No Script

قيم ومبادئ

المعارضة وبقرة بني إسرائيل

تصغير
تكبير

اختلفت طائفتان من بني إسرائيل في جريمة قتل وتدارءوا فيها، واشتبه عليهم الأمر فطلبوا من موسى - عليه السلام - الحل؟ فقال لهم إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة.

فقط مجرد الذبح وأي بقرة يذبحونها يتحقق بها المطلوب، والمبهم نوعان نوع يمكن امتثاله مثلما طلب الله، ونوع لا يمكن امتثاله، أما إذا كان الإبهام لا يمكن تحقيقه فإن الواجب السؤال والاستفصال، مثلما قال الله تعالى للقلم اكتب قال: رب وماذا أكتب؟ قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فجرى القلم بما هو كائن، وذلك قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.

لكنّ المعارضين في ذلك الوقت لطغيانهم وعتوهم سخروا بموسى عليه السلام، وقالوا (أتتخذنا هزواً) واستمر عناد المعارضة وتعنتوا بالاستفسار (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي)، ولما جاءهم الجواب لم يمتثلوا أيضاً ولم ينقادوا ولم يفعلوا ما أُمروا به.

هذه عادة المعارضة بل ذهبوا يستفسرون استفساراً آخر عن اللون؟ ولما جاءهم الجواب لم يمتثلوا أيضاً، بل طلبوا تفصيلاً آخر فقالوا (ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون)، يعني اشتبهت عليهم الأمور، بمعنى أنهم وقفوا يشاهدون بقرات عدة لونها أصفر، فقالوا أي واحدة يطلب منا الرب ذبحها، ثم جاءهم الجواب أنها بقرة لا تستعمل في الحرث ولا سقيا الماء ولا إثارة للأرض ولا تسقي الزرع ولا عيب فيها، وهكذا لما تشددوا شدد الله عليهم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وتأمل في آخر القصة لما جاءهم التفصيل النهائي (قالوا الآن جئت بالحق)، وهذه الكلمة منهم تدل على استخفافهم بموسى عليه السلام، وفيها دليل على أنهم لن يقبلوا من أمر موسى عليه السلام إلا ما ظنوا أنه الحق، وفي آخر القصة ذبحوا البقرة وما كادوا يفعلون من شدة معارضتهم، لأنهم قوم عندهم من الطغيان والعتو على شرع الله ما لا نعلمه صدر من أمة سواهم.

فلما ذبحوا البقرة وأخذوا شيئاً من لحمها وضربوا به القتيل، عادت روحه في جسده، فقال قتلني فلان ورأوا آية من آيات الله، ولكن ماذا فعلت المعارضة بعد ذلك؟ الغريب أنهم قست قلوبهم أي صَلُبَتْ وعظم استكبارهم، فكانت قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة.

ولعل أهم الدروس المستفادة من هذه القصة العجيبة أن الأمة الإسلامية إذا أشكل عليهم شيء في أمور الدنيا أو الدين أن يرجعوه إلى أهل العلم بشريعة الله، ذلك لأن الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم فيها شفاء لكل داء وفيها حل لكل إشكال.

وما هذا الاختلاف الواقع فينا اليوم وهذه المشاكل التي لا تنتهي، إلا بسبب غفلتنا عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

كما أن من الدروس المستفادة فيما يتعلق بسلوك المعارضة، هو دائماً تقديم سوء الظن حتى مع أشرف الخلق، كما هو الحال من بني إسرائيل مع موسى عليه السلام، وليس هذا فقط بل جمعوا السخرية والاستهزاء، كما أنهم اعتبروا الحق والباطل والميزان في معرفته هو عقولهم وأنهم لا يقبلون الحق إلا بعد أن تقبله نفوسهم! وكأنهم يريدون أن يتبع الحق أهواءهم ولعل سائل يسأل هل المعارضة هذه كانت لا تعقل الأمور، ولا تزنها بميزان؟ والجواب أن للعقل عقلين عقل إدراك وعقل تصرف، وعقل الإدراك هو الذي يترتب عليه التكليف وتتوجه إليه المسؤولية الجنائية ويشترك وجوده في المؤمن والكافر والبر والفاجر، وأما عقل التصرف فهو ما يحصل به الرشد وهو حُسن التصرف في أفعال المعارضة وأقوالها ومواقفها وهذا خاص بمن آتاه الله الحكمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً.

الخلاصة

تعريف المعارضة هي مناوأة القوى السياسية من أفراد وأحزاب أو هيئات، للحكومة أو النظام السياسي القائم، وترغب في الحلول محلها؟ (يعني تداول السلطة)، واللبيب بالإشارة يفهم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي