No Script

حروف نيرة

الطمع يقلّ ما جمع

تصغير
تكبير

الطمع من أسوأ الصفات التي يتصف بها المرء، فهي صفة تجعل الإنسان لا يشبع ولا يرضى، ولا يشعر بالسعادة والاستقرار، ويعيش في قلق دائم، وتعطيه شعوراً بالتعب، الشخص الطمّاع ينظر إلى ما في أيدي الناس ويتمنّى لو يُصبح ملكه، ومهما امتلك من أشياء فإنه يرغب بالمزيد، كما في قصة الأب الغني وابنه الذي يعيش في رفاهية بما كان يقدم له أبوه من مال وكل ما يريد، ولكن الابن كان طمّاعاً، وتمنى موت أبيه ليتمتع بكل تلك الثروة وحده.

مات والده وأصبحت الثروة كلها ملكه، وصار يصرف المال من دون حساب، وبدأت شركات والده وكل مصادر ثروته بالانهيار تدريجياً حتى أفلست تماماً وتم إغلاقها، وظل الولد يصرف المال المتبقي دون أن يشعر بنفسه حتى انتهت جميع ثروة أبيه وافتقر، وكما قيل: الطمع يقل ما جمع، فالطمع صفة تذهب البركة، ومن طمع في الحصول على كل شيء لن يحصل في النهاية على أي شيء، ولا راحة إلا بالقناعة، فالقناعة هي الغِنى الحقيقي، وصاحبها أغنى الناس، يقول رسولنا الكريم: (ليس الغنى عن كثرة العَرَض - ما يقتنى من المال وغيره - ولكن الغِنى غنى النفس). متفق عليه، ويقول العلّامة ابن حَجر في شرحه: «ليس حقيقة الغنى كثرة المال؛ لأن كثيراً ممن وسّع الله عليه في المال لا يقنع بما أوتي، فهو يجتهد في الازدياد ولا يبالي من أين يأتيه، فكأنه فقير لشرهه وحرصه، وإنما حقيقة الغنى غنى النفس وهو من استغنى بما أوتي وقنع به ورضي ولم يحرص على الازدياد ولا ألح في الطلب فكأنه غني» انتهى قوله.

والقناعة لا تعني حرمان الإنسان نفسه من المال ورفض المزيد، بل هي الرضا بما وهبنا الله تعالى قليلاً كان أو كثيراً، ولا نصل إلى ذلك الشعور ونكتسب هذا الخُلق العظيم إلا بتهذيب النفس وتدريبها على الرضا بما قسم الله تعالى لنا، فمن أراد الراحة والاستقرار النفسي، عليه أن يقنع بما عنده ويشكر الله تعالى على ما أعطاه، ويرضى بما كتبه الله له ويتمتع بما عنده، وفي ذلك يقول الإمام علي، كرم الله وجهه: «إنّ النفس طمّاعة فعودوها القناعة».

aalsenan@hotmail.com

aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي