No Script

موقعة «الخوف»

تصغير
تكبير

على ذمّة العلماء، يولد الإنسان حاملاً معه خشيتين، فهو يخاف، بالفطرة، من السقوط أرضاً ومن الأصوات العالية.

في إنكلترا، «عاشقة كرة القدم»، ثمة إضافة إلى هذه المعادلة تتمثل في «الخوف من مواجهة ألمانيا في البطولات الكبرى».

صحيح أن الإنكليز توجوا بلقبهم الوحيد على الإطلاق بفوزهم في نهائي مونديال 1966 على ألمانيا الغربية بالذات، إلا أن الأخيرة لطالما شكلت لهم عقدة منذ ذلك التاريخ.

فقد ودعت إنكلترا كأس العالم 1970 من ربع النهائي و1990 من نصف النهائي و2010 من ثمن النهائي على يد الألمان، كما لا يمكن أن ينسى الإنكليز أن ألمانيا أطاحت بهم من نصف نهائي «يورو 1996» التي استضافوها.

قبل انطلاق كأس أوروبا 2020، طالب مدرب المنتخب الإنكليزي، غاريث ساوثغيت الذي خاص مباراة الـ96 أمام ألمانيا، لاعبيه، بـ«عدم الخوف» من التعبير عن طموحهم في الفوز باللقب، وقال: «الآن بعدما لعبنا نصف النهائي (كأس العالم 2018 ودوري الأمم 2019)، لدينا الرغبة في الذهاب إلى أبعد من ذلك مثل الآخرين».

من حق ساوثغيت أن يحلم لكنه يعي، اليوم، وهو في خضم «يورو 2020»، بأن مواجهة مع ألمانيا تختلف مقاربتها «إنكليزياً» عن أي مواجهة أخرى، وعن أي بطولة أخرى.

تنظر إنكلترا إلى ألمانيا بـ«عين حاسدة»، وهذا مبرّر في عالم كرة القدم، إذ إنه يشكّل حافزاً للتحسّن.

تتبختر ألمانيا بزعامتها المشتركة مع إسبانيا لأوروبا بثلاثة ألقاب قارية، وتزدهي بأربعة تتويجات عالمية وكأس قارية، بينما لا تملك إنكلترا سوى لقب يتيم في كأس العالم تحقق قبل 55 عاماً، وهي فشلت في بلوغ أي مباراة نهائية أخرى، سواء في المونديال أو كأس أوروبا.

أما الألمان، وإلى جانب ألقابهم، فقد حلّوا في المركز الثاني في ثلاث مناسبات على مستوى الـ«يورو» وأربع مرات في المونديال.

من حق ساوثغيت أن يطالب لاعبيه بـ«عدم الخوف» من التعبير عن طموحهم في التتويج، لكن ذلك يختلف تماماً عن دعوته لهم بعدم الخوف من ألمانيا التي يواجهها، اليوم، في دور الـ16 من «يورو 2020».

وبالنسبة للألمان، فقد أشارت دراسة أجريت في العام 2014 إلى أن خوف كبار السن في البلاد من الموت أقل من خوف الأصغر سناً.

وحسب الاستطلاع الذي أجراه معهد «إينسا» عن الأشخاص فوق سن الخمسين عاماً، فإن 28 في المئة فقط من الأشخاص ما بين 18 و29 عاماً «ليس لديهم خوف من الموت» في حين أن 70 في المئة من الأشخاص فوق الـ80 عاماً لا يخشون الموت.

وتبيّن أن نصف الألمان إجمالاً يخافون الموت وأن 44 في المئة من الأشخاص فوق سن الـ50 عاماً يخشون الموت في حين أن 62 في المئة تحت سن الـ50 عاماً يهابون الموت.

أمام إنكلترا، اليوم، تسود ألمانيا موجة من التفاؤل على خلفية تاريخ مجيد في مواجهة خصم كبير، لكنّ «الخشية من الموت» في «ويمبلي» تبقى واجبة في ظل مستوى ونتائج متذبذبة رافقت «مانشافت» منذ الخروج المذل من الدور الأول لمونديال 2018.

ما بين خوف الإنكليز وخوف الألمان... 90 دقيقة تاريخية. ربما أكثر.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي