No Script

رؤية ورأي

الاعتصام التضامني والمهادنة المقنّعة مع الحكومة

تصغير
تكبير

يُعدّ العفو الشامل قضيّة محوريّة في أجندات المجاميع والكتل البرلمانية منذ مجلس 2016. فتكتّل المعارضة يتبنّى منذ حينه صيغة انتقائية للعفو، شمل المدانين في قضايا أمنية مرتبطة بحراك الربيع العربي في الكويت، واستبعد المدانين في قضايا أمنية ذات علاقة غير مباشرة بالاقتتال في عدد من دول المنطقة.

في المقابل، الحكومة - ككتلة برلمانية - ترفض العفو الشامل عن الفئتين.

وبين مساري المعارضة والحكومة يوجد مسار ثالث يطالب بمعاملة الفئتين المدانتين بمسطرة واحدة في أي مشروع عفو شامل توافق عليه الحكومة.

في المجلس الحالي - وبعد أن فشل تكتّل المعارضة في فرض العفو الشامل الانتقائي على الحكومة - انقسم التكتّل إلى مجموعتين: الأولى تمسّكت بخيار العفو الشامل واستمرّت بنهجها الصدامي مع الحكومة، والثانية - حسب رأي مراقبين - نجحت في إقناع الحكومة بخيار العفو الخاص بنسخة مطوّرة مقابل المهادنة معها بمنهجيّة مقنّعة.

المجموعة الأولى استغلت مكمن ضعف المجموعة الثانية (المهادنة المقنّعة مع الحكومة) فقادت الأولى تكتّل المعارضة من دون استشارة الثانية ومن غير التنسيق المسبق معها.

فسلبت إرادتها السياسية بدرجة شبه كاملة، وجعلتها تابعة لها في العديد من المناورات البرلمانية، ابتداء من الاستجواب الأول الذي قدّمه نوّاب من المجموعة الأولى إلى رئيس الحكومة وتسبب في استقالة الحكومة، وصلاً إلى مقاطعة جلسة قسم الحكومة الحالية.

التباين بين موقفي المجموعتين من الأداء الحكومي انكشف مرة أخرى، في تصريحات عدد من نوّاب المجموعتين في شأن إجراءات وزارة الداخلية، لمنع تنظيم الاعتصام التضامني مع فلسطين في يوم الإثنين الماضي.

ففي حين أعلن ثلاثة نوّاب من المجموعة الأولى (الدكتور عبدالكريم الكندري وثامر السويط وخالد مونس) استجواب وزير الداخلية على خلفية موقفه من تنظيم الاعتصام السلمي، اكتفى أحد نوّاب المجموعة الثانية بانتقاد الوزير بعبارات شديدة.

حيث صرّح أن قرار الوزير برفض التجمّع قرار «غير قانوني ولا دستوري ولا أخلاقي»، ولكنه لم يُشر إلى أي تبعات لذلك القرار.

بل إنه أنهى تصريحه بإبداء الرضى عن ما آلت إليه الأمور، حيث أكد أن إجراءات الداخلية لم تمنع المعتصمين من تقديم رسالتهم.

وهذا خلاف ما تضمّنه بيان القوى السياسية الكويتية التي دعت إلى تنظيم اعتصام آخر بعد يومين من الأول، في مساء أمس الأربعاء.

تجدر الإشارة إلى أنه في سابقة مقاربة، وهي تنظيم تجمّع تضامني مع النائب السابق الدكتور بدر الداهوم، هدّد النائب المشار إليه باستجواب رئيس الحكومة إذا تم التحقيق مع رئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون على خلفية مشاركته في التجمّع.

لست بصدد الانتقاد أو الثناء على أداء نوّاب مجموعة المعارضة الثانية ولا الأولى ولا غيرهم، ولكنّني حريص على كشف التشويه الذي طال بعض مبادئ العمل البرلماني من قبل نوّاب ونشطاء يدّعون تبنّي الإصلاح، وتحديداً تشنيع مبدأ التعاون بين النوّاب والحكومة.

المادة رقم (50) من الدستور تؤكّد على أن نظام الحكم في الكويت يقوم على أساس التعاون بين السلطات الثلاث المنفصلة.

وليس هناك ما يُعيب النوّاب إذا تحالفوا مع الحكومة على برنامج عمل «إصلاحي وتنموي»، يتضمن تحقيق بعض أولوياتهم الوطنيّة المتوافقة مع المبادئ والقيم الدستورية.

المعيب هو عرقلة برنامج عمل الحكومة بشكل كلّي أو جزئي لا لخلل فيه بل لمجرّد الضغط عليها لإرغامها على الاستجابة لمطالبهم.

والأشدّ عيباً هو أن تتضمن تلك المطالب مصالح شخصية أو فئوية غير دستورية من حيث المبدأ أو الصياغة، أو أن يكون أحد تلك المطالب هو حرمان شريحة من المجتمع الكويتي من أحد حقوقها الدستورية، بقصد الانتقام منها على موقفها في حراك سنة 2011... «اللهم أرنا الحقّ حقّاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي