No Script

قيم ومبادئ

ماذا تريد المعارضة؟

تصغير
تكبير

كثيراً ما نسمع ونقرأ نقداً لاذعاً للحكومة، وهذا أمر طبيعي لطبيعة هذا الزمان المنفلت فكرياً وأخلاقياً وثقافياً، ولكن المستهجن في هذا كله أن تجد وراء ذلك النقد غالباً أجندات خاصة، ولو كانت ممن يشار إليهم بالبنان! وإذا خلا النقد من الأجندات وما أكثرها وشدة تنوعها إذا خلا منها النقد، نجد أن الأسلوب إما أن يكون فجاً وإما سخريةً على طرفي نقيض وذات النهج يتكرر في ذات العقول في المعارضة، وهو التعميم والكلام المرسل، وعند التحقيق نجد أنك أمام أمر واقع لا يمكن القفز عليه بمجرد الصراخ أو الأماني أو المُثُل والطموح، ولا يُفهم من هذا قطع طريق الإصلاح، إنما المقصود أولاً إصلاح من يريد الإصلاح بمعنى (إصلاح الدار قبل الجار).

وعليه أقول: أثمن عالياً ذلك النهج في الإصلاح الذي جمع بين الإخلاص لله أولاً ثم التجرد مع الأسلوب الصحيح في تصويب الأخطاء، بما أُمِر به شرعاً ثم ما يقتضيه واجبه الوطني ثانياً.

وهذا الإنسان إذا تكلم في الإصلاح، فلا تجد أحداً أحسن من قوله وطريقته وحاله في خاصة نفسه خلال سعيه في طريق الإصلاح، تجده يعلم الجاهلين ويعظ الغافلين والمغرضين ويجادل بالحق المبطلين، ويحذرهم مما هو حرام أو غير لائق سواء كانوا من الحكومة أو المعارضة أو عموم الشعب، ومن الإخلاص في النصح التذكير بتفاصيل نعم الله علينا في الكويت، خصوصاً نعمة الوحدة والأمن والأمان، ومن الإخلاص ترغيب الأجيال القادمة في التسلح بسلاح العلم النافع، سواء كان دينياً أو دنيوياً، والحث على ذلك في كل سبيل.

كما الحث على مكارم الأخلاق والإحسان في الأقوال والأفعال، مع تعليم الأجيال القادمة مقابلة المسيء بالإحسان، وهذا كله من آداب المصلحين سواء كانوا سياسيين أو اجتماعيين أو غيرهم، ثم هو مع ذلك لابد أن يبادر بنفسه إلى امتثال ما يأمر الناس به، كما يجب عليه الانكفاف عما يُحذِّر الناس منه، حتى يؤثر كلامه في الناس، فإذا سلكنا هذا المسلك في الإصلاح الشامل حصلت لنا البراءة في الذمة والحيطة في الدين، وبلغنا المرتبة التي تمامها للصدّيقين الذين عملوا على تكميل أنفسهم وتكميل غيرهم، وحصلت لهم الوراثة التامة في تاريخ البشرية الطويل، وكانوا ضمن الساعين في إصلاح مجتمعاتهم على مر العصور.

كما أن من أشر الناس قولاً من كان من دعاة الضالين السالكين لسبل الغواية والعماية، وبين هاتين المرتبتين المتباينتين مراتب لا يعلمها إلا الله، وكلها معلومة في التاريخ، فالحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمها كثير من الناس.

ولا يمكن لأي عاقل أن يقول ليس في الكويت أخطاء ولا نقص ولا تقصير، ولكن ليس من الحكمة (نشر الغسيل) للعالم، فلن تبرأ ذمتك بذلك! لسبب بسيط وهو تشويه سمعة الكويت، مع امتلاء قلوب العوام غيظاً وحقداً وحنقاً على المسؤولين، ولا نقصد في ستر المعايب أن تسكت عن الأخطاء، بل يجب عليك الإصلاح خصوصاً إذا كنت عضواً في البرلمان، وبإمكانك لقاء الأمير مباشرة وإلا فبواسطة من يتصل به من المختصين، وأهل الفضل من رجالات الكويت، وإذا حصل مناصحة فلا يمكن للإنسان أن يحدث بكل ما قاله للمسؤول، ولذلك نقول ابرأ لذمتك وأحوط لدينك إذا نصحت ألا تبين ذلك للناس. واعلم أن لكل مقام مقال.

الخلاصة

قال التابعي الجليل رجاء بن حيوة: من لم يؤاخ إلا من لا عيب فيه قل صديقه، ومن عاتب إخوانه على كل ذنب كثر عدوه، وقال يوماً لمحدثه حدثنا ولا تحدثنا عن متماوت أو طعّان. فهل نعي ذلك؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي