No Script

3 ملفات تفاوض بين إيران وأميركا في عهد رئيسي

جانب من مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي (رويترز)
جانب من مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي (رويترز)
تصغير
تكبير

مع إعلان فوز إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية في إيران، خرجت تسريبات في الإعلام الأميركي والإسرائيلي في اتجاهين مختلفين: الأول يعكس رغبة واشنطن والغرب في التوصل لاتفاق مع إيران قبل تولي الرئيس الجديد السلطة في مطلع أغسطس المقبل، أي خلال الأسابيع الخمسة المقبلة، والثاني يميل إلى أن الأميركيين يفضلون إرجاء «الصفقة» لما بعد ذلك، بهدف ضمان تنفيذها بلا عوائق.

في إيران أيضاً هناك رأيان: الأول أن الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني يريد اختتام عهده بإنجاز مشابه لإنجاز إبرام الاتفاق في النصف الأول من ولايته الأولى (2015)، والثاني يذهب باتجاه أن رئيسي يريد ورقة قوية يدخل بها إلى السلطة لتحقيق هدفه الأساسي المتمثل بتحسين الوضع الاقتصادي للإيرانيين.

أياً تكن النتيجة قبل أغسطس المقبل، يُجمع الخبراء على أن إحياء «خطة العمل المشتركة» (الاسم الرسمي للاتفاق النووي المبرم في 2015) مسألة وقت، بانتظار نزول الطرفين عن الشجرة، وأن هناك إرادة سياسية في البلدين بإعادة العمل بالاتفاق، سواء تم ذلك قبل أغسطس أو بعده، لأن التفاوض والاتفاق مرتبطان بقرار استراتيجي في طهران، أكبر من الرئيس، يهدف إلى تخفيف وطأة الضغوط الاقتصادية، وبرغبة أميركية بإنعاش الاتفاق النووي كونه الوسيلة الوحيدة المتاحة حالياً لكبح جماح برنامج إيران النووي الذي تجاوز الخطوط الحمر في الأسابيع والأشهر القليلة الماضية.

أمام هذه الثابتة، يبدو أن إحياء الاتفاق لن يكون سوى الجزء الأول من سلسلة المفاوضات المتوقعة بين الولايات المتحدة وإيران، فالثانية رفضت إدخال ملفات أخرى في المفاوضات القائمة حالياً، والأولى قَبِلت بالتركيز على إحياء الاتفاق في هذه المرحلة لـ«بناء الثقة» وتقليل المخاطر وتحقيق الأهداف واحداً تلو الآخر.

«أميركا بايدن» لا تختلف عن «أميركا ترامب» في نظرتها لضرورة توسيع التفاوض مع إيران ليشمل ملفي برنامج الصواريخ البالستية والأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة، لكن رؤية فريق بايدن، بقيادة المبعوث لإيران روبرت مالي، ترتكز على استراتيجية «الخطوة بخطوة» ومراكمة النقاط أملاً بالتوصل إلى «صفقات كبرى»، فيما فريق ترامب لم يكن يؤمن أصلاً بالتفاوض.

تالياً، ترجح التحليلات استمرار التفاوض بين الجانبين بعد التوصل إلى تفاهم يُعيد القيود الحديدية إلى البرنامج النووي ويرفع قسماً من العقوبات على طهران.

على أن المفاوضات المستقبلية، المتوقعة في السنوات الأربع المقبلة من عهد رئيسي، ستكون أكثر تعقيداً وصعوبة نظراً لأن فريق بايدن (الذي يضم مسؤولين شاركوا في مفاوضات 2015) سيفاوض للمرة الأولى طاقماً مختلفاً عن فريق وزير الخارجية الحالي محمد جواد ظريف الذي يضم عباس عراقجي ورفاقه، علماً أن هؤلاء المسؤولين هم الذين كانوا مهندسي اتفاق 2015 وهم يفاوضون حالياً في 2021 على إحياء ذلك الاتفاق.

في مقابل هذا الرأي، يبرز رأي آخر مفاده أن المفاوضات ستكون أكثر سهولة لأن قيادتها من قبل فريق أصولي (يرجح أن يكون على رأسه المخضرم سعيد جليلي سواء أعيد الملف النووي إلى مجلس الأمن القومي أو بقي بيد الخارجية)، يتيح فرصة أكبر للحسم واتخاذ القرارات، لأن الفريق الحالي دائماً ما يحاذر تقديم تنازلات تجعله عرضة لهجوم داخلي من المتشددين، وغالباً ما يعود للمرشد الأعلى في نقاط الحسم، في حين أن فريق الأصوليين سيكون قادراً على تبرير تقديم أي تنازلات للأميركيين وتسويقه في الداخل الإيراني، من دون ضجة.

في المحصلة، وانطلاقاً من رفع «أميركا بايدن» لواء الحوار والديبلوماسية ورغبة إيران في تخفيف الضغوط عليها، يتوقع مراقبون أن تشمل ملفات التفاوض ثلاثة ملفات رئيسية:

1- تحسين الاتفاق النووي بعد إحيائه، فالولايات المتحدة ومعها الدول الأوروبية الثلاث الموقعة عليه (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) ترغب في إدخال تعديلات تُقيّد قدرة إيران على الوصول إلى مكونات السلاح النووي لفترة تمتد إلى عقود، بدلاً من فترة العشر سنوات المنصوص عليها في بعض بنود الاتفاق الحالي.

وعلى الرغم من أن طهران لن تقبل بسهولة التفاوض في هذا الشأن، إلا أن واقع وجود تأييد لهذا الطرح من قبل غالبية الدول الموقعة على الاتفاق سيُجبرها على إعادة حساباتها، لا سيما أن موسكو لن تُساند طهران إلى ما لا نهاية، خصوصاً بعد تسريبات ظريف الأخيرة وبعد القمة الأميركية - الروسية الأخيرة التي تحدث خلالها بوتين عن قدرة البلدين على التعاون في الملف النووي الايراني.

2- برنامج الصواريخ البالستية، الذي تصرّ إيران على أنه خارج التفاوض استناداً إلى أنه ملف سيادي يتعلق بقدراتها الدفاعية ولا علاقة له بالملف النووي.

وفي هذه النقطة لن يكون تراجع إيران سهلاً، لكن ربط رفع جزء كبير من العقوبات الأميركية والدولية بهذا البرنامج، واحتمال ورود ذكره في التفاهم الحالي لإحياء الاتفاق النووي، سيجعلان إيران تحت ضغط كبير للموافقة على التفاوض، فيما سيكون الموقفان الروسي والصيني تحت المجهر، وربما تتحول المحادثات في هذا الشأن إلى إيرانية - غربية بعيداً عن موسكو وبكين.

3- الأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة، التي لا تعترف إيران أصلاً بوجودها وإنما تتحدث عن نفوذ لها في بعض الدول، لكن رغبة واشنطن بـ«تبريد الساحات» في الشرق الأوسط للتفرغ للساحتين الأطلسية والصينية، ربما يفتح الباب أمام «صفقات» مغرية للإيرانيين تدفعهم إلى الانغماس في التفاوض على ملفات تبدأ باليمن وتنتهي في لبنان، مروراً بالعراق وسورية وغزة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي