No Script

جودة الحياة

لا تستسلم للألم النفسي!

تصغير
تكبير

ليس ثمة ضمانات بحياة وردية تخلو من المتاعب والخسارات، الهزائم والألم النفسي الصاعق الناجم عن الفقدان بكل معانيه، فلا وجود ضمانة - بأي شكل - ضد المتاعب وما تخلفه من آلام نفسية، لأن ذلك ضد طبيعة الحياة على كوكب الأرض، فالابتلاء والامتحان الذي يصيب الإنسان بالكدر والضيق هو قدر علينا جميعاً، لا ينجو منه إنسان ما بقي على قيد الحياة. وغني عن القول إن التغلب على الألم النفسي وانكسار القلب الناجم عن تصاريف الأقدار - سواء بفقدان الأحبة أو مغادرة الأوطان أو خسارة حب... إلخ - يمثل تحدياً معقداً ليس من السهولة بمكان عبوره إلى الضفة الأخرى، بتدشين بداية جديدة نتعافى فيها من آثار التجارب الحياتية المؤلمة والظروف السيئة التي أصابتنا بالآلام النفسية والحزن.

فالتحدي يتمثل في كيفية تجاوز الألم النفسي وكسر حلقاته المفرغة، وكيفية النهوض مجدّداً بعد كل مرحلة من الهزيمة والانكسار وما تجلبه من آلام، ربما تفوق درجة الاحتمال لدى البعض، فيسقط في دوائر الأمراض النفسية والإدمان، في محاولة لتناسي مرارة الفقدان أو الصدمة أو الفشل في تحقيق أهداف معينة.

فكم من أذكياء وموهوبين فقدوا حياتهم وتلاشوا ولم يسمع بهم أحد، لإخفاقهم في تجاوز آثار خسارة عاطفية أو فقدان لقريب أم أو أب وغيرهم، أو ربما بسبب فقدان إمكانية الدعم والمساندة في اللحظات الحرجة. بالطبع هناك ما يستحق الحزن والألم عند الفشل، فكلنا يحزن عندما يرى مخططاته تفشل، والآمال التي بناها تنهار أمام عينه، بغتة تذهب أدراج الرياح، ربما من دون أسباب معروفة.

ليست لديّ وصفات سحرية مُجرّبة أو سيناريوهات محدّدة وجاهزة لتجاوز الألم النفسي، أو على الأقل تحمله والتعايش معه إلى حين، ولكن يمكننا دوماً اقتراح الحلول والخيارات الممكنة، ففي لحظات الضعف والانهيار التي ستمر علينا حتماً، ينبغي استدعاء كل قوانا لتجاوز الألم وإبعاد شبح السقوط والانهيار، ثق بنفسك ولا تتردد في طلب المساعدة من الأصدقاء من أهل الثقة والإدراك السليم للواقع.

انسَ الدموع فهي لم تكن يوماً حلاً لأي مشكلة، بل هي مدعاة للتردي أكثر في حالات الضعف واجترار الذكريات الأليمة، ولتضع قدمك على خارطة الطريق لبر الأمان، تذكّر نجاحاتك السابقة وكم أنك استطعت تجاوز الكثير من العثرات والعقبات. اجعل من تجربة الألم النفسي أياً كانت أسبابه تجربة تثريك وتوسع أفقك بالنظر إلى الجانب المشرق من المعادلة، وفي سبيل خلاصك اسع دوماً لمخالطة الأشخاص الناجحين فهم مصدر للتجارب والخبرات، تعلم منهم كيف تتعاطى مع أزماتك، ففي لحظات الوهن والتعب النفسي والتشتت الذهني ربما يلهمنا الناجحون بارقة أمل، وسُلّماً للنجاة خلال الحلول الممكنة والفعالة، فلا بد أن تشكل الآلام النفسية التي تصيبنا في الحياة، نقطة تحول في مسارنا الحياتي بكل معطياته الذاتية والموضوعية.

المهم ألا تستسلم أبداً، ولا تلقي أسلحتك لمجرد خسارة معركة فتبدأ دوامة الأفكار السلبية بسحب الروح والمقاومة إلى أسفل، فتسقط في وحل الحسرة والاكتئاب. ويقيني أن إدراك وفهم دروس التجربة - أياً كانت أسبابها - هو الطريق إلى التعافي من أثر الألم النفسي والانتكاسات والفشل في الحياة، وهذا يعني إدراك نقاط ضعفك وقوتك، وحقيقة من حولك، والأهم أن تعرف نفسك أكثر ولا تدع آلامك وهمومك تكبر لتحرق غصن حياتك وتدمر عافيتك النفسية والجسدية، ودع الحسرات والآلام النفسية للزمن فهو كفيل بمداواتها.

Twitter: t_almutairi Instagram: t_almutairii talmutairi@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي