No Script

من منظور آخر

خطاب ناعم

تصغير
تكبير

«يربّون البنت الصغيرة منذ طفولتها على أنها جسد فقط، فتنشغل به طوال حياتها ولا تعرف أن لها عقلاً يجب أن تنميه». نوال السعداوي.

والسعداوي هي إحدى أهم النسويات المعاصرات في الوطن العربي، والتي كان لها تأثير واضح على النساء والمجتمع بأكمله، ولقد كانت صوتاً قوياً خارجاً عن نمطية المجتمعات العربية، والذي لم يكن له قبول في ذلك الوقت، ولا يزال مع الأسف، ورغم سجنها وآرائها القوية تجاه الخطابات الدينية، إلا أنها ظلت على صلابتها وقوتها.

لم تكن جميع النسويات بتلك القوة فقد كانت بعضهن يخففن من حدة خطاباتهن لتتماشى مع الرأي الذكوري السائد في المجتمع، ومجاراة مصالح الذكر حتى حين المطالبة بحقوقهن، حفاظاً على أمنهن وحرياتهن، ولذلك نلاحظ أن المطالبات والخطابات لا تتعدى بعض الخطابات المقبولة مجتمعياً أو حتى أنهن يستخدمن لغة وصوتاً مناسباً لمعايير المجتمع.

مرّ على خطابات نوال السعداوي سنوات عديدة، وما زالت تعاد تلك الخطابات في عالمنا العربي وتخيف المجتمع نوعاً ما، وهذا ما شاهدناه من خلال حملات مقاطعة المكتبات التي توافر كتبها، فخطاباتها لا تزال لها صلة قوية بعالمنا العربي، ولا تزال مطلوبة، فالتاريخ الطويل من التمييز ضد النساء خلّف عدداً كبيراً من النساء اللاتي يمتلكن الفكر الذكوري دون وعي منهن، لتأثير ذلك الفكر على حياتهن وإنسانيتهن.

الكثير من النساء هنا يعتقدن أن الصوت العالي مبالغة، والمطالبات بالحقوق يجب أن تكون بأسلوب «ناعم» - كما يطلق على جنس النساء - ولأن الحدة والقوة تقللان من أنوثة المرأة كما صور المجتمع، فيطلب المجتمع من المرأة أن تتحدث بطريقة مهذبة وصوت خافت لطلب النظر إلى قضاياها بطريقة أكثر عطفاً وشفقة، وهذا ما رأيناه دائماً في طريقة التعامل مع النساء فإما أسلوب مهذب يقابله العطف أو القوة ويقابله النفور.

بالتالي بعض النساء يستخدمن الطرق غير المباشرة أو الامتيازات التي لديهن للحصول على حقوقهن، بالتالي يعتقدن أن الحركات النسوية أمر مبالغ فيه، متناسيات أن للنظام الذكوري قوة وسلطة كفيلة بتهديد أمنهن وراحتهن.

المرأة في مجتمعاتنا تستخدم كل الطرق الملتوية التي تستطيع بها الحصول على حقوقها دون أن تطلبها بشكل واضح.حان الوقت لانتزاع الحقوق بصوت مسموع وبطريقة مباشرة، وألّا تخجل أي امرأة من رغباتها ومتطلباتها لأنها حقوقها، والحق أمر لا يخجل المرء من المطالبة به.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي