأنفاس

خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، التقط أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة بعض أنفاسهم، إذ دخلت التعديلات التي أقرها البرلمان في سبتمبر الماضي على قانون الإفلاس حيّز التنفيذ في 25 يوليو، ما يعني إلغاء أحقية الجهات الدائنة في إجراء ضبط وإحضار بحق المدينين في دين مدني.

وقال الأستاذ المساعد في كلية القانون الكويتية العالمية، الدكتور فواز خالد الخطيب، إن أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة من بين المستفيدين من نفاذ هذا القانون الذي يمنع صدور أوامر حبس ضد المدينين.

لكن الخطيب يرى أن ثمة مخاطر قائمة، حيث يمكن اتخاذ إجراءات للحجز في حق شركاتهم وفي حقهم عبر التحفظ على الحسابات المصرفية والمنقولات والسيارات والعقار ومنع السفر، فضلاً عن إمكانية إشهار الإفلاس.

بدوره، قال رئيس الاتحاد الكويتي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، عبد العزيز المبارك، إن 8600 من أصحاب المشاريع البالغ عددهم 15 ألفاً يتحولون حالياً من العمل بالقطاع الخاص إلى الحكومي «نتيجة لغياب الدعم لهذا القطاع».

وبيّن المبارك أن أرباب الأعمال استبشروا خيرا بقانون الضمان المالي الذي جاء بعد نحو سنة من الأزمة، وكان من المفترض أن يخرج قبل ذلك «ثم تفاجأنا أن لا أحد يلبي شروط القانون».

وحذر المبارك الذي يملك شركة لتجارة الملابس الجاهزة من أن استمرار هذا الوضع «سوف ينهي القطاع كله... ونحن نستشعر الخطر من هذه الناحية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي