مشاهدات

المكافأة... بين المستحقين والمتلاعبين!

خلال الأيام القليلة الفائتة أعلنت الحكومة بأنها تواجه شحّاً في السيولة المالية، وأنها لن تتمكن من دفع رواتب الموظفين، لذلك طالبت - الحكومة - بتبني قانون الدين العام، لتتمكن الدولة من الاقتراض لتغطية العجز في ميزانية الدولة، وتوفير السيولة المالية لدفع رواتب الموظفين ومن ضمنها مبلغ 600 مليون دينار، التي وعدت بها الحكومة لصرفها على العاملين في الصفوف الأمامية، وجاء الرد الحازم من أعضاء مجلس الأمة: لا للسحب من احتياطي الأجيال القادمة ولا لإقرار قانون الدين العام من دون ضمانات تقّر بها الحكومة.

ومن التوصيات التي أثارها بعض أعضاء مجلس الأمة الاعتراض على مكافأة الصفوف الأمامية، وذلك لأنها شملت جهات غير مستحقة وبمبالغ كبيرة جداً، وشملت هذه التوصيات تهماً للحكومة بالعبث والتلاعب في الكشوف لجهات معينة، مما تسبب في سجالات وتوجيه اتهامات عدة من قبل أعضاء اللجنة المالية في مجلس الأمة للحكومة.

ومن المفارقات التي حدثت عند عقد الجلسة الخاصة لمناقشة طلب الحكومة، أنه تمت الموافقة على صرف كامل المبلغ المطلوب وهو 600 مليون دينار، مع صرف مواد تموينية بقيمة 50 مليون دينار، والموافقة على هذا القرار جاءت بالإجماع، اللهم إلا صوتا واحدا اعترض ولم يوافق!

ومن الأمور الغريبة، التي تثير الكثير من التساؤلات واللغط، أنه بعد كل هذه التصريحات والاتهامات والاعتراضات على صرف هذه المبالغ - 600 مليون دينار مكافأة - تتم الموافقة الفورية على صرفها، فما هي الأسباب وراء هذا القرار يا ترى؟

نحمد الله كثيراً أن الكويتيين على قلب رجل واحد، عند وقوع أي خطر تتعرض له الكويت، سواء كان هذا الخطر خارجياً أو داخلياً، مثل كارثة الغزو الصدامي الغاشم على بلدنا الحبيب، فتحت وطأة الاحتلال ورغم ممارساته الوحشية بحق الكويتيين، سطر الشعب الكويتي أكبر ملحمة وطنية في الدفاع عن بلده، وقد فعل ذلك طواعية وعن حب وإخلاص للوطن، لا تحدوه في سبيل ذلك أي مصلحة دنيوية أو مآرب شخصية.

وفي هذه الظروف الاستثنائية السائدة بيننا، بسبب جائحة كورونا، قام آباء الكويت بأداء واجبهم بكل أمانة، ناهيك عن المتطوعين الذين أدّوا أدوارهم في مجالات عدة، وكان دافعهم هو خدمة الوطن وتجاوز المحن والأخطار التي اجتاحت البلاد.

فالعمل الصالح والمخلص للوطن هو الذي يقوم على قواعد راسخة ولا يرتبط بالماديات، وفي الحقيقة فإن مكافأة الصفوف الأمامية تخص فئة قليلة وخاصة، وهي التي تعاملت مباشرة مع المصابين ولم يتوقف أفرادها عن أداء أدوارهم المناطة بهم، ولم يدر في أذهانهم المطالبة بأي امتيازات خاصة، نظير ما قاموا به من أعمال وتضحيات، ولكن للأسف الشديد فقد استغلت بعض الأطراف والجهات التي تتصف بالطمع والجشع المادي هذه الأوضاع، وهي التي لم يكن لها أي دور في مكافحة وباء كورونا، ومن ثم المطالبة بحقوق مزعومة لها، وعلى رأسها قياديون كبار طالبوا بإدراج أسمائهم ضمن القوائم المشمولة بالمكافأة، فكانت النتيجة هي تضخم المبالغ المالية للمكافأة.

لا شك أن جميع المواطنين والوافدين أدّوا واجبهم على أكمل وجه، ولا يزالون يؤدون واجبهم حتى الآن في ظل هذه الجائحة، من دون أفضلية لأحد منهم على الآخر، والكل متكاتف مع الآخرين جنباً إلى جنب في مواجهة هذا الخطر الداهم، وفي المقابلة فإن الدولة صرفت الرواتب كاملة شاملة البدلات، وللجميع من دون استثناء.

ألم يكن من الأجدر بأعضاء مجلس الأمة إقرار قانون بصرف مبلغ الـ 600 مليون دينار، لحل مشكلة تلك الشريحة من المجتمع الواقعين تحت وطأة الديون والمتعثرين من المقترضين، الذين يعانون من حجز أملاكهم وتجميد حساباتهم، والملاحقين قضائياً من البنوك.

ففي هذه المرحلة نحتاج إلى صياغة قرارات وقوانين ومشاريع وطنية تحقّق المصلحة العامة، والعمل بنوايا صادقة، وكذلك تفعيل الأجهزة الرقابية لمكافحة الفساد، ورصد المخالفات في مؤسسات الدولة للحفاظ على كيان الدولة السياسي والاقتصادي، ومحاسبة كل مسؤول تعدّى على المال العام.

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي