No Script

إطلالة

إساءات شربل وهبة!

تصغير
تكبير

لا أعلم مَن يدير سياسة لبنان اليوم، ومَن وراء الأزمات المتتالية فيه؟

فقد شاهدنا الكثير من المتغيرات والأزمات المتقلّبة واحدة تلو الأخرى، ورغم سخونة الأوضاع السياسية في المنطقة، إلا أن لبنان واجه أزمة غير متوقعة مع السعودية، كانت بدايتها مع أزمة الرمان المخدر الذي دخل السعودية مع صادرات الخضراوات والفواكه اللبنانية إلى بقية الدول الخليجية، ثم جاءت بعد ذلك أزمة سياسية أخرى تسبّب فيها وزير الخارجية اللبناني شربل وهبة، المعيّن في حكومة تصريف الأعمال، والذي ينتمي إلى تيار ميشال عون رئيس الجمهورية، حينما أطلق تصريحات عدة معادية للسعودية، وتمس تلك العلاقات الديبلوماسية مع دول الخليج، حيث اتّهم السعودية بدعم وتمويل تنظيم الدولة الاسلامية داعش الإرهابي، ثم إساءته للصحافي السعودي سلمان الأنصاري، على قناة الحرة التلفزيونية على الهواء.

تلك أفعال غريبة لم نتوقع أن يقوم بها شخص بدرجة وزير ويمثّل حكومة لبنان، وقد أثارت تصريحاته جدلاً واسعاً في جميع مواقع القنوات الإعلامية والتواصل الاجتماعي في لبنان والخليج - رغم العلاقات التاريخية الجيدة - وبالتالي كانت السعودية أكبر من هذا التصريح اللامسؤول حيث اكتفت بالتعبير عن الاستياء والغضب من هذا الموقف، الذي لا يمثل بالتأكيد لبنان ولا شعبه الخلوق، لذا سرعان ما أصدرت رئاسة الجمهورية بياناً دانَ كلام الوزير وهبة، وأكدت فيه أن تصريحاته تمثّل شخصه ولا تعبر عن توجهات الرئاسة أو غالبية الشعب الصديق، وكأن هذا البيان ما هو إلا رسالة اعتذار عما صدر منه، لأن رأيه الشخصي لا يرقى إلى أن يكون مشروع أزمة بين البلدين.

فما زال لبنان يعيد حساباته لاحتواء هذه الأزمة الطارئة، من خلال قبول استقالة الوزير شربل وهبة التي قدمها للرئيس ميشال عون سريعاً، حتى تم إعفاؤه من منصبه في وقت قياسي وعيّن زينة عكر نائبة رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع، لتكون بدلاً عنه بالوكالة.

نعم إنها خطوة إيجابية لاحتواء أزمة ديبلوماسية مع السعودية وبقية دول الخليج الأخرى، قبل أن تتسع فجوة الخلاف، فما زال لبنان يسعى إلى تشكيل حكومة متوافقة وفق محاصصة توافقية لحلحلة القضايا المحلية المتراكمة، والبحث عن سبل تحسين علاقاته بدول الخليج، بحثاً عن إمكانية الحصول على مساعدات مالية وسياسية، تنتشله من الفشل السياسي والانهيارات المالية والاقتصادية، بعد أزمة التفجيرات الأخيرة التي هزّت ميناء بيروت، غير أن البيان الذي أصدره مجلس التعاون الخليجي أخيراً كان بمثابة الكرت الأحمر، والذي أفاد بأن التصريحات التي أدلى بها الوزير وهبة تتنافى مع أبسط القيم والأعراف الديبلوماسية، وبالتالي يطالبه بتقديم اعتذاره رسمياً لدول مجلس التعاون وشعوبها، نظير ما بدر منه من إساءات غير مقبولة على الهواء.

كما ندّدت كل من الإمارات والبحرين والكويت بهذه التصريحات، وما تضمنته من عبارات غير لائقة، وفي مقابل ذلك قال الرئيس اللبناني ميشال عون إن بلاده أيضاً لن تقبل بأن تكون معبراً لمن يريد أن يسيء إلى السعودية وبقية دول الخليج.

إن إساءات الوزير شربل وهبة، هي مجرد هفوة متسرّعة تعبّر عن غضب تياره - الذي يترأسه الرئيس عون - على السياسة السعودية التي تعترض على سياسة لبنان الحالية، في ما يخص التدخلات الإيرانية والتقرّب منها أكثر من اللازم، ولكن في النهاية تبقى إساءات وهبة بمثابة «السقطة» التي لن تمرّ مرور الكرام، طالما أنها تسيء إلى قواعد الإخوة والمصالح العربية والخليجية المشتركة.

ولكل حادثٍ حديث.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي