No Script

تحافظ على خط رجعة مع «الزبون الثقيل» دون رفع تسعيرها

بنوك «تتغلى» على الدولار وتوقف الفائدة الإضافية... على ودائع الحكومة

تصغير
تكبير

- هبوط النفقات الدراسية والعلاجية والسياحة قلّص سحوبات الدولار
- «كورونا» خفض شهية الاستثمار فقلّت التدفقات المصدرة للخارج
- تراجع وتيرة استهلاك البنوك وعملائها من النقد الأجنبي أضعف طلبه
- وجود فوائض عملات أجنبية يعكس قوة نقد بنوك الكويت

يبدو أن ودائع العملات الأجنبية، وفي مقدمتها الدولار، بدأت تفقد بريقها في أعين غالبية البنوك المحلية بالفترة الأخيرة، حتى لو كان المودع الجهات الحكومية، والتي عادة ما تحظى بتسعير مصرفي خاص.

وفي هذا الخصوص، علمت «الراي» من مصادر ذات صلة أن المصارف الكويتية بدأت «تتغلى» قليلاً في طلب الودائع الدولارية من المؤسسات الحكومية التي تملك رصيداً متوافراً للإيداع من العملات الأجنبية، وفي مقدمتها الهيئة العامة للاستثمار.

ضمان التجديد

وأوضحت أن جهات حكومية بدأت تتحرك لتجديد ودائعها بالعملات الأجنبية، حيث استشرفت لهذا الغرض الأسعار الممكنة، لتجد مع ذلك تسعيراً متبايناً، لكن هذه المرة نزولاً وليس صعوداً بين بنك وآخر، حيث يقدم كل مصرف الأسعار التي تتناسب مع تسعير السوق، وربما أقل أحياناً لدى بنوك، وليس التي يضطر البعض لتقديمها بمعدلات فائدة أعلى من الدارجة في السوق، مثلما يحدث مع الدينار، حيث تُقدَّم فائدة إضافية من بعض البنوك علاوة على الفائدة المتداولة سوقياً، فيما يشبه «البونص» للعميل الحكومي الهام للبنوك.

وقالت «في السابق كان البنك يبادر بمغازلة الجهة الحكومية صاحبة الأموال، قبل انتهاء أجل وديعتها في مسعى لضمان تجديدها لديه، وأثناء ذلك كان لا يمانع تقديم تسعير خاص، لا سيما إذا كان مبلغ الوديعة وأجلها مغرياً، أما الآن فواضح أن الأدوار تبدلت، لتتحرك الجهات الحكومية مع ذلك على البنوك نحو تجديد أموالها المودعة بالعملات الأجنبية وتحديداً الدولار، وليس العكس، دون الحصول على استثناءات».

عدم رغبة

وأضافت «في الفترة الأخيرة شيء ما تغير في إستراتيجيات البنوك نحو استقطاب الودائع الحكومية بالدولار، ففي أحيان تبدي بعض المصارف الرغبة بعدم التجديد، لكن ومن باب الديبلوماسية تحافظ بعض المصارف على خط رجعة مع (الزبون الثقيل) بمزايا أخرى، دون أن يكون بينها دفع أي معدل إضافي على أقل فائدة متداولة، وبالتالي تكون الجهة صاحبة الوديعة هي التي رفضت التجديد وليس البنك».

ومصرفياً يمثل وجود فوائض من العملات الأجنبية لدى البنوك المحلية قوة إضافية لنقد بنوك الكويت، ويمكن تفسير تراجع الشهية المصرفية المحلية نحو الودائع الدولارية وبالعملات الأجنبية عموماً رغم استمرار زخم اهتمامها بطلب الودائع المستقرة بالدينار والتنافس عليها بأسعار إضافية، بأكثر من سبب، يمكن حصرها في الآتي:

1 - هناك فوائض مرتفعة من الدولار، مدعومة بعوائد الكويت النفطية، والتي يقدرها البعض بأنها تشكل بنحو 95 من الدخل العام، ما يوفر مستويات عالية من سيولة العملات الأجنبية، بخلاف الدينار الذي يشهد طلباً كبيراً عليه في الفترة الأخيرة مدفوعاً بتزايد احتياجات الدولة لتمويل عجز الميزانية، والاحتياجات المحلية الاستهلاكية.

إضافة إلى أنه كان لارتفاع وتيرة سحوبات الحكومة من ودائعها بالدينار في الفترة الأخيرة، لأغراض استثمارية بالخارج، دوراً في زيادة التنافس مصرفياً على العملة المحلية، علماً أن إجمالي السحوبات الحكومية عموماً في الربع الأول من العام الجاري وصل إلى 655 مليون دينار.

2 - واضح أن لدى البنوك الكويتية فوائض مرتفعة من الدولار، إلى الدرجة التي لا تستدعي التنافس عليها، ورفع كلفة الأموال لديها، مثلما يحدث بينها على الودائع بالدينار، ما يخفف عليها ضغوط إعادة ترتيب سلم الاستحقاقات، ولذلك لا تسعى البنوك لاستقطاب مزيد من الدولار حتى لو كان مبوّباً ضمن خانة الأموال المستقرة.

3 - يوفر بنك الكويت المركزي أي كميات أموال مطلوبة بالدولار، وبأسعاره السوقية المناسبة، ما يعني أن البنوك لن تواجه ضغطاً لتغطية احتياجاتها من العملة الصعبة في أي وقت.

4 - مع تراجع الاستثمارات في الأسواق الخارجية بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا وما صاحب ذلك من إغلاقات اقتصادية، انخفضت وتيرة استهلاك البنوك المحلية للنقد الأجنبي في الفترة الأخيرة، ما قلل الشهية الاستثمارية، ومن ثم انخفض منسوب التدفقات المطلوبة لتصديرها للخارج.

5 - كان لتراجع النفقات الدراسية والعلاجية، دور في الحد من سحوبات الدولار محلياً، وما عزز ذلك أكثر جمود سوق السفر، فيكفي الإشارة إلى أنه وفقاً لبيانات الشبكة المصرفية للمدفوعات أنفق الكويتيون نحو 18 مليار دولار على السفر والسياحة الخارجية خلال 2019، حيث نمت هذه النفقات 24 في المئة، بعد أن كانت 14.5 مليار دولار في 2018.

وأدّت الإجراءات الاحترازية ووقف الأعمال والأنشطة التجارية بداية تفشي «كورونا»، خلال الربع الأول من 2020 إلى تراجع إنفاق المواطنين على السفر والسياحة بـ5 مليارات دولار عن هذه الفترة الفصلية.

ويقدر تقرير غير رسمي حجم إنفاق الكويتيين على السياحة الخارجية خلال السنوات الثلاث الماضية (2015 -2017)، بنحو 32 مليار دولار، ما جعل البلاد تحتل المرتبة الرابعة خليجياً من حيث حجم الإنفاق، والمرتبة الثامنة عالمياً من حيث معدل الإنفاق على السياحة الخارجية لكل فرد عن هذه السنوات الثلاث.

6 - يواجه «الإنتربنك» أو ما يعرف بسوق ما بين البنوك، جموداً منذ فترة طويلة في طلب الودائع الدولارية، ما يحمل مؤشراً على ضعف الحاجة المصرفية لهذه السيولة، وهذا يدفع البنوك أكثر للتحفظ في تسعيرها، لتكون فائدتها بما يحقق هوامش ربحية وليس بما يقود لزيادة غير مستحقة بتكلفة الأموال لديها.

ودائع القطاع الخاص بالعملات الأجنبية انخفضت

يبدو أن الودائع الحكومية بالعملات الأجنبية لا تواجه منفردة انخفاض الشهية المصرفية، ومن الواضح أن ودائع القطاع الخاص تتقاطع معها في هذا الخصوص، فحسب البيانات المتوافرة انخفضت ودائع القطاع الخاص بالعملات الأجنبية 74.9 مليون دينار (-3.63 في المئة) على أساس شهري في مارس الماضي، وبلغ تراجعها 69.1 مليون (-3.36 في المئة) بالربع الأول، أما على أساس سنوي فشهدت تراجعاً بنحو 395.1 مليون (-16.56 في المئة)، لتصل إلى 1.99 مليار في نهاية مارس الماضي.

يشار إلى أن حجم إيداعات البنوك الكويتية لدى بنك الكويت المركزي نهاية 2019 يبلغ نحو 6.399 مليار دينار، بزيادة تقارب أكثر من 550 مليوناً قياساً بمستوياتها المسجلة في العام 2018، فيما يرجح أن تكون هذه الإيداعات قد سجلت ارتفاعات متتالية في 2020 ومنذ بداية العام، في ظل تراجع الفرص المناسبة لتوظيف الأموال.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي