No Script

حروف نيرة

الانتحار... حرية شخصية!

تصغير
تكبير

قَتْل الإنسان نفسه من أعظم الكبائر التي نهت عنها شريعتنا، يقول الله عز وجل: (ولا ‏تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) سورة الأنعام، ولا يُقبل على الانتحار إلا من قل إيمانه أو أصيب بضغوطات واضطرابات نفسية، أو الوقوع بالمضرات، أو الشعور بالظلم - أو هو أشد ما أصاب أبناءنا - مع عدم الرضا بالقضاء والقدر؛ فيظن أن الهروب هو العلاج والحل الأمثل لمشكلته، ولا يعلم آثار جريمته، بل إنه لم يتفكر في ما يترتب على فعله من عقاب عظيم من رب العالمين، وآثار جنايته على مجتمعه.

يقول المتخصصون في علم النفس إن من أسباب الانتحار التقدم في العمر، أو وجود مرض نفسي خصوصاً الاكتئاب، أو الفصام، أو الكحول، أو الطلاق أو الترمل، أو البطالة أو الانعزال الاجتماعي، أو النزاع الأسري، أو وجود مرض من الأمراض المزمنة.

ولكن المؤمن العاقل يفوض أمره إلى الله تعالى ولا ييأس من حياته بل يصبر ويثق بالله تعالى، وكما في الحديث الشريف (إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)، فإنه يصبر ويبذل الأسباب ويحافظ على نفسه، ولا ينسى التوجه إلى أهل الطب لعلاج ما أصابه من اضطرابات وفكر يؤدي إلى الانتحار، فإن سلامة المريض تستلزم توطيد علاقته بالطبيب النفسي المعالج، وكما قال أهل الطب: وعادة إدخاله إلى المصحة النفسية مع ملاحظة من الدرجة الأولى، واستخدام العلاج الدوائي كالمهدئات طويلة المدى أو مضادات الاكتئاب المهدئة، وكل ضرورة تقدر بقدرها طبقاً للطبيب النفسي المعالج، مع العلم أن المريض يستفيد بصورة كبيرة من العلاج النفسي من حيث السلوكي المعرفي والشخصي.

فالحقيقة أن غالبية من أقدموا على الانتحار، كانوا يعانون من أمراض نفسية كان بالإمكان علاجها، بل إن من كتبت له الحياة بعد محاولة الانتحار قد يكون ممتناً أنه لم يمت.

وينتشر بين عامة الناس أفكار ملتبسة لا بد من تصحيحها، ومن أهمها اعتقادهم أن التحدث مع مريض الاكتئاب في الانتحار يزرع الفكرة لديه، بينما الصحيح أن التحدث معه يجعله يرتاح بالتحدث عما يجيش بصدره، ويجعلنا نقدم له السند والدعم، ومما عمت به البلوى أن تسمع من يقول أن الانتحار حرية شخصية، وأن الانتحار حق أصيل للإنسان في تحديد مصيره، وأنها من حقوقهم طالما لا يتعدى على حرية الآخرين، واعتقدوا أن محاولة منعه ما هي إلا تطاول على هذه الحرية! والحقيقة أنها جريمة اجتماعية سببت أضراراً خطيرة على الأهل والصحبة والمجتمع، حيث إنها أثرت على عقول غيرهم فجعلتهم يُقبلون على تلك الجريمة، وأحزنت قلوب من أحبهم، ومن عاش في مجتمعهم.

وآخر القول إن كل إنسان مُعرّض للتعب كما في قوله تعالى: ( يأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه)، لكنه يصبر ويتفاءل، ولا ينسى قوله تعالى: (إن مع العسر يسراً)... اللهم ارحمنا واحفظ أبناءنا وارفع عنا هذا البلاء.

aalsenan@hotmail.com aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي