No Script

الأبعاد الثلاثة

قصر النظر...!

تصغير
تكبير

يُعرّف مرض قصر النظر، بأنه «حالة بصرية إشاعة حيث يمكنك رؤية الأشياء القريبة بوضوح، ولكن الأشياء البعيدة تكون ضبابية».

وحالات قصر النظر لا تقتصر على الجانب العضوي أو الطبي وإنما تمتد إلى الجانب المعنوي أو المجازي، والذي يشير إلى ضعف في فهم الواقع والتخطيط السليم للمستقبل. وهذه هي الحالة (المرضية) التي تعاني منها جميع مؤسسات الدولة.

فما زلنا نعيش في مشكلتنا الأزلية بعدم قدرتنا على التخطيط بشكل احترافي للمستقبل، آخذين في عين الاعتبار دروس الماضي وواقع الحاضر ومتطلبات وأهداف المستقبل. فمؤسسات الدولة لا تزال قاصرة على فهم جميع عوامل النجاح، التي يجب تعزيزها والمخاطر التي يجب التعامل معها والتقليل من آثارها باتخاذ إجراءات استبقيةة أثناء إعداد الخطط الإستراتيجية والإجراءات التنفيذية المتعلقة بها، بما في ذلك الإجراءات التشغيلية.

فكنا في أغلب الأوقات نتخذ الخطوة الأولى، وبعدها نفقد بقية الخطوات، فنبقى في أماكننا أو تضيع جهودنا وأموالنا أو تبقى منشآت معلقة غير قابلة للتشغيل، أو نصل إلى نقطة كان يجب أن نصلها منذ سنوات وسبقنا إليها الغير. كما تعاني عملية التخطيط والتنفيذ من إشكالية مزمنة أخرى مرتبطة ببيروقراطية فجة، ودورة مستندية عقيمة، لم تنجح أغلب المحاولات في القضاء عليها، حتى باستخدام أحدث وسائل التكنولوجيا، نظراً لعدم وجود برنامج متكامل، يشترك فيه جميع المؤسسات الحكومية بشكل متوازٍ وآلية تنسيق واضحة المعالم، أو بسبب العقلية الإدارية الموجودة في أعلى الهرم المسؤول عن التخطيط أو التنفيذ. والأمثلة على ذلك كثيرة، ومنها على سبيل المثال، لا الحصر:

- مستشفيات تُبنى ولا تجد من يعمل فيها أو يديرها، مع نقص شديد في الكوادر الطبية الوطنية، في ظل نظام بعثات ونظام إنشاء جامعات خاصة، لا تقوم بتخريج المزيد من الأطباء، كرديف لجامعة الكويت وبعثات التعليم العالي.

فيتم الانتهاء من بناء وتجهيز المستشفى، ثم يبدأ الحديث عن توفير درجات وظيفية لإدارته وتشغيله! - أماكن ترفيهية قائمة أو تهدم أو يتم البدء في إنشائها، فتبقى متهالكة أو مجرد تصميم على ورق أو أطلال لسنوات طويلة، حتى لم يبقَ للمواطن والمقيم شيء ترفيهي، إلا بعض الأماكن الترفيهية المبعثرة، ما حدا بالمواطن والمقيم بالسفر للترفيه عن نفسه وعائلته.

- مدن سكانية تعد لبناء آلاف المساكن دون التفكير، والإعداد لآلية تمويل هذه المساكن وتوفير مواد البناء والأيدي العاملة الكافية لبناء هذا العدد الكبير من المنازل في وقت متزامن، بالإضافة إلى ما تحتاجه هذه المنازل من خدمات ما بعد البيع، ناهيك عن مناطق سكنية اكتظت بالسكان ولكنها ما زالت تفتقر إلى إضاءة الشوارع والخدمات والجمعيات وفروعها والمدارس والمستوصفات!

- مطار يتم افتتاحه ثم بعد ذلك يتم الحديث عمن سيقوم بإدارته وتشغيله! - محاجر صحية تم بناؤها في أزمة كورونا ومراكز تطعيم تم إنشاؤها بالإضافة إلى مراكز صحية موزعة في مناطق الدولة، ثم يتم الكلام عن الحاجة إلى حجر مؤسسي في فنادق وتطعيم أسفل جسر!

- جامعات خاصة أنشأناها، دون أن يكون لدينا خطة حول تطوير التخصصات التي تطرحها، فهي ما زالت تطرح تخصصات تقليدية أصلاً متشبع بها سوق العمل، فما زلنا نشاهد التخصصات الهندسية والإدارية التقليدية في إعلانات البعثات الداخلية! نحتاج إلى علاج لقصر النظر الحكومي!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي