No Script

ألوان

رسالة إلى الشباب الكويتي (3)

تصغير
تكبير

أتحدث في رسالتي الثالثة إلى الشباب الكويتي عن ضرورة اختيار القدوة، فبالنسبة لنا - بصفتنا مسلمين - فإن المسألة محسومة، كون الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، هو قدوة كل مسلم، لذا علينا الاجتهاد في مسايرة مناقبه، وإن كنا مقصّرين فنحن نخطئ وننسى، ولكن علينا أن نستمر في محاولة اتباع خلقه عليه الصلاة والسلام.

ومن بين الأمور المهمة التي يجب أن نهتمّ بها كثيراً، ضرورة اتباع السلوك الحضاري في التعامل مع الاخرين، خصوصاً الوافدين من عرب ومسلمين وأجانب يعيشون بيننا منذ سنوات، وبالتالي علينا أن نحسن معاملتهم من دون تكلف، وألا نسمح لبعض التصرفات السلبية من القلة، لتكون هي الصورة السائدة بين الوافدين، بينما هناك الكثير من النماذج الإيجابية التي يجب أن نعمل على تأصيلها.

ومن أهم الفئات التي أشير إليها في التعامل، هم فئة عمال وعاملات المنازل والسواقين ومن في طبقتهم، فهم يعيشون في بيوتنا، وبالتالي فهم ضمن أفراد العائلة، وعلينا أن نهتم بهم ونحسن معاملتهم ونوفّر لهم الحياة الكريمة، وعلينا أن نتذكر أنهم تركوا أهاليهم لتوفير لقمة العيش الكريمة لأسرهم، فكم من عاملة منزل تركت زوجها وأولادها وكم من سائق ترك زوجته وأولاده، لذا علينا أن نحنّ عليهم وألا نضربهم أو نعنفهم ولو بالقول، ولنا بالنبي الكريم قدوة الذي كان أفضل من يحسن التعامل مع خدمه، وهم كثر ومن بينهم وأشهرهم الصحابي أنس بن مالك، الذي أكد أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - ما قال له عن شيء صنعته ِلمَ صنعت هذا هكذا؟ ولا قال لي لشيء ِلمَ أصنعه إلا صنعت هذا هكذا، وما ضرب منهم أو أهانهم وكان يدعو لهم ويصفهم بإخوته، وكان يعاملهم كما يعامل الإنسان أخاه في جميع المجالات، سواء في الطعام أو الحوار أو اللباس وغير ذلك، ولا يتكبّر عليهم، وكان يأمر من ضرب خادمه أن يعتقه.

ومن جهة أخرى، علينا أن نكون عند حسن ظن الناس بنا، فالناس عندما يرون سلوكاً سيئاً من شاب كويتي إنما يقولون هذه تربية والديه، لأن الشاب يحمل اسم أسرته، وقد تكون أسرته كريمة لا ترضى بسلوك ابنها السيئ، كما علينا أن ننظر إلى نقطة مهمة، وهي عندما يعود هؤلاء الناس إلى بلادهم فما الصورة التي لديهم عن بلادنا وعن شعبنا، فهل هي صورة إيجابية محملة بالحب والذكريات الجميلة، أم أنهم يعودون وهم يحملون الكره والحنق لنا ؟ وهناك نقطة أخرى خاصة بـ «محدثي النعمة»، الذين يسيئون معاملة الوافدين الذين لا يفرقون بينهم، فهم يرتدون الزي المحلي ويتحدثون اللهجة الكويتية، وبالتالي يعتقد الوافدون أن كل الكويتيين هكذا، وتلك نقطة مهمة لأننا ندرك تماماً أن سياسة التعميم على الشعوب هي نظرة غير عادلة.

وهناك فئة من الشباب تقوم بتقييم الإنسان من خلال جنسيته أو طائفته أو لون بشرته، وتلك آفة كبيرة في المجتمع، وها هو رسولنا الكريم يقول في حديث شريف: «لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى، الناس من آدم وآدم من تراب»، وعلينا أن نتذكر أن من بين الصحابة من هو فارسي ورومي وأسود، وبالتالي فإن الرسول عليه السلام وضع منظومة إنسانية عادلة يجب أن نحتذي بها، فما بالنا لا نلتزم بما أمر به الرسول عليه السلام، خصوصاً أن ديننا الإسلامي الحنيف وضع القوانين، التي تضمن حقوق الإنسان للمسلمين ولغير المسلمين - الإنسانية - قبل أن ينادي بها العالم الغربي، فنحن سفراء لأسرنا ولبلدنا أمام من يعيش معنا، وعلى المحبة نلتقي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي