No Script

خواطر صعلوك

لا تنس أنك من «الكبار» !

تصغير
تكبير

إن الرسل الذين أرسلهم الله مبشرين ومنذرين، لكي لا يكون للناس حُجة بعد الرسل، لم يكونوا رسلاً فقط، بل كانوا آباء لأبنائهم، وأفراداً في مجتمعاتهم، رجالاً قائمين بشؤون بيوتهم، والأهم من كل ذلك أنهم كانوا مراقبين جيداً لأنفسهم ولأسئلتهم الخاصة، صلوات ربي وسلامه عليهم.

عندما كنت طالباً في المرحلة المتوسطة وفي حصة التربية الإسلامية، كنت أنصت للمُعلم وهو يشرح المواقف اليومية التي مر بها الأنبياء، أحدهم فقد ابنه وغرق أمامه، وآخر جاءه الأمر بذبح ابنه، وثالث مات جميع أبنائه أمامه، ورابع ابتلي في زوجته، وآخرون كُثر لم يسلموا من قومهم ومجتمعاتهم وطردوا وقذفت عليهم الحجارة، أحدهم ابتلعه حوت، وآخر فقد أهله كلهم وثروته وعافيته، وآخر ضاع ولده بمكيدة من إخوته، صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين.

كنت أنصت إلى المُعلم وأترقب بقية القصة، ولدي وقتها الكثير من الأسئلة التي كنت أخاف طرحها. كنت أتساءل عن مشاعرهم في لحظة الابتلاء والاختبار، وكنت أعلم أنهم قبل أن يكونوا أنبياء الله، فقد كانوا بشراً يسري عليهم ما يسري على جميع البشر من المشاعر والأمنيات.

هناك بشر يتخلون عن أفكارهم ومبادئهم وقيمهم عند أقرب ابتلاء وينسون حظاً مما ذكروا به، وهناك بشر يزيدهم الابتلاء إيماناً وتسليماً وثقة.

كبرت وتعلمت أن أنبياء الله - رغم بشريتهم وحزنهم على ما أصابهم، وبكاء بعضهم لدرجة أن تذهب عيناه - إلا أن ما يجمعهم هو أنهم كانوا يعلمون «أنه لا رَيبَ فيه».

والرَيبُ في أحد معانيه هو التغيُر والظن والشك والتهمة... كانوا صلوات ربي عليهم يتألمون كما نتألم، ولكنهم تثبتوا مع الثابت الذي لا يتغير.

والنبي هو الذي يعلم أن كل ما حوله متغير وأن الثابت الوحيد هو الله، الذي يعلم أن الدنيا عتبة والموت لقاء والابتلاء صفاء... وأن كل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

قصة قصيرة:

اتمنى أن أبكي وأرتجف، التصق بواحد من الكبار، ولكن الحقيقة القاسية هي أنك «الكبار»، أنت من يجب عليه منح القوة والأمن للأصغر منك... هذا ما كتبه ذات يوم الدكتور أحمد خالد توفيق رحمة الله عليه.

@Moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي