No Script

قيم ومبادئ

تحديث مجلس التعاون

تصغير
تكبير

مجلس التعاون الخليجي فكرة انطلقت من الكويت، وها هي تعود إليها بعد مسيرة تحديات متنوعة، استطاعت بفضل الله البقاء والتماسك في سبيل تحقيق أهدافها التي قامت من أجلها، إلا أنه اليوم باتت الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى التفعيل، مع توسيع قواعد المشاركة الشعبية عبر آلية عمل جديدة تراعي المستجدات والمكونات الاجتماعية والثقافية والتوجهات والأفكار ووجهات نظر مواطني دول مجلس التعاون، حول الأمور التي تهم كل مواطن خليجي في ما يتعلق بمستقبل المجلس، وأهم هموم المواطنين ومعاناتهم.

ومما لا شك فيه أنّ بلورة هذه الآراء واستطلاع رأي جميع التوجهات، نستطيع من خلالها تشكيل توصيات، تهدف إلى تحديث آلية عمل المجلس، بحيث نخرج بخارطة طريق واضحة للجميع تتضمن برنامج عمل وسلة أهداف محددة بدقة، نابعة من إرادة شعوب الخليج تمثل إرادة (57،349،619) مليون نسمة تعيش على ضفاف الخليج حسب إحصاء 2021.

هناك قضايا عدة مستحقة للنقاش، ومنها تحديات ذات توجه داخلي (خليجي)، وبعضها الآخر تحديات تتخطى الإقليم إلى دول الجوار والقوى العالمية كما أن هناك تحديات طارئة، مثل «كورونا» والمشاريع الاقتصادية الكبرى لدول المجلس وتحديات أمنية وغيرها، وفي الحقيقة نحتاج إلى صراحة وحزم في طرح أهم التحديات التي يجب أن يكون لها الأولوية ومنها (الأزمة الذاتية) داخل المجلس، إلى جانب الواقع الموضوعي للأحداث السياسية المتلاحقة.

كما يتطلب الأمر إعادة النظر في البناء الهيكلي في آلية عمل أمانة المجلس، ومنها الصعوبات الإجرائية المتعلقة بتنظيم فعاليات مشتركة أو حلقات نقاش في عموم دول مجلس التعاون على سبيل المثال، مع صعوبة إيجاد أرضية مشتركة لمقترحات الملايين من مواطني مجلس التعاون، خصوصاً في مناطق مختلفة الأوضاع والسياقات الاجتماعية والطموحات، وفي ظل تذبذب أسعار النفط والتأثير العام على ميزانيات الدول وتداعيات المتحور الجديد! مع عدم وضوح أفق الاحترازات الصحية الموحدة لدول المجلس.

إضافة إلى تنوع ومحدودية نماذج مجالس الأمة والشورى والمجالس الوطنية، في استخلاص التوصيات الشعبية وتوصيلها إلى دوائر صنع القرار داخل دول المجلس في ظل مركزية شديدة وبيروقراطية تعاني منها كل مؤسسات دول مجلس التعاون، وتحدٍ آخر يكمن في تصاعد (الأنانية الوطنية في مقابل ضعف وترهل الحماس الوحدوي لدى قطاعات واسعة من الخليجيين، مما يشي بإرهاصات تساعد على نشوء نزاعات جديدة للتطرف بشكل مختلف، وهذا للأسف ما نشهده في سوء توظيف وسائل التواصل الاجتماعي.

إنّ ترهل السياسات الموحدة لدول المجلس، خصوصاً في أزمة توفير الأمن الغذائي خلال أزمة «كورونا»، ولاحقاً انعدام الموقف الموحد حول الخطة المالية المشتركة لمواجهة التداعيات الاقتصادية للأزمة الصحية، مع بروز مشكلة الدين العام المجلس - هذه التحديات على سبيل المثال وليس الحصر - إذا تم الاتفاق عليها، يمكن بعد ذلك الخروج بخارطة طريق جديدة مع الأخذ في عين الاعتبار هذه البرامج اللازمة للتحديث:

أولاً: تشكيل لجان التفكير على مستوى المؤسسات الخليجية والجامعات ومراكز الدراسات، وذلك من أجل تنظيم جلسات نقاش (أون لاين)، تطرح أهم التحديات شريطة أن تراعي توسيع دائرة التنوع لدى الفئات الممثلة لشعوب دول الخليج، من حيث الأصل الجغرافي والفئة العمرية والخلفيات الاجتماعية والاقتصادية ومستوى التعليم.

ثانياً: إنشاء منصة رقمية تفاعلية على مستويات مختلفة محلية وإقليمية، تشمل رجال الأعمال في دول المجلس كما تشمل (المهنيين، والفلاحين، والمثقفين، والطلاب، وكبار السن، وغيرهم)، وذلك بهدف استطلاع الآراء حول حلول المشاكل والتحديات، ولاحقاً يتم تجميع هذه المقترحات والأفكار المنبثقة من هذه المنصة، في محاوله لتحليلها من علماء الاجتماع السياسي والإنساني.

ثالثاً: تحليل جميع النتائج والتوصيات مع معايير التغيير والقياس، لتوصيلها لدوائر صنع القرار مع نشر المناسب منها.

وبذلك نكون ساهمنا، بصورة أو بأخرى في بث الوعي الوطني والإقليمي، مع تحصين الأجيال وإعدادهم للمستقبل للنهوض بأهداف ورسالة المجلس.

وفي الختام... لضمان نجاح المشروع، أقترح اختيار شخصية خليجية بارزة لإدارة عملية التحديث والبرامج اللازمة شريطة ألا تتم إعادة إنتاج البيروقراطية من جديد.

وهذا الأمل والطموح يرفدهما الشعور بالمسؤولية، وقبله الثقة بالله ثم بالقيادة العليا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي