No Script

ربيع الكلمات

أمراض يصعب علاجها !

تصغير
تكبير

«لا تتأخر عن كلمة الحق، بحجة أنها لا تسمع، فما من بذرة طيبة إلا ولها أرض خصبة»... مصطفى السباعي.

فالتعصب والمكابرة والصوت العالي ليس دليلاً على أنك على حق، كما أن العجز في مواجهة الحجة بالحجة، واتهام الناس من دون دليل وممارسة الفكر الاقصائي، والحجر على الآخرين من إبداء وجهة نظرهم، مؤشر على عدم وجود حجة واضحة، وإنما هناك حالة وتركيبة نفسية ومرض من الصعب التعامل معه وعلاجه، ولكن الوقت كفيل بعلاج مثل هذه الأمور، والثمن سيكون كبيراً وهو فشل المؤسسات وتسرب الكفاءات منها.

ومن أكثر الأساليب المريضة التي يستخدمها صاحب الحجة الضعيفة، هو شيطنة الخصوم بأقوال لا أساس لها من الصحة، ودون تورع، ويستخدم منهجية تكوين رأي عام ضد الآخرين، ولكن الإنسان المنصف لا يقبل ذلك أبداً.

وليس بجديد شيطنة الخصوم حتى يتم الاستفراد بالإدارة، فهناك مصطلح «المكارثية»، وهو يعود إلى السناتور الجمهوري الأميركي جوزيف مكارثي، توفي عام 1957، وبدأ هذا المصطلح بعد توتر العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي أثناء «الحرب الباردة»، حيث كان العداء للشيوعيين في الغرب كبيراً.

وبعد ذلك خرج مكارثي باتهامات لمجموعة من خصومه بأنهم من المتعاطفين مع الشيوعية، وهم جواسيس ويعملون داخل الحكومة الفيديرالية الأميركية، ثم بدأ الأمر يكبر إلى المثقفين والكتاب بل وصل الأمر بالمكارثيين إلى المطالبة بمحاكمة كل من لا يقف ضد الشيوعية.

في النهاية، خابت وخسرت «المكارثية» بسبب قلة المؤيدين ووعي الناس، وتأكدوا أن مكارثي شخص غير منصف عندما يوزع الاتهامات على الآخرين وهي من دون أدلة تذكر، بالإضافة إلى خروج مجموعة من الناس قاموا بانتقاده بعقلانية، ما سبب ردة فعل وصحوة لدى الناس من طرقه في التخلص من خصومه، ويقال إن الأيام دارت على مكارثي، وقدم إلى محكمة بتهمة الفساد والتزوير، وأدانه الكونغرس، وأدمن المخدرات ومات بسبب ذلك.

كل شخص لا يقول الحق والحقيقة مهما بيّن للناس أنه منتصر، ففي حقيقته مهزوم داخل نفسه مريض لديه معاناة كبيرة، لأن القريبين منه يعلمون أنه على خطأ، وما فائدة وهم الانتصار عندما تفقد مصداقيتك بعد هذا العمر الطويل، ولن تستطيع أن تنام وأنت غير مرتاح الضمير.

ولا يغرنك أبداً أنك أوتيت قوة تمكنك من ظلم الناس، ولكن انظر إلى من هو أقدر عليك منك على الناس وكيف أنه يمهلك، ولا تكن خصماً لإنسان ليس له ناصر غير الله سبحانه وتعالى، وسينتقل ملف القضية من الأرض إلى السماء... وسيرفع المظلوم يده في ساعة استجابة ولن تذوق طعم الراحة بعدها أبداً، وستسقط من عين كل من رآك.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي