No Script

ألوان

القضاء... وإقامة العدل

تصغير
تكبير

إن الأخطاء البشرية واردة، ومنها ما يترك اثراً سلبياً في الحياة، فقد يكون الخطأ غير مقصود مثل الطيار الذي تسقط طائرته ويكون هناك ضحايا، والطبيب الجراح الذي يجري عملية جراحية ويموت المريض، وكذلك القاضي قد يخطئ من دون قصد في إصدار حكمه بناء على الحيثيات التي أمامه، ما يتسبب في سجن مظلوم.

ان ما ذكرته من أمثلة إنما هي للذكر وليس للحصر، وقد تكون الأخطاء غير مقصودة بيد أن الاخطاء المقصودة وباء سيئ يعمل على تقويض المجتمع مثل الأمراض المزمنة.

إن وظيفة القاضي هي الحفاظ على متانة المجتمع وإقامة العدل، وهي مهمة صعبة جداً، فكلما عرضت قضية على القاضي كان ذلك بمثابة اختبار وتحد كبير له.

ويذكر لنا التاريخ أن أشهر قاضٍ في الدولة العباسية في عصر الخليفة هارون الرشيد هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، وقد قام بتنظيم القضاء فجعل مذهب أبي حنيفة المذهب الرسمي للدولة العباسية، ولا ننسى القاضي شريح بن الجهم، وهو أول قاضٍ في الكوفة، حيث إنه قام بترك بصمة لمبادئ العدل بعد أن أوصاه الخليفة عمر بن الخطاب، بأن يحكم بما أنزل الله في كتابه وبحسب سنة نبيه الكريم، فمكث في القضاء ستة عقود من الزمن، حتى تم عزله من قبل عبدالله بن الزبير في عهد معاوية بن أبي سفيان، ثم أعاده الحجاج الثقفي للقضاء على مدينة البصرة.

وعندما يكون القضاء عادلاً، يكون لبنة مهمة في بناء الدولة، وفي الإصلاح حال انتشار الفساد المالي والإداري، وأذكر أنني قرأت قبل عقود من الزمن أن ملكاً توفي، وتسلم ابنه الحكم فقال لمستشار والده كيف هي أحوال البلد، فقال له إنها في أسوأ حال، فرد عليه الملك الشاب وماذا عن القضاء؟ فقال له إنه بخير، فقال إذاً من هنا تكون البداية للإصلاح الحقيقي، حيث إنه سيؤدي إلى بروز الإصلاح في كل شيء تدريجياً، وسيشعر رجل الشارع بالراحة وبالرضا، ولسوف تعود الحياة الطبيعية إلى مستوى الطموح للحاكم والمحكوم.

وفي الكويت لدينا قضاء شامخ، نفتخر به، حيث إن جهاز القضاء يضم رجالاً نفتخر بهم من الكويتيين والاخوة العرب، وفريق عمل كبير ابتداءً من معالي وزير العدل مروراً بالسكرتارية، وانتهاء بالقضاة، ومع هذا كله فإننا قرأنا أخيراً انه تم توقيف سبعة قضاة وإحالتهم إلى التحقيق، ولا يعني ذلك إدانتهم، وهو قرار تاريخي في مسيرة الكويت، لأنه جاء بتوجيهات سامية من حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، الأمر الذي يعكس الرغبة الحثيثة في محاربة الفساد، وعلينا أن ننتظر بقية الإجراءات وفق القانون.

وفي ما يخص محاكمة الفاسدين في مختلف قطاعات الدولة، فإن البطء في الإجراءات يجب ألا يجعلنا متشائمين، بل علينا ان نكون متفائلين، إن العدالة لها اجراءاتها كما أن المتهم من حقه أن يحظى بمحامٍ وبمحاكمة عادلة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي