No Script

قيم ومبادئ

سرّاق المال العام في التاريخ

تصغير
تكبير

جاء في المثل وما آفة الاخبار إلا رواتها... يعاني اليوم كثير من المجتمعات من تسريبات لمجالس ضمت نخباً اقتصادية أو سياسية او متنفذة في الأحزاب أو المعارضة أو الحكومة! وإذا هم يخوضون في أمور يجب ان تبقى في نطاقها (فليستتر بستر الله)، ولكن العالم تفاجأ بأن هذه الأسرار تم الكشف عنها وترتب عليها ما ترتب من آثار، وجاء السياسيون ومصالحهم الخاصة واهتبلوها فرصة سانحة للمزايدة وإظهار العنتريات، وهاج الناس وماجوا حتى لم نعد نعرف مَنْ مع مَنْ؟ ومَنْ ضد مَنْ؟

وكل يوم نشهد جديداً من الأسرار أو قل الخيانات ومع أجواء إطلاق الحريات الشخصية ورغبة الشباب في متابعة كل جديد وتسابق وسائل الإعلام للفوز بالسبق الإعلامي (ضاعت الصقلة).

وغياب أو تأخر الناطق الرسمي للحكومة، أصبحت الساحة متاحة لكل رويبضة نصب نفسه للإفتاء بالشأن العام، يسرح ويمرح ويقرر ويفصل دون حسيب ولا رقيب، بناء على هذه التسريبات، ولكننا نعرف تماماً أمانة نقل الحديث فهو علم شريف يناسب مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، فهو من علوم الآخرة لا من علوم الدنيا.

فمن أراد نصح الأمة وتذكيرها بثوابتها أو إفادة الناس بشيء من علمه، فليقدم تصحيح النية ويطهر قلبه من الأغراض الدنيئة، وليحْذر بلوى حب الرياسة ورعونتها، وليعلم قبل أن يتكلم أن عليه أن يتمهل فإن كان كلامه خيراً فليقله وإن كان شراً فلينته عنه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، والثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون والمتكبرون ما أكثر خطلهم وما أكثر أتباعهم في الوقت نفسه، وهؤلاء لا يكاد يُعرف عنهم حفظ الأسرار وإذا حدثك أخوك ثم التفت يمنة ويسرة، هل في أحد؟ فمعناه أن الحديث بينكما أمانة يجب حفظها.

كما أن رفع الصوت في كل شاردة وواردة ليس شجاعة سياسية، فلو كان خيراً ما جعله الله سبحانه للحمير! (إن أنكر الأصوات لصوت الحمير)، بالإضافة إلى التشدق بالقانون والتقعر في الكلام وتكلف الفصاحة الدستورية، فتجد أحدهم يلفُّ الكلام لفاً، كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفاً، فهذا شأن من يتفاصح في البلاغة.

والحقيقة التي لا يمكن تجاهلها، أنه لا يخلو عصر ولا مصر من سرّاق المال العام، حتى في عهد الإسلام الأزهر، ولما تولى عمر بن عبدالعزيز سُدَّة الخلافة أول عمل قام به إرجاع مظالم بني أمية إلى بيت المال، وهي أموال أخذوها من غير وجه حق، ثم دالت دولة بني العباس، التي تدهورت في آخر عهدها بالمكوس والضرائب وظلم الرعية من الأمراء والقضاة وغيرهم، ثم قامت دويلات الطوائف هنا وهناك، كلٌّ يستأثر بناحية ويستولي على خيراتها في العالم الإسلامي الواسع، وصولاً إلى الدولة العثمانية التي زاد مرضها في آخر عصرها بالرشاوى وأخذ أموال الناس بالباطل، وانحرفت انحرافاً كبيراً عن الشريعة، وتمهد آنذاك لظهور الليبرالية والعلمانية وتقبلها أبناء السلاطين بقبول حسن، فكانت نهاية هذه الدولة في التاريخ !

ولم يكن المال قضية الإسلام الأولى، وإنما المحافظة على الدين والتوحيد، ثم المحافظة على النفس ثم العقل ثم العرض، وأخيراً المال هذه الضرورات الخمس رتبها الله تعالى بحسب أهميتها واولويتها.

الخلاصة نعيش اليوم انتكاس الموازين، فأهملنا التوحيد وتساهلنا في إراقة الدماء بثورات الربيع، وصمتنا صمت القبور عن جرائم المخدرات والشذوذ والخمور، ثم بعد ذلك نتنادى بالإصلاح السياسي !

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي