No Script

هل تتوقّف إسرائيل عن «تكسير أسنانها» في ملعب «محور المقاومة»؟

الناقلة المستهدفة
الناقلة المستهدفة
تصغير
تكبير

قتل قائد السفينة الروماني وضابط بريطاني، في هجوم شنته طائرتا «درون»، على الناقلة «أم/تي ميرسر ستريت» التي ترفع العلم الليبيري ومملوكة لشركة يابانية، وتمثل جزءاً من مجموعة «زودياك» التابعة للملياردير الإسرائيلي إياك عوفر، وذلك أثناء إبحارها الخميس، من دار السلام - تنزانيا نحو مرفأ الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة.

وقد تسبب الهجوم الأول بأضرار مادية، تلاه هجوم ثانٍ أصاب برج القيادة والمراقبة وعنبر الغرف، ما أدى إلى وقوع الإصابات البشرية.

وأوردت قناة «العالم» الفضائية، أن العملية في بحر العرب قبالة سلطنة عمان، جاءت رداً على هجوم إسرائيلي وقع في يوليو الماضي على مطار الضبعة في سورية، حيث قتل وجرح أفراد من الحرس الثوري الإيراني وعناصر من «حزب الله» اللبناني. وتالياً فإن الهجوم الإسرائيلي هو تغيير واضح لقواعد الاشتباك، فقد اختارت إيران بدء المعركة بين الحروب والتي من المتوقع أن تتزايد حدتها مستقبلياً.

والأمر الصادم لإسرائيل، أن طهران أظهرت مدى ارتباط الجبهات ومسارح العمليات وكيف واجهت ضربة في سورية برد في بحر عُمان غير متوقع بتاتاً.

نفذت إسرائيل أكثر من غارة ضد أهداف في سورية خلال العقد الماضي من الحرب ضد الجيش السوري و«محور المقاومة». وكانت النتيجة توسع نفوذ المحور في بلاد الشام والعراق واليمن ليشكل جبهة أقوى ضد إسرائيل وحلفائها، ولتبقى إيران في سورية، أقوى من السابق.

وحاولت إسرائيل اللعب في المسرح العراقي بإرسال طائرات مسيرة من دون طيار وفجرت سبعة مستودعات تابعة لـ«الحشد الشعبي». وقبل عامين، أرسلت طائرتين انتحاريتين من دون طيار على العاصمة اللبنانية لتنفجر إحداها قرب مكتب تابع لـ «حزب الله»، بينما لم تنفجر الثانية، مما أثار انتباه «محور المقاومة» باستخدام إسرائيل للطائرات «الكاميكاز»، فتبني هذا الأسلوب في مسارح عمليات متعددة.

وفي العامين ونصف العام الماضيين، زعمت إسرائيل أنها نفذت عشرات من الهجمات ضد أهداف إيرانية. ولم تعد «حرب التخريب» بينهما سرية، إذ يعترف الطرفان بالمسؤولية عن الهجمات من خلال الطرق التقليدية بالتسريبات الإعلانية.

وقد خرق رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، هذه الأعراف وكشف عن المسؤولية المباشرة لبلاده في عمليات تخريبية عدة وهجمات غير قانونية اغتالت فيها علماء إيرانيين وقصفت مؤسسات رسمية إيرانية.

ومن الطبيعي القول إن إسرائيل تلعب بالنار بعد أن خرجت لتعمل خارج المنطقة التي تسيطر عليها مباشرة، وتحاول فيها منافسة إيران في ملعبها. وتالياً، فإن تل أبيب تواجه تحدياً خطيراً لسمعتها وسلطتها في الشرق الأوسط حيث لن تستطيع المحافظة على لعبة «العين بالعين» التي بدأتها.

وما يصدم إسرائيل أكثر، هو رد إيران في بحر عُمان مقابل الهجوم في سورية، إذ دخلت قواعد اشتباك جديدة واختارت مسرح العمليات التي يتناسب معها وقامت هي بالرد من دون العودة إلى حلفائها.

وهذا الخيار يدل على أن طهران لم ترد توريط الحكومة السورية برد على إسرائيل من الممكن أن يتدحرج إلى معركة كبرى لا تريدها دمشق لعدم استعدادها لخوض معارك أخرى إذ لا تزال الأرض غير محررة بالكامل.

ويقول مصدر مسؤول في «محور المقاومة»، إن إيران «تدرك أن 90 في المئة من البضائع الإسرائيلية تمر عبر البحار التي تقع ضمن مسرح عمليات القوات الإيرانية والنطاق العسكري المريح لها. وإسرائيل عدو ذكي بلا شك.

إلا أن فكرة توسيع مسرح العمليات داخل منطقة تسيطر عليها إيران هي فكرة متعجرفة وغبية.

وتالياً، فقد قدمت أهدافاً لإيران عدة لتختار منها ما تشاء.

وها هي إسرائيل تكسر أسنانها لأن لديها الكثير لتخسره إذا ما قررت الرد على الهجوم الإيراني الأخير».

ليست هذه المرة الأولى التي تقصف فيها إسرائيل مطار الضبعة في منطقة القصير.

وهي تعتبر أن المنطقة قاعدة تخزين ومنطقة انطلاقات لصواريخ «محور المقاومة» الإستراتيجية في حال نشوب حرب.

إلا أنها المرة الأولى التي تستهدف فيها مضجعاً للقوات، أرادت، كما يبدو، من خلاله التسبب بأضرار بشرية وخسائر في الأرواح.

وتالياً فإن إسرائيل تدرك أن الرد كان آتياً عاجلاً أم آجلاً، ولكنها لم تعلم متى وكيف وأين. وتالياً فقد تعرضت الناقلة لهجومين بهدف إحداث خسائر بشرية مما جعل ضربة مطار الضبعة متساوية حسابياً، وإذا رفعت إسرائيل من حدة التوتر، فستقابل بأفعال مماثلة ما لم يتم إعادة تأسيس قواعد الاشتباك التقليدية القديمة، تستهدف من خلالها إسرائيل «أهدافاً» غير مهمة وتدمر مستودعات قابلة للاستبدال أو مطبخاً أو مدرجاً فارغاً.

بخلاف ذلك، ينبغي على تل أبيب أن تتوقع انتقاماً ضد مصالحها في أي مكان مع أو من دون مرافقة بحرية أميركية سفنها. ومما لا شك فيه أن بنك الأهداف الإيرانية وفير، وأن إسرائيل أكثر هشاشة مما يعتقد.

وقد كشف مصدر «المقاومة»، أن الهجوم وقع هذه المرة ضد ناقلة نفط فارغة، ولكن الهجوم كان كافياً لزيادة سعر التأمين والتسبب بتداعيات مالية على تل أبيب.

لقد فتحت إسرائيل «صندوق باندورا»، لكن الاختباء تحت عباءة أميركا لحماية سفنها لن ينفع ولن يحمي سفنها إذا ما استمرت الهجمات في سورية.

من ناحيتها، تشن إيران معركة بين الحروب تحتوي على خيارات محددة... إن أي تصعيد سيعرض الملاحة الإسرائيلية للخطر وعدم الرد يعني أن تل أبيب قررت العض على جراحها تحت أعين العالم.

لقد تم فرض الردع الإيراني في كلتا الحالتين.

أما الجزء الأكثر إثارة للقلق والأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل، هو ما إذا كانت طهران قررت استخدام قاعدة الاشتباك في كل مرة تقصف أهدافاً في سورية أم فقط عند استهداف هدف ينتمي إلى «محور المقاومة»؟

الخطوات التالية سوف تجيب عن السؤال. ومهما كان الجواب فإن أياً منها لا يشكل بشرى أو خبراً ساراً لإسرائيل التي أطلقت العنان لهجمات ارتدت عليها وستعاني منها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي