مشاهدات

استردّ الله الأمانة... يا مهدي

ولدي العزيز المرحوم والمغفور له بإذن الله تعالي مهدي... كنت معنا في المنزل لأيام معدودة بعد عودتك من السفر، أحييت ليالي القدر بالعبادة وقراءة القرآن والدعاء، وجلسنا معاً حول مائدة الإفطار ثم السحور، تسامرنا بالأحاديث الشيّقة، خصوصاً وقد كنّا وقتها في الليلة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وطلبت الإذن بالمغادرة في أول أيام العيد، مع بدء سريان إلغاء الحظر الجزئي، للقاء زملائك في تمام الساعة الواحدة صباحاً.

وبعد مرور دقائق معدودة تعرّضت لحادث مروع، لتفيض على إثره روحك النقيّة إلى بارئها. ولدي المرحوم مهدي... مصابنا كبير وحزننا عظيم، وكان العزاء الوحيد الذي قلّل من هذا المصاب ما شاهدته من مواساة محبيك الصادقة من زملائك المبتعثين معك للدراسة وأسرهم الكريمة، وما سمعته من إشادة وذكر مواقفك الصادقة معهم، سواء بالتواصل والتعاضد والتعاون، وتقديم العون وتذليل العقبات التي قد تواجههم كطلبة في الغربة، ومحبتك للوطن وإصرارك على تعليق علم الكويت في صالة مسكنك.

فإن الجميع قد أجمع علي حسن أخلاقك وطيبة قلبك وابتسامتك التي تبثّ التفاؤل في قلوب الآخرين، فسكنت مشاعرهم حيّا فلم ينسوك ميّتاً.

ولدي مهدي...رحلت وتركت الأثر الطيب والذكرى الجميلة من المناقب رغم صغر سنك ورحيلك السريع، وأنت في ريعان شبابك، فجاءت كلمات المواساة من إدارة مدرستك الثانوية (أحمد البشر الرومي)، ومن قنصل السفارة الكويتية في دبي، الذي كان له الدور الفاعل عندما قامت الكويت بعملية الإجلاء لمواطنيها من شتى دول العالم، والذي أشاد بحسن خلقك، وأنك كنت على تواصل مستمر مع الجميع.

كما ساهمت يا ولدي في مدّ جسور المحبة مع الطلبة من الكويت والسعودية والإمارات والبحرين وعمان والدول الأخرى.

كل ذلك كان له الأثر الكبير في تخفيف الحزن الكبير بفقدانك.

يا مهدي... غادرت أسرتك الصغيرة، وذهبت إلى أرحم الراحمين، كي تبقى إرادة الله فوق كل شيء.

وليس لنا إلا التسليم بإرادة الله، بعدما استُرِدّت الأمانة، ونحمد الله أننا قد وفّقنا في التربية الصالحة لولدنا الغالي مهدي رحمه الله، لما يرضي الله. إنّا لله وإنّا إليه راجعون.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي