No Script

قيم ومبادئ

بين الحكومة والمعارضة ضاعت القيم!

تصغير
تكبير

بنظرة سريعة على برامج الحكومات والأحزاب - بشكل عام - في عالمنا العربي والإسلامي، سنخرج بانطباع مفاده: لو حققت المعارضة والحكومات شعاراتها وقيمها، التي تؤمن بها بصورة موضوعية، لما أصبحت حالنا مثلما نعيش اليوم!

فما أجمل هذه القيم - التي هي قاسم مشترك - مثل الشفافية والعدالة الاجتماعية وشرف الخصومة وسيادة القانون والصالح العام وتكافؤ الفرص والحوكمة الرشيدة، والتنمية والمساواة أمام القانون، حيث نجدها حاضرة بقوة في الخطاب السياسي والإعلامي، لكنها معدودة على أرض الواقع؟ لماذا؟

ببساطة فإن فاقد الشيء لا يعطيه، والأمثلة على ذلك كثيرة، وليس هذا مجالها، لكن يكفي أن أشير إلى سبب أول استجواب في تاريخ الكويت عام 1962، وما تلاه من استجوابات افتقدت أهم مقومات الاستجواب الدستورية وهي الموضوعية والتجرد، بعيداً عن المصالح، فلا الحكومة استطاعت التخلص من أمراضها المزمنة، ولا المعارضة تجردت من متلازمة داء العظمة والظواهر الصوتية والعنتريات، التي أصبحت متلازمة الديموقراطية المزعومة اليوم! وكأننا نعيش في مفترق طرق والدخول في عالم التيه من جديد، رغم كثرة الأحزاب السياسية وتنوع مشاربها واختلاف تخصصاتها وثقافتها الدستورية، إلا أن تأثيرها يكاد يكون منعدماً إن لم يكن سلبياً تماماً، فها هي بلادنا العربية محتلة وثرواتنا تستنزف، وأبناء الوطن يتقاتلون والخاسر في النهاية الجميع!

والأغرب من ذلك أننا نفلسف تخلفنا، ونبرر تخاذلنا مع أن الطريق أمامنا واضح، ولكننا لا نريد حقيقة النهوض من جديد لأننا مرتهنون بقيود وأثقال ضياع القيم بين الأشقاء، وحتى الفرقاء. (وهناك من يحوس المرقة)!

وأسهل طريق للانسحاب من الواقع والتقوقع، ومن ثم الانقطاع والقناعة بالفشل الذاتي، هو التعليق على شماعة (فساد الدولة العميقة)، لحفظ ماء الوجه أو شعار (الثورة اتسرقت)، وأخيرا نلوذ بالدعوة إلى الحوار الوطني من جديد، والتنازل من أجل الديموقراطية؟ ولعل الأكثر غرابة على المسرح السياسي - خصوصاً في الأحزاب العربية والإسلامية العريقة - هو تكسرها ومبادئها في طاحونة الحزبية والشخصانية، وانقلاب المفاهيم والبيروقراطية المغلفة بالمصالح، الأمر الذي انفضت معه كوادرها الشبابية ونخبها الفكرية، فأصبحوا ما بين (ضارب كف حائر أو قارع سن نادم)، على ما فرطوا به فترة عنفوان الشباب، والمسيرات والثورات والشعارات التي لم ترجع حتى بخفي حنين!

قد يقول القارئ الحصيف: لقد رسمت صورة قاتمة للواقع، فهل من سبيل للخروج؟! أقول: الجواب نعم وبكل ثقة في الله تعالى القائل: (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، فالنصرة والقيام والإخلاص لله تعالى وليس للأحزاب ولا الجماعات ولا للمعارضة، والأمل معقود بعد الله في المخلصين، سواء كانوا معارضة أم وزراء في تعاونهم لمكافحة الفساد، فلن نعدم خيراً من ربٍ رؤوف رحيم، لا يزال يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته.

وهذا هو قدرُنا... قدرنا أن نكون عباداً للرحمن، ولسنا عبَّاداً للشيطان ولا للأحزاب والحكومات.

نقول ما نراه ونعتقده من الحق في نصح الأمة، ولا نخاف في الله لومة لائم، وهذا الأمل لا يختص بالكويت - وإن كانت هي في المقدمة دائما بفضل الله - ولكنه في عالمنا الإسلامي والعربي (فلو خُليت خُربت)، كما أن هناك طريقاً آخر للإصلاح، قد يكون غائباً عن الأذهان، وهو العمل على ترجمة القيم والمبادئ على أرض الواقع بين الحكومة والمعارضة، وأعني أن تكون الممارسة اليومية والبرلمانية والبروتوكولات مفعمة بالقيم، وهذا أفضل من تصريح صحافي مقتضب بعد استجواب طويل (شهدنا ممارسة راقية للديموقراطية من الطرفين المستَجوِب والمُستَجوَب)، ولكن الله أعلم بما يدور في النفوس!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي