No Script

«الساحر» نتنياهو يتحدّث عن «احتيال القرن»

بينيت ولابيد... «الكثير من العقبات» أمام «التغيير»

بينيت ولابيد... ومهمة الإطاحة بنتنياهو
بينيت ولابيد... ومهمة الإطاحة بنتنياهو
تصغير
تكبير

ظل بنيامين نتنياهو لفترة طويلة، الوجه المألوف لإسرائيل، بعدما تولى منصب رئيس الوزراء لأكثر من عقد، وظل محتفظاً به في مواجهة لائحة اتهام جنائية وأربعة انتخابات في العامين الماضيين وحدهما.

أما الآن، فالسؤال المطروح هو: هل لا يزال نتنياهو البالغ من العمر 71 عاماً، والذي يطلق عليه معجبوه لقب «الساحر»، يحمل أي أوراق رابحة في جعبته.

فبعد سنوات من الهيمنة شبه الكاملة على السياسة الإسرائيلية، قد يكون تحالف واسع ناشئ من المعارضين على وشك الإطاحة به.

لكن هذا التحالف لا يزال يواجه «الكثير من العقبات»، بينما يتوقع معلقون معركة مريرة في الفترة المقبلة.

وقال زعيم المعارضة الوسطي يائير لابيد، أمس، قبل يومين من الموعد النهائي لتشكيل حكومة «التغيير»، «ربما يكون هذا جيداً وبمثابة أول اختبار لنا لمعرفة ما إذا بإمكاننا إيجاد حلول وسط ذكية في الأيام المقبلة لتحقيق الهدف الأكبر».

وحظي زعيم حزب «ييش عتيد» لابيد، الأحد، بدعم القومي المتشدد رئيس حزب «يمينا» نفتالي بينيت، لتشكيل حكومة تضم أطرافاً مختلفة أيديولوجياً، في حين ردّ نتنياهو، سريعاً على ذلك، قائلاً، إن «بينيت يهرول نحو حكومة يساريّة لأنه يعلم أنه سيُباد» في حال أُجريت انتخابات.

ويجب أن يتم الاتفاق، الذي سيتولى بموجبه بينيت رئاسة الوزراء أولاً في تناوب مع لابيد على المنصب، في موعد نهائي أقصاه منتصف ليل الأربعاء (2200 بتوقيت غرينتش).

ونتنياهو، هو الشخصية السياسية المهيمنة في جيله، وليس لدى خصومه الكثير من القواسم المشتركة، بخلاف رغبتهم في الخروج من ظله ومن فترة اضطراب سياسي غير مسبوقة.

«احتيال القرن»... هكذا وصف نتنياهو بغضب المشهد بعدما انقلب اليميني بينيت عليه، رغم وعده علناً بأنه لن يفعل ذلك.

وبينما ظل حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو مخلصاً له، فإن جدعون ساعر، المنشق عن ليكود، أبدى استعداده للانضمام إلى الحكومة الجديدة رئيسا لحزبه «أمل جديد».

وقال معلقون سياسيون إن السكاكين السياسية تنتظر نتنياهو، منذ فترة.

واتسم رد لابيد بالتحفظ.

وقال في خطاب بثه التلفزيون «بعد أسبوع من الآن، يمكن لدولة إسرائيل أن تدخل عهداً جديداً. ستنعم فجأة بقدر أكبر من الهدوء.

سيذهب الوزراء لأعمالهم من دون تحريض... دون كذب... ومن دون محاولة بث الخوف طوال الوقت».

ورغم أن لابيد وصف بينيت، قائلاً «صديقي، رئيس الوزراء المكلف»، وعبر عن أمله في التوصل لاتفاق معه قبل يوم غد، فقد حذر «لا تزال هناك العديد من العقبات في طريق تشكيل حكومة جديدة».

وفي صباح اليوم التالي لتحرك بينيت ضد خصمه اليميني، انقسمت التعليقات السياسية في شأن كل شيء، عدا حماقة فكرة إقصاء نتنياهو.

وكتبت سيما كادمون في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، واسعة الانتشار، «حدث أمس (الأحد) أمر لا يمكن المبالغة في أهميته.

تهيأت فرصة حقيقية... حكومة بديلة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى».

لكنها أضافت «لم ينته الأمر بعد.

تلوح أيام طويلة سيفعل فيها نتنياهو قطعاً كل شيء لتحويل الزخم».

وخرجت صحيفة «إسرائيل هايوم»، الموالية لنتنياهو، وهي تحمل عنواناً رئيسياً ضخماً، يقول إن بينيت وساعر في «خدمة اليسار».

وتفاقم الإحساس بأن نتنياهو يلعب في الوقت الضائع بعد 12 عاماً متتالية في المنصب بسبب محاكمته الجارية بتهم الفساد.

وتنطوي القضايا على اتهامات بتقديم خدمات لأباطرة وسائل الإعلام والحصول على هدايا باهظة من السيجار والشمبانيا بشكل غير قانوني.

ونفى نتنياهو ارتكاب أي مخالفات.

وقال من دون تقديم أي دليل، إنه ضحية مؤامرة دولة عميقة ضده.

لكن معلقين سياسيين يحذرون من أن نتنياهو لم يخرج بعد من المشهد.

وكتب آلوف بن رئيس تحرير صحيفة «هآرتس»، اليسارية «لا يزال من السابق لأوانه الإعلان عن انتهاء عصر بيبي في السياسة الإسرائيلية.

ولكن إذا تحقق تغير في نهاية المطاف، فإن نتنياهو سيخرج من الصورة بسبب زملائه في اليمين الذين ضاقوا ذرعاً بقيادته».

نتنياهو المعروف شعبيا بلقب طفولته «بيبي» هو ابن مؤرخ والتحق بالمدرسة الثانوية والجامعة في الولايات المتحدة، حيث كان والده يعمل أستاذا.

ومنذ بداية مشواره، كان صوته الجهوري مسموعاً على المسرح العالمي منذ شغل منصب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة من 1984 إلى 1988.

ودخل معترك السياسة في إسرائيل كنائب من «ليكود» وأصبح زعيماً للحزب في 1993.

وكانت آخر مرة خسر فيها نتنياهو رئاسة الوزراء، في ولايته الأولى، قبل مطلع الألفية.

ويبدو من المستحيل أن يتكرر اليوم مشهد تسليمه للسلطة بصدر رحب بعد انتخابات عام 1999 لزعيم حزب العمل آنذاك إيهود باراك، في ظل هجوم نتنياهو المتكرر على منافسيه على وسائل التواصل الاجتماعي.

وخلال تغيير الحرس وقتئذ في مكتب رئيس الوزراء، ابتسم نتنياهو وزوجته سارة، وهما يتصافحان مع باراك وزوجته ويتحدثان بشكل ودي مع الزوجين.

أما هذه المرة، فإذا أوفى لابيد بموعد نهائي غداً لتشكيل حكومة جديدة، يتولى خلالها بينيت منصب رئيس الوزراء أولا في صفقة «تناوب»، فمن المرجح أن يكون نتنياهو في وضعية الاستعداد للهجوم عندما يتولى زعامة المعارضة.

وفي مؤشر على ما ستحمله الأيام المقبلة، ظهر نتنياهو عابساً على شاشة التلفزيون أمس، ليحذر من تشكيل «حكومة يسارية خطيرة».

وأعادت تصريحاته واستخدامه لمصطلحات مثل «احتيال القرن» إلى الأذهان اللغة التي كان يتحدث بها أقرب حلفائه الذي أطيح به كذلك من منصبه... الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

وقد يؤدي التكوين المتنوع لتحالف من أحزاب اليسار والوسط واليمين إلى وضع غير مستقر تحديداً في بلد تمزقه الانقسامات السياسية لدرجة أن انتخابات «الإعادة» باتت أمراً طبيعياً فيه.

ويريد كل من بينيت، وهو وزير دفاع سابق، ولابيد، وهو وزير مالية سابق، الاستثمار في قطاعي التعليم والصحة، والتصدي لأي مشكلات اقتصادية بسبب جائحة «كوفيد - 19».

لكن الائتلاف الجديد سيعني على الأرجح جموداً في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، مع وجود اختلافات واضحة في السياسة بين شركاء الائتلاف.

وأيد بينيت، ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية المحتلة، لكن حلفاءه المحتملين الذين يميلون إلى اليسار قد يدعون للتنازل عن أراضٍ للفلسطينيين.

وأشار مصدر مطلع، إلى أن بينيت ولابيد اتفقا على وضع تلك القضية جانباً.

وقال «لن تكون هناك عمليات ضم، ولن يكون هناك انسحابات بموجب وضع نهائي».

و«الوضع النهائي»، مصطلح ديبلوماسي لاتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، والذي توقفت المفاوضات في شأنه في 2014.

وفي حال فشل المعسكر المناهض لنتنياهو في تشكيل حكومة، يمكن أن يطلب 61 نائباً من الرئيس رؤوفين ريفلين تكليف عضو في الكنيست، رئاسة الحكومة.

أما السيناريو الثاني الذي يخشاه الناخبون فهو الدعوة لانتخابات جديدة ستكون الخامسة خلال عامين ونيف.

لكن بالنسبة للناخبين الموالين لنتنياهو، فإنه يظل زعيماً صاحب موقف قوي في ما يتعلق بالأمن ودرعاً في مواجهة الضغط، حتى من الرئيس الأميركي جو بايدن، لأي خطوات جريئة قد تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية.

وفي جنوب إسرائيل، ظل التأييد لنتنياهو قوياً حتى مع تعرض المنطقة مرة أخرى لهجوم صاروخي مكثف من حركة «حماس» في غزة.

وقال أحد السكان بلهجة خلت تماماً من السخرية على التلفزيون الإسرائيلي، بينما كان يقف خارج منزل والديه بعد أن أصيب للمرة الثانية بهجوم صاروخي خلال القتال الذي دام 11 يوماً في مايو الماضي، «الحمد لله أن لدينا رئيس وزراء قويا هو بيبي نتنياهو».

ولم يطرأ تغير يذكر على أسواق المال الإسرائيلية أمس، حيث استقر سعر الشيكل عند 3.25 أمام الدولار.

وبمجرد تشكيل ائتلاف حاكم، سيتوقع المستثمرون إقرار ميزانية الدولة لعام 2021. وتستخدم الدولة العبرية، حالياً نسخة معدلة بشكل متناسب من ميزانية 2019، التي كانت أُقرت في منتصف 2018، بسبب المأزق السياسي المستمر منذ عامين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي