No Script

دفعات تعاقدية مباشرة لمقاولين... و«المالية» و«هيئة الاستثمار» تبحثان تسوية الأزمة

4 مليارات دينار «عالقة» لدى الحكومة

No Image
تصغير
تكبير

أفادت مصادر ذات صلة لـ«الراي»، بأن حجم الدفعات الحكومية العالقة للمقاولين والشركات المتعاقدة مع الوزارات والجهات الحكومية يقارب 4 مليارات دينار، فيما يرجح تصاعد قيمة هذه المطالبات لنحو 5 مليارات حتى نهاية 2021، بما يشكل 21.7 في المئة من إجمالي مصروفات السنة المالية الحالية المقدرة بـ23.048 مليار دينار.

وفي هذا الخصوص، بينت المصادر أن متضررين من تأخر الدفعات الحكومية، والذين تتسع دائرتهم لتشمل قائمة طويلة من أسماء الكيانات التشغيلية التي فاز بعضها بعقود حكومية منذ نحو عامين، أعدوا حصراً مبدئياً، أظهروا خلاله أن هناك دفعات تعاقدية مستحقة لهم على وزارات وجهات حكومية لم يصرفوها منذ 18 شهراً، موضحين أن هذه المبالغ العالقة تتضمن دفعات تعاقدية مباشرة، وتسهيلات محددة، ودفعات مناقصات.

تبويبات مصرفية

وحسب المصادر لا تبدو البنوك بعيدة عن مخاطر تأخر دفعات المقاولين والشركات، حيث نوهت إلى ارتباطها بما يقارب 1.5 مليار دينار، من شرباكة المتأخرات، مبينة أن هذه المبالغ لا تصنف بالضرورة كقروض، لكن تترتب عليها تبويبات مصرفية مع المنفّذين، في شكل تمويلات واعتمادات وحوالات وضمانات بنكية، وغيرها من الخدمات التي تقدمها البنوك للشركات والمقاولين الفائزين بالمشاريع الحكومية.

وإلى ذلك، عُلم أن هناك تنسيقاً بين الأطراف المتضررة لرفع معاناتها إلى الجهات المعنية، وأنها نجحت بالفعل في إيصال صوتها إلى بعض المسؤولين، مشيرة إلى أن من ارتدادات ذلك فتح نقاش لدى الجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارة المالية، والهيئة العامة للاستثمار باعتبار أن الأخيرة مسؤولة عن إدارة السيولة العامة.

تسريع الصرف

ولفتت المصادر إلى أن لقاءات جمعت بعض ممثلي المقاولين والشركات بمسؤولين حكوميين، حيث بحثوا أزمة تأخر دفعات المشاريع وخطورتها، وذلك في مسعى للتوصل إلى حلول تسهم في تسريع صرف المبالغ العالقة في «الجيب» الحكومي لفترات تخالف بنود العقد وتضر بالقطاع الخاص.

ولعل ما يزيد معاناة المقاولين والشركات، أنه رغم تأخر الوزارات والجهات الحكومية في صرف دفعاتهم، فإن هناك تمسكاً حكومياً باستمرار الأعمال التعاقدية، خصوصاً الخدمية، حيث تضغط بعض الجهات باتجاه ألا يصاحب تأخر دفعاتها أي تعطيل بالمواعيد المجدولة، ما يشكل ضغطاً مزدوجاً على الشركات والمقاولين.

نقاش المقاولين

ويبدو أن نقاش المقاولين والشركات المتعاقدة مع الوزارات والجهات الحكومية حول أزمة تأخر دفعاتهم لم يعد سراً، لا سيما بعد أن كبرت كرة ثلج متأخراتهم، إلى الحدود التي أدت إلى نشوء تهديدات بأزمة نظامية، ليس أقلها تعطل أو توقف هذه الشركات والمقاولين عن دفع مستحقات ورواتب عمالتهم.

ونتيجة لذلك، تواجه هذه الكيانات مخاطر الانكشاف على اضطرابات عمالية، ومطالبات قانونية قد تتعرض لها بسبب تعثرها المحقق أو المحتمل بدفع الرواتب، وبالتالي اتهامها بالتهرب من دفع مستحقات عمالتها، ما يترتب عليه مواجهة شروط جزائية وإجراءات قانونية تؤثر على سمعة الشركات والمقاولين، قضائياً ومالياً، وكذلك ستُدرج هذه النتائج ضمن سابقة أعمالهم، ما قد يقلل فرص توسعهم مستقبلاً مع جهات أخرى.

ومن هنا جاء التحرك نحو البحث عن حلول للخروج من مأزق صرف متأخرات المقاولين، لكن هذه المرة بشكل أكثر تنظيماً، حيث تم على ما يبدو دمج جميع المشاكل التي تصنف في هذا الإطار بملف واحد، بعنوان «أزمة متأخرات الدفعات الحكومية بين الواقع والحلول الممكنة» ونقله للجهات المعنية التي تبحث معالجته حالياً بأكثر من سيناريو.

إبعاد العجز عن خانة الرواتب على حساب المقاولين

يفتح ارتفاع قيمة مطالبات المقاولين والشركات على الجهات الحكومية لنحو 4 مليارات دينار، ولمدد تخلف عن السداد تصل 18 شهراً، النقاش واسعاً حول الأسباب الحقيقية التي تدفع الجهات الحكومية إلى تأخير دفعاتها رغم اعتماد ميزانية عن السنة المالية الماضية 2021/2020 تتجاوز 21.5 مليار دينار، وعن السنة المالية 2021-2022، بـ23.048 مليار.

ومحاسبياً يدفع هذا النقاش لمزيد من الأسئلة المنطقية، وفي مقدمتها هل يمكن إقرار عجز وعبوره للعام المالي التالي من دون تغطية؟

من حيث المبدأ، يلحظ من البيانات الرسمية التي نشرتها «المالية» حول الميزانية العامة عن السنة المالية 2021-2022

أن الإيرادات التقديرية تبلغ 10.9 مليار دينار، وأبرز ملامح الصرف الرئيسية هي 71.6 في المئة (نحو 16.5 مليار دينار) موجهة للمرتبات والدعوم، وتوفير الدرجات الوظيفية الجديدة اللازمة في الوزارات والإدارات الحكومية والهيئات الملحقة وعددها 21 ألف درجة، في حين أن 15 في المئة من المصروفات موجهة للمشاريع الإنشائية، بارتفاع 20 في المئة عن ميزانية السنة الماضية ما يسهم في دعم الدورة الاقتصادية المحلية.

وبقراءة سريعة لهذه الأرقام يمكن فك شفرة السر، وهي أن غالبية مصروفات الميزانية العامة موجهة إلى تغطية الرواتب وما في حكمها التي تقدر تكلفتها شهرياً بنحو 750 مليون دينار، ومع ذلك لم يكن صرف دفعات ومستحقات المقاولين والشركات أولوية لدى الجهات الحكومية، وربما «المالية» نفسها في ظل مخاطر نفاد السيولة العامة.

ورغم أنه وحسب البيانات المعلنة تعد مشاريع البنى التحتية والطرق والمشاريع الإسكانية والمرافق الصحية الجديدة من أهم أوجه الصرف للمشاريع الإنشائية، وأن بقية المصروفات تشكل 12 في المئة وهي مصروفات جارية، إلا أن «المالية» سعت خلال العامين الماليين المنتهين واللذين بلغ عجزهما نحو 23 مليار دينار، إلى تجنب التعرض لأزمة تعثر بالرواتب، رغم أنها لم تخف مخاوفها من ذلك، وفضّلت على ما يبدو نقل تداعيات أزمة السيولة إلى المقاولين.

لكن قد يخرج أحد المتذاكين محاسبياً ويقول «يُفترض نظرياً أن تكون (المالية) غطت جميع مبالغ العجز لديها معززة ببلوغ النفط مستويات سعرية لم يصلها خلال العامين الماضيين بعد تسجيله أكثر من 75 دولاراً للبرميل أخيراً، علاوة على قيام الهيئة العامة للاستثمار بإعادة تبويب أصول مؤسسة البترول، بنقلها من دفاتر صندوق الاحتياطي العام إلى صندوق الأجيال القادمة مقابل 2.5 مليار دينار، وذلك في مسعى لتوفير مستويات إضافية من السيولة، وقبل ذلك نقل جميع الأصول السائلة وفي مقدمتها الأسهم المدرجة بغرض توفير السيولة».

ورغم وجاهة هذا الطرح إلا أنه ينقصه الالتفات إلى أن إجمالي العجز المسجل في العامين الماليين الماضيين البالغ نحو 23 مليار دينار، إضافة إلى نحو 12 ملياراً مقدرة للسنة المالية الحالية ليبلغ الإجمالي نحو 35 ملياراً، وقياساً بقيمة المبادلات المحققة ومكاسب ارتفاع النفط، وسحوبات الاحتياطي العام تظل الفجوة بين الإيرادات والمصاريف واسعة، ويظل ردم العجز مستبعداً.

وباعتبار أنه لا يمكن المساس بالرواتب وما في حكمها رغم تعقيدات وضع السيولة الحالية، كان الاختيار الأسهل التوجه نحو دفعات المقاولين.

40.8 مليار دينار سُحبت من «الاحتياطي» في 6 سنوات

كشف تقرير ديوان المحاسبة أن صافي السحوبات من صندوق الاحتياطي العام بلغ 40.8 مليار دينار خلال الفترة الممتدة من 2015 /2016 وحتى نهاية 2020 أي نحو 6 سنوات، أكبرها بقيمة 11.4 مليار دينار في السنة المالية 2015 /2016.

وأوضح التقرير أن السحوبات بالفترة المقابلة السنة المالية 2019 /2020 بلغت 5.65 مليار، وذكر أنه نتيجة السحوبات المتتالية من صندوق الاحتياطي العام فإن صافي قيمة الأصول انخفض إلى 10.3 مليار بنهاية 2020، مقارنة مع صافي أصول بلغت 43.9 مليار في 2015.

وبلغ حجم السحوبات من صندوق الاحتياطي العام خلال الفترة من أبريل وحتى ديسمبر 2020 (أي خلال نحو 9 أشهر وبواقع مليار دينار كل شهر)، 8.9 مليار دينار، وذلك لتغطية عجوزات الميزانية العامة للدولة، إضافة إلى سداد بعض الالتزامات الأخرى نتيجة انخفاض أسعار النفط وتفشي جائحة كورونا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي